بداية النشر | بقلم : عادل الزين
لازالت تداعيات الخرجة الاعلامية الاخيرة لرئيس جماعة مكناس تثير المزيد من ردود الفعل داخل الاوساط المكناسية و غيرها المستغربة تارة و المدافعة تارة اخرى و الحانقة في الكثير من الاحوال ، التداعيات هاته لم تكن نتيجة القيمة الاعلامية للخرجة و محتواها التنويري لساكنة الحاضرة الاسماعيلية كما ينبغي ان تكون خرجات المسؤولين العموميين بل نتيجة ما مرره الرئيس من اوصاف لا تليق و الفعل السياسي لكل منتقديه و مناوئيه ، ليجعل بذلك من اللقاء الاعلامي مطية ثمينة لتوصيف المعارضين تارة بلفظ “الكلب” و تارة اخرى ” باسيادك ” مما يثير الحفيظة المكناسية المجبولة على النقاء و صفاء السريرة .
لن نعطي للامر اكثر من حجمه و لن نضخمه اكثر مما هو عليه لكن وككل المكناسيين و ابناء مكناس الغيورين على عاصمة مولاي اسماعيل و لا نسحب مشاعر الغيرة هاته و الحب للحاضرة الاسماعيلية من غير ابنائها ولانلغيها خاصة من لدن من علاقته بمكناس “اكبر من عمرنا” لكن هاته العلاقة تتجذر و تتعمق و تتاصل تبعا للتاريخانية و لشجرة العائلة و الاجداد و المولد و و الانتماء للاحياء المكناسية و ازقة الصبا اكثر من تعلقها بالجانب السياسي و النضال الطلابي و التحصيل العلمي و المهني وهو الشيء الذي لم يؤكده صراحة اللقاء الاعلامي بان يقول الضيف مثلا : ” صحيح انا لست ابنا لمكناس ” بل سار الحديث نقدا و انتقادا لكل من يقترب من هذا المضمار و كان ابناء مكناس هم الغرباء عنها ، و استسمح هنا ان امرر خاطرة تخرجنا من لبس الانتماء لمكناس فحقيقة مكناس كالقدس في شعر تميم البرغوتي حين يقول :
“فالقدسُ تقبلُ من أتاها كافراً أو مؤمنا”
كذا هي مكناس الشامخة باهلها و تاريخها ومغربيتها تقبل من أتاها كافرا أو مؤمنا على حد سواء
أُمرر بها _يضيف تميم _ واقرأ شواهدَها بكلِّ لغاتِ أهلِ الأرضِ
فيها الزنجُ والإفرنجُ والقِفْجَاقُ والصِّقْلابُ والبُشْنَاقُ
والتتارُ والأتراكُ، أهلُ الله والهلاك، والفقراءُ والملاك، والفجارُ والنساكُ،
فيها كلُّ من وطئَ الثَّرى
كانوا الهوامشَ في الكتابِ فأصبحوا نَصَّ المدينةِ قبلنا.
وجب علينا كمكناسيين أولا و كإعلاميين ثانيا نتيجة الخرجات الغير محسوبة العواقب ان ننبه الى سقوط العمل السياسي بالحاضرة الاسماعيلة الى حضيض الملاسنات و الحروب الكلامية التافهة بعيدا عن تنفيذ البرامج السياسية و الانتخابية المزعومة . كان حريا على الرئيس ان يستغل اللقاء لتنوير الراي العام حول مآلات المشاريع و سيرورتها بذل الهروب الى لغة الشعر و الشعراء و الانتقاء من شعرنا العربي ما يساير اهواء الزعامة و يكشف في نفس الآن عن مكنونات صدر الرئيس تجاه النقد ، كل النقد ، مع ان البيت الشعري المختار من قبل الرئيس يبقى في نظري الشخصي اتفه ما قيل في الشعر العربي اذ ان القام الحجر كل الحجر للكلاب لن يصير بذلك مثقال الحجر الدينار، ابدا لا عقلا و لا منطقا و لا حسا و لا معنى ، لا يعقل هذا و انما الدافع الى ذلك قلة حيلة الشاعر و شح المعطى لديه لمنافحة خصومه جعلته يهرب بهاته الكلمات المنمقة على سبيل الحكمة و لا وجه للحكمة في ذلك لا من قريب و لا من بعيد ، اضف الى ذلك ان المطالبة باستقالة الرئيس لم تكن تحتاج الى المزيد من الدراسة و التحصيل العلمي وانما ابصار لمجريات الامور و التدبير و التسيير وكم مرة و في لقاءات سابقة وضعتم السيد الرئيس استقالتكم في مقابل اثبات الشيء المخالف لما انتم بصدده او قمتم بانجازه ، فاذا كان امر الاستقالة بهذا القدر من الرهبة و العظمة فلما كنتم فيما غير مرة تعلنوها على الملأ كما هو شان اعلان “الطلاق” الثلاث في مجتمعات عربية شقيقة ، و ابدا لم تكن ولن تكون “سيدا ” لمن يطالبك بالاستقالة فالتسيير الجماعي العمومي السيد الرئيس هو تكليف ووضع ثقة لا علاقة له بالسيادة ابدا وجب عليكم السيد الرئيس سحب ما تفوهت به تجاه من تقصده ممن طالبك بالاستقالة او توجيهها له مباشرة دون تمريرها على الرؤوس بتلك القوالب الكلامية الفارغة المثيرة للشك و الريبة في نفوس المتلقين ، للاستقالة اهون من ان تتسيد على رعايا صاحب الجلالة أمير المؤمنين محمد السادس نصره الله مهما بلغ امر الانتقاد و المطالبة ، وانت لست الا (رئيسا خادما) لمكناس ولست ولن تكون (رئيسا سيدا) لمكناس وهذا من بديهيات العمل السياسي و صميم المسؤولية العمومية .
لن اطيل اكثر لاني مذ جلست امام جهاز الكمبيوتر في بداية هذا “النشر” علمت ان الكلام سيطول و لن ينتهي و ان كتبت فصولا و فصولا لقراءة كل دقائق اللقاء ، و تصاعد الانفاس ، و انحباسها ، و البداية المتشنجة ، و الصداقة الاعلامية المزعومة ، و عدم الرد ، و الرد ، و انهم يكذبون .. كل هاته التفاصيل الصغيرة لن انتهي من مقاربتها جميعا مع ان من العيب الاعلامي المشين ان تمر كل هاته الترهات و التفاهات من خلال لقاء صحفي و جلست “صاحبة الجلالة” عاجزة عن وضع حد للمهزلة تاركة سيل الاوصاف القدحية يمر مرار اللئام من امام عينيها ولم تسجل السلطة الرابعة في ذلك ولو تدخل بسيط لوضع حد للمهزلة و لو على سبيل الاشارة
ختاما السيد الرئيس إن برنامجكم وحده كفيل ان يسائلكم اليوم و لا تحتاجون للأسئلة ونحن على مشارف سنة 2021 و ما تحمله من رموز و دلالات لرؤيتكم التنموية لمكناس و برنامج عملكم الجماعي :
اين هي مكناس اليوم كمدينة موجهة نحو التعليم و الصحة و الرياضة و الابداع في الثقافة ؟؟
اين هي مكناس اليوم كمدينة جذابة و بيئة معيشية احسن؟؟
اين هي مكناس اليوم كشريك في التنمية الاجتماعية و الاقتصادية المحلية؟؟
اين هي مكناس اليوم كمدينة نحو تنمية مخطط لها؟؟
لن نطالبكم بان تؤكدو لنا انه فعلا “صحيح ان مكناس تعاني من مشاكل ” فان دوركم في التسيير العمومي ليس هو التأكيد على وجود اختلالات و مشاكل و معوقات بل هو ايجاد حلول لها والا فانتم طرفا في هاته المشاكل و الاختلالات و المعوقات
اين هي مكناس اليوم السيد الرئيس من مرتكزات رؤيتكم التنموية للحاضرة الاسماعيلية الموسومة بـ “رؤية 2021” و لنترك الشعر و الكلاب و الحجر بعيدا و لنهتم قليلا بالبشر.
بقلم : عادل الزين مدير النشر