آخـــر الأخبــــــار

كلمة الشاعر إدريس الرواح في حق “الأقحوانة أمينة السحاقي” الأديبة والشاعرة والإنسانة

أمينة السحاقي ، الأديبة والشاعرة والإنسانة كما قدمها الشاعر ادريس الرواح في ليلة الإحتفاء بها ضمن فعاليات مهرجان “عبير القنيطرة” 

بقلم الشاعر ادريس الرواح 

* أمينة السحاقي، الأديبة والشاعرة والإنسانة:
مساءٌ يكبر بالعشق الذي هو الحياة وأصل الكون.
—————-
ومن حيث لا أدري، تجسدتْ أمامي لوحة فنية بهية المحيا في فستان من قصيدة، وكشمسٍ خلف غيم بدتْ، كمن منح الأناقة اسمها ومعناها …
وأنا أمر بالقنيطرة الفاتنة العاشقة للحياة في عز حرارة المَناخ، رأيت غيمةً هناك وقدِ امتلأتْ مطراَ.
وعلى ربوع ضفاف سبو، أرى الشاعرة والكاتبة أمينة السحاقي، أنها لم تكن فقط قطرة ماء من سماء الوطن على أرض القنيطرة، وإنما يحِق لها ( القنيطرة )، أن تكون واحدة من بين المدن، أكثر سعادةً وهي تلبسُ الجمالَ لقامة إبداعية تشعُّ تألقاً وألقاً في مجال الكتابة، وكثير كثير من الإسهامات في المجال.
لقد كنتُ أكثر حظاً وأكبر شغفاً، حين تمكنتُ من التعرف عن كثب، على الأستاذة أمينة السحاقي ذات شِعر بفاس، ومن ثمةَ ربوع الوطن العزيز، وهي الرفيقة والصديقة والمناضلة وقتها بذات الهوية ونفس الانتماء، وقتئذٍ، رأيت في المرأة ما لم تراه عيناي من قبلُ، من صفات الحب ونُبلِ القِيَم وسموِّ الأخلاق وعلوِّ الثقافة وصفاءِ الفكرِ وهلمَّ جمالاً ونضالاَ.
وكم كان وميضُ لغتها يفتنني، يسحرني بل ويدهشني فيحملني هسيسُ صوتها على جناح يمام أبيضَ كالحب، خفيف كالظل، شفيف كالحنين إلى أبعد ما في نبض الكيان وأعمق .
لقد عرفتُ في أمينة السحاقي وهي المتحدثة الفصيحة لغة موليير، عرفتها شاعرة أنيقة في كتابتها، أنيقة في حديثها، أنيقة في سلوكها، أنيقة في أخلاقها، وهي المثالية والحالمة بكل مواصفات وصفات الجمال الذي لا نستطيع العثور عليه إلا داخل قصائد الشعر وبساتين الورد، وفساتين الفرح .
حقاً، تستحق هذه السيدة النموذج في العطاء والسخاء والكرم، أن تكون المثل الأعلى والقدوة الجَذلى في كل مناحي الحياة.
وشخصياً كلما شعرت بأني لست على جمال حال وصفاء ذهن، أسرق منها مساحة كبرى من الطاقة الإيجابية وهي الحكيمةُ في القرار والاختيار.
لذلك أيها القارئ والمتلقي، إذا تسرب إليك الجمال والبهاء والحب من بين فجوات بعض الأشعار، ومن حيث لا تشعر، فاعلم وقتها حتماً، أنك ستجد نفسك متذوقاً للفن عاشقاً له، وشارباً من معينه كؤوسا دهاقا …،
وأنت تنصتُ إلى طريقتها في الإلقاء والتعبير بأمسية شعرية ما، فإنك كذلك، ستجد نفسك مقحَماً طواعيةً ودون سبق إصرار وترصد في لعبة الحب، حيث نصوصها الشعرية والروائية على حد سواء، تنمُّ على أنها امرأة جاءتنا من زمن الحب، عاشقة للحياة، تشرب من رحيق الورد والياسمين، حبلى ببديع الصور والرمز والإيحاء وجمال الكلمات ورونق العبارات التي تعكس نقاء فكرٍ وطهارة روحٍ واكتمال نشيد الفرح والحياة…، كل ذلك وغيره، يدفعنا الى ارتشاف نفَسِها الشعري الباذخ في حوار كلي مع الذات المبدعة الباحثة باستمرار عن معاني الحب وقيم الجمال في لوحات إبداعية جميلة سلسة ترسم بوحها بإحساس شهيٍ نقيٍ، وبنشوة إبداعية كبيرة.
هكذا هي أمينة اسحاقي، سيدة من زمن الحب والجمال كما نسميها شِعراً.
* أمينة الشاعرة:
وأنا أتجول من حُلم إلى آخر ، وأنا أتحول من مكان الى آخر ، ومن حقل شعري الى رياض آخر، ومن ” همسات الأقاحي ” ديوانها الشعري، إلى ” ماريا والبحث عن الطريق المفقود ” روايتها، مرورا عبر الشذرات، كانت تسكنني نشوة الانتماء الى كل قصائد الديوان.
فأمينة السحاقي لها جاذبيتها الخاصة في الكتابة، وطقوسها المميزة في اختيار المعنى، وزمنها المتفرد في انتقاء لحظات الكتابة، فهي شاعرة مسكونة بحب الجمال، عاشقة للوطن في امتداداته الجغرافية والتاريخية والثقافية والتربوية، مسكونة بالكتابة والقراءة، شرِهة وشرسة للكتب، مُنصِتة جيدة للإبداع الموسيقي التراثي، مخترقة للمسافات بخيالها الإبداعي، مهووسة بالكلمات الحالمة، شاعرة استثنائية من حيث سبر أغوار الإحساس الجمالي، ولعل أثَرها بالأمكنة والفضاءات والمدن التي تمر بها ومنها، لدليل على أن أمينة السحاقي لها وقعها وأثرها، فهي نهاراً كشمس الحرية، وهي ليلاً كقمر بَاسمٍ ضحوك يتكلم لغة الحياة ويلبس حلل الجمال، إنها من الأصوات الشعرية الحداثية التي أمسكت بزمام الكتابة الشعرية والروائية،
والأكثر من هذا وذاك، فهي الأمينة للحقيقة وللتاريخ، ذلك أنه وبحسب مواكبتي لها ضمن عدد من الأماسي الشعرية، استطاعت أمينة، بفضل نبوغها ونباهتها وحكمتها، أن تعطيَ للكلمة الشعرية نفَسَها الرائق وعمقها الدلالي الوجداني، وفرصتها في البوح الجمالي المثير وهكذا دواليك…،
ثم، وباعتبار انتسابها للحداثة قلباً وقالباً شكلاً ومضموناً، فإن شِعرَها من حيث تناول مواضيعه وأغراضه، كان طبيعياً للشاعرة أمينة، أن تنتميَ إلى النبض الجمالي والدفق الخيالي الذي لا يمكن إلا أن يصدر عن رؤية مبدعة تستوعب التراث والحكاية والزجل والقصة بشكل يوحي أنها مبدعة حداثية شِعراً ورواية وهلمَّ فناً.
وإذا كان لابد لي، من شهادة في حق الصديقة والرفيقة أمينة السحاقي، فإنني أجد نفسي غارقاً في موج شعري يراقص الوجدان، كما يراقص ذاك الموج سبَّاحاً قد غمرَه المحيط.
فهي شاعرة لها طريقتها في الإلقاء والإصغاء إلى درجة أنها تستطيع أن تَحكُم القاعةَ وتسيطر عليها بصوتها ولباقتها ودماثة أخلاقها، بل، وتستطيع فضلاً على كل ذلك، أن تجعل المتلقي من حيث لا يشعر، متورطاً في الإنصات لها، لدرجة الدهشة في صورِها الشعرية التي تمتح دلالتها من الحكاية الشعبية ومن التراث، ناهيك عن نبض الحياة، حيث تنساب من فصاحة نطقها للغة الفرنسية فضلاً عن أناقة عربيتها التي لا يمكن أن تصدر إلا من شاعر أو شاعرة تحمل عمقاً لغوياً ومعرفياً وموهبةً وإلهاماً ووعياً وروحاً.
لذلك، اخترتُ عن طواعية، الاقتراب من عالم الشاعرة الأنيقة أمينة السحاقي، سبيلي في ذلك، معرفةُ تجربتها وأسلوبها في الكتابة ونمطها في العيش، وكيف تستطيع أيضاً، أن تُدخِلك إلى عالمها الإبداعي المثير والجريء الذي يحتاج صراحة، الى شجاعة عَزَّ نظيرها في زمن الكتابة.
إن المخزون الإبداعي شعراً كان أو رواية أو شذرات لشاعرتنا، لا يمكن البتة، إدراك عمقه وسبر أغواره الجمالية، إلا إذا كنت تمتلك رؤية جمالية وفنية رائقة وراقية تمكن القارئ المتعدد والمتلقي على حد سواء، من استيعاب للحالة النفسية والسياق الفكري والثقافي الذي ينتظم ويؤطر أسلوبها في الحياة، وهي الإنسانة التي جعلت من بيتها وقصيدها كما روايتها، صالوناً للأقحوانة الشعرية، فيه محَجٌّ ومَزار للشعر والشعراء، وعليه تستوي سُفن الكلمة الهادفة على موج المحيط الأطلسي بالقنيطرة.
وتلك همسات الأقاحي، تترجم فيه الشاعرة ملامح شخصيتها الأخاذة التي نهلتْ ومتَحَتٔ من علاقتها بالمحيط الثقافي والفني والإعلامي والتنشيطي والتربوي الذي جعل منها كاتبة وطنية لا يجف لها مداد، ولا يتوقف أمام إصرارها على الكتابة، مسار أو مسير يتقاطع فيه الهاجس الإبداعي بأحلام الذات وبأسئلة الحياة، تلك الحياة عند الشاعرة والكاتبة أمينة السحاقي، عبارة عن لوحة فنية تتعدد فيها الألوان والأطياف وتتشكل فيها الظلال بعدد وتعدد ألوان قوس قزح.
هكذا إذنْ، أدمنَّا بوحَها حتى أننا كنا ولا نزال، نشتهيه همساتُ أقحوانٍ في حضورها، لنستعيد الدهشة الأولى في الصدقِ والصداقة الحقة التي كلما تعرضتْ للجفاف، تُحييها زخات مطرٍ لِتملأ قلوبنا ربيعاً واخضرارَا.
إنها صديقةٌ حقة لصداقةٍ أعلى من الشمسِ سُطوعاً ولمعاناً،
وإن قصيدَها غيمات ماطرة لا تنتهي برشْفاتِ حُروف.
أمينة باختصار: أينما حطَّتْ أو حطَّ طيفها أو ظلها … حتما، يحُطُّ الحمام ./.
_____________ ./.
✓ ادريس الرواح.

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *