الرد “بالزربة” على من وصف مكناس “بالخربة”
جريدة الوطن نت | بقلم زين – مدير النشر
لعل الذي اطل علينا بعدما صمت دهرا و نطق أخيرا كفرا ملقيا علينا خطابا ملحميا “عجن” فيه النقد بالصرف و التحويل و التلميح و التعريض ، في خطاب شرق فيه و غرب و أبرق و أرعد و ما أشتى ، منكرا على من غاصوا في استجلاء تاريخ الحاضرة الاسماعيلية مكناس ، استنكر هذا الذي اطل علينا بخطابه الملحمي ان نغوص في تاريخ مكناس العريق ، ولم يندى له جبين و أنى له ان يندى وهو يطلق توصيفا قدحيا لمكناسة الزيتون ، و لمكناسة السلطانية ، و لمكناسة العالمة ، و لمكناسة المجاهدة ، و لمكناسة التاريخ و الحضارة و عبق الرقي الانساني و العمارة الاسلامية المنفتحة على الحضارات و الثقافات و الاجناس و الاوصاف و السلم و السلام و التسامح في ارقى تجلياته ، مكناسة التي سبق و اشرت في رد على تراهة من تراهات مسؤوليها _للأسف _ انها كالقدس في شعر تميم البرغوتي مكناس تقبل كل من أتاها أتاها كافرا أو مؤمنا و بدون استثناء ، فاتحة ذراعيها بكل محبة و وئام و ان كان الوافد صعلوكا او كبيرا للئام “اللي يسوا و اللي مايسواش”
مرحبا بك في مكناس . ولكن لا تقزم تاريخها فلا يليق بمكناسة الا اوصاف الكمال و الجمال ، و إن يوما استنكرنا شيئا في مدينتنا فانما نستنكر افعال مسؤوليها و لا نستنكر او ننكر افضالها على اهلها و على من حلوا بها أو عليها كانوا الهوامش في الكتاب فأصبحوا نص المدينةِ قبلنا.
“مكناسة الخربة” ما اقرب هذا الوصف و انسبه بخراب المعرفة لدى الواصفين ، من يصف مكناس “بالخربة” ليعبر عاليا و امام الملأ و بدون أن يستوعب ذلك أنه حقيقة يعري عن خراب معرفي مركب لديه ، و لايجرؤ على ذلك الا عقيم الفكر ضعيف الاحساس بحقيقة و شرف الانتماء للحاضرة الاسماعيلية مكناس ، و لا يصر على هكذا توصيف إلا معاند فقد كل آليات المقارعة و الحجاج لتحقيق ما يصبو اليه فيفر الى عقم الكلمات و الاوصاف القادحة وما حادثة الكلب و الحجر عنا ببعيد .
ما تكشفه هاته الملحمة الخطابية الفارغة المحتوى سياسيا و تدبيريا و مسؤولية هو مزلق “استصنام الرأي” و اهانة “الكل” ، وقد عبر جليا عن ذلك من خلال هاته الملحمة الخطابية بان طلب ان يمنح فرصة لتمرير المشروع كما يتصوره في ذهنه ، و بعدها سترى ساكنة مكناس نجاح الفكرة ، اي نوع من السياسة التي ينطلق منها مثل هذا الطلب التدبيري للشأن العام ؟ أو هكذا يطلب و بكل سهولة تمرير الفكرة و تنزيلها على ارض الواقع و بدون دراسات و لا ضمانات و لا حتى مرورا بمساطر نجاح الاوراش و مساطر التسيير و التدبير و التفويض الجماعي ، نفس الكلمات و نفس التوجهات و نفس التصورات قيلت قبل اربع سنوات مضت ، قال وكيل للائحة اعطوني اغلبية مريحة اجعل من مكناس جنة على الارض ، فشاءت المقادير ان تاتي الاغلبية المريحة المستريحة واضعة رجلا فوق رجل فاذا بتصور الجنة يتبخر وتصبح مكناس “بدون هوية ” و اليوم تصبح “خربة” مع ادعاء نزاهة اليد و سلامة الصدر و النوايا بلغة طفولية تفتقر الى العمق السياسي ، فما النزاهة الا وضع الامور في مواضعها و تدبيرها وفق معايير مضبوطة ، ليست النزاهة هي عدم الاقتراب من “المازوط” خوفا من الرائحة ، فالحق احق أن يتبع وما يمنحه القانون أوجب ان يطبق و لم يسجل عبر التاريخ طلبا واحدا من الساكنة بعدم اقترابكم من “المازوط” نزاهة ، بل كل ما في الامر ان تحملوا و تتحملوا مسؤوليتكم بنزاهة ، اقترب او لا تقترب من “المازوط” فهذا شان خاص لا تمنن به على احد ، و اجعلنا نرى النزاهة في فتح الملفات التي تحت ايديكم ، ما مدى النزاهة في عدد الملفات الفاسدة التي أوقفتموها ؟ و كشفتم عن أسماء فاسديها ؟ و أرجعتم الحقوق إلى اهلها ؟ ما مدى النزاهة في تتبع المشاريع للتحقق من احترام دفاتر التحمل في انجازها ؟ و ما التستر اليوم و غدا على الفاسدين الا فساد اكبر لوكنتم تعلمون .
و ختاما السيد الواصف و السيد الرئيس معا ان الحريات العامة اشمل و اكبر من قانون الصحافة فلا داعي لخلط و قلب المفاهيم على بعضها في الخطابات الملحمية ، فالصحافة و الصحفي هما فقط مكون واحد من مكونات الحريات العامة ، الصحفي هو فرد واحد فقط ضمن مجتمع كامل متنوع ومترامي الاطراف باصناف شتى من المكونات اليوم تنعم كلها و تتمتع بما ضمنه لها قانون الحريات العامة ، فلم الاستنكار على من عبروا بحرية عن رأيهم صراحة و علانية و امام الملا متحملين في ذلك مسؤوليتهم القانونية و الأخلاقية ؟ لم يكن و لن يكون قانون الصحافة سوطا نضرب به من لم يدخل تحت بنوده ، و لم و لن يكون قانون الصحافة لجاما نلجم به افواه من ليسوا حاملين لصفة الصحافي ، لم كل هذا الاستنكار من الأمر مع شدة وضوحه ؟ و لم كل هذا التهجم و محاولة التقليل من شأن من عبروا بحرية من ابناء مكناس وبكل نزاهة و انتماء؟ لم هذا الخلط الغريب الذي سيق و استخدم في غير محله ؟ ألم يكن الأجدربكم الانصات لهم ؟ و مناقشة تصورهم ؟ و فتح ورش تفاعلي عمومي معهم و عموم الساكنة ؟ ألم يكن حري بكم ان تبتعدوا فقط عن الإساءة لمدينة آوتكم و ساكنة وثقت فيكم ابتعادكم عن المازوط و رائحته و افعلوا ماشئتم بعدها ، أوتكون رائحة المازوط اشد رهبة في نفوسكم و سلوككم من مكناسة الاولياء و الأصفياء و رجال الدين و السياسة و العلم و المال و الاعمال و الرياضة و الاعلام لتنال منكم كل هاته المهانة و الازدراء ، فلا يزدري فضل حاضرة مولاي اسماعيل العامرة مكناسة الزيتون الا من سفه نفسه.
نهاية النشر الى اللقاء.