آخـــر الأخبــــــار

الكل يراك .. إلا صاحب الحذاء! بقلم زهير اسليماني

الكـــل يـــراك.. إلا صــــاحــب الحـــذاء!

بقلم : زهيــر اسليمـانــي

مع الطفرة التكنولوجية الحالية، ظهرت كائنات من طينة خاصة، كائنات قادرة على التزلف والتطنجن والتعرجن، قصد بلوغ المرام..

هذه الكائنات، بعدما كانت تحمل طاولات المؤتمرات، وتكنس الأرضيات والزرابي، وتبسط السجاد الأحمر، وتجلس في المقاعد الخلفية، أصبحت تتخذ من الوسائط التكنولوجية، ومن وسائل التواصل الاجتماعي، ومن المنابر والمواقع أداة لنشاطها، وممارستها وظيفتها.

وتتسنى لك معرفة هذه الكائنات عبرعلاماتها الشهيرة: ومنها أنها توجد –غالبا- في حاشية الصورة مع الشخصية المهمة، كما تجدها تطوق الشخصية بذراعها (وكأنها ستهرب!) هذه الكائنات تكنز الصورة للوقت المناسب، فتنشرها دليلا على أهمية الكائن أو تقربا من الشخصية المهمة.. وتعرفها من عباراتها المسكوكة: “أهنئ الأخ الأمين العام بهذه المناسبة..”، “وعلى إثر التواء كاحل الزعيم نتمنى للرفيق..” ، “الأخ الرئيس كاريزما سياسية نادرة..”، “أغتنم هذه الفرصة لأهنئ السيد النائب بمناسبة اجتياز ابنته المرحلة الابتدائية بنجاح..”، “الرفيق الزعيم العظيم المقدام.. ابن مكناسة الزيتون يستحق أن يكون رئيسا للحكومة..”

ما يحز في النفس، ليس مدى صدق الأخ الأمين العام من عدمه، ولا تاريخ الرفيق المناضل أزيف أم حقيقة؟ أقدم النائب خدمة للمدينة أم لا؟.. بل هو كون هذا الكائن الذي لا يتوانى عن كتابة قصائد المدح، ولا يتأخر عن تسريد أخبار الملاحم، وإسناد دور البطولة للشخصية السياسية.. لا يعرفه أمينه العام، أو أخوه الرئيس، أو رفيقه المنسق.. لا يعرفه البتة، اسما وصفة وشكلا، ولا يقرأ ولا يرد ولا “يجمجم” له، مهما نظم له من مديح، وأفرد له من غزل، لأنه لا يراه إلا درجا في الطريق الذي يسير ويسري عليه إلى منصبه.

ولكم رأيت من صورة لشخصية بارزة ما –على حائطي الشخصي-، ورأيت المئات من التعاليق، التي لا يتكلف صاحب الصورة أو التدوينة، حتى كبس “جيم” أو وضع “أيموجي” تعبيرا عن اهتمامه واحترامه، لجوقة الكائنات الملتفة حول تدوينته أو صورته..

ألا تعلم هاته الكائنات، أن مثل تلك الشخصيات المهمة أصلا، ليست هي التي تضع تلك التدوينات أو الصور.. وإنما مناضل قدم حذاءه للرئيس –تزلفا وتقربا- وبقي حافيا؟!

فكفاك، أيها الأخ، أيها الرفيق، أيها المطبل.. أيها الكائن الذي يجد في نفسه صفة من الصفات السابقة.. كفاك من مسح الأحذية بفضائك الافتراضي، إكراما للسانك (عفوا) لنفسك، فالكل يراك إلا صاحب الحذاء!

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *