لقاء دراسي بسلا يناقش آفاق تعزيز نظام الحرية المحروسة في ضوء عدالة صديقة للأطفال
ناقش مسؤولون وخبراء وباحثون، اليوم الثلاثاء بسلا، آفاق تعزيز نظام الحرية المحروسة في ضوء عدالة صديقة للأطفال، وذلك بمناسبة تنظيم لقاء دراسي وطني في إطار برنامج “حماية وتمكين”.
ويشكل هذا اللقاء الدراسي، الذي تنظمه وزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الشباب) بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف)، فضاء للنقاش والتفكير الجماعي، وذلك بهدف تقييم فعالية نظام الحرية المحروسة في مجال الحماية وإعادة الإدماج.
كما يهدف إلى تبادل الخبرات والممارسات الفضلى بين مختلف المتدخلين، وكذا صياغة مقترحات عملية من شأنها تعزيز التنسيق بين مكونات العدالة والقطاعات الاجتماعية وتوحيد الرؤية حول تطوير هذا النظام.
وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، منير المنتصر بالله، في كلمة بهذه المناسبة، أن العناية الخاصة التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لقضايا الطفولة، تمثل الإطار المرجعي الأعلى لكل الجهود الوطنية المبذولة في هذا المجال.
وقال السيد المنتصر بالله إن المجلس “انخرط بشكل كامل في كل الجهود الوطنية الرامية إلى تعزيز عدالة صديقة للأطفال”، مضيفا أن هذا الانخراط تجلى في إطلاق برامج تكوينية متخصصة لقضاة الأحداث.
وأوضح، في هذا الإطار، أن المجلس يولي عناية خاصة لمبدأ التخصص، حيث خصص قرابة 739 قاضيا ومستشارا للبت في قضايا الأحداث عبر محاكم المملكة، فضلا عن إحداث بنى إدارية متخصصة في تتبع قضايا الطفل في جميع وضعياته، تابعة للقطب الجنائي.
كما لفت السيد المنتصر بالله إلى بروز الحاجة إلى تعزيز الموارد البشرية، وتطوير شبكة الخدمات الاجتماعية والصحية المواكبة، وتقريب مراكز الطفولة من المحاكم والأسر وكذا توحيد أدوات التقييم الاجتماعي والنفسي للأطفال.
من جهته، قال الكاتب العام لوزارة الشباب والثقافة والتواصل- قطاع الشباب، مصطفى المسعودي، إن هذا اللقاء “يجسد وعيا متجددا بأهمية تطوير المنظومة القضائية والاجتماعية التي تكفل مصلحة الطفل الفضلى، وتفتح أمامه آفاق التأهيل والإدماج”.
وأكد السيد المسعودي أن نظام الحرية المحروسة شكل، منذ إقراره، “أحد أهم الآليات القانونية في السياسة الجنائية الخاصة بالأحداث، لما يوفره من بدائل تربوية وإدماجية عن الإيداع في المؤسسات”، مبرزا ما يتيحه هذا النظام من مواكبة ومرافقة فردية للطفل من طرف المندوبين والمتخصصين الاجتماعيين والنفسيين.
وأشار، في السياق ذاته، إلى أن الممارسة الميدانية أبرزت الحاجة إلى إعادة التفكير في شروط تفعيل نظام الحرية المحروسة، وتطوير آلياته، وتعزيز موارده البشرية، وتوطيد التنسيق بين مختلف المتدخلين بما ينسجم مع مضامين دستور المملكة والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، وفي مقدمتها اتفاقية حقوق الطفل.
كما ذكر السيد المسعودي بالمكتسبات الهامة التي راكمها المغرب، خلال السنوات الأخيرة، لاسيما تعزيز الترسانة القانونية والتدابير القضائية الخاصة بالأحداث، واعتماد سياسات عمومية وبرامج وطنية مهيكلة، من أهمها السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة، وكذا البروتوكول الترابي للتكفل بالأطفال في وضعية هشاشة لتطوير منظومة التكفل القضائي والاجتماعي والنفسي.
أما ممثلة منظمة (اليونسيف) في المغرب، لورا بيل، فأشادت بالجهود الهامة التي ما فتئت تبذلها المملكة في مجال عدالة الطفل، مسجلة أن هذه الأخيرة تمثل ورشا مفتوحا استثمر فيه المغرب منذ عدة سنوات وواكبته (اليونسيف) أولا بأول، لاسيما الإنجازات التي تحققت حتى اليوم.
وأكدت السيدة بيل أن التجربة المغربية في مجال عدالة الأطفال، أضحت اليوم واحدة من الممارسات الدولية الفضلى، وذلك بالنظر إلى حجم الإنجازات الهامة التي راكمتها المملكة على هذا المستوى.
وتوفقت، في هذا الصدد، عند العمل الذي قام به المغرب، منذ سنة 2014، على مستوى تقليص عدد الأطفال المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية مع الرفع، في المقابل، من عدد أولئك المستفيدين من العقوبات البديلة.
ويتميز برنامج هذا اللقاء الدراسي الوطني، الذي يمتد على مدى يومين، بتنظيم ثلاث ورشات رئيسية، تتمحور الأولى حول “تطوير المهارات وتعزيز الموارد البشرية”، والثانية حول “تعزيز التنسيق بين الشركاء والفاعلين”، فيما تتمحور الوشة الثالثة حول موضوع “آليات التتبع والتقييم”.