الفـــــايـــد والمــــــارد.!
بقلم : زهيــر اسليمـانــي
“تهضر على السانوج والقرنفل وزريعة الكتان، هاداك شغالك والله ماندوي معاك ماحدماكينش الضرر.. ولكن باش تقوليا أن استعمال الفرشة تخلف وأنه تستحسن المضمضة، فديك الساعة كتمثل بالنسبة لي خطر على الصحة العامة..”
هكذا افتحت طبيبة مغربية كلمتها الطويلة والعريضة في حق الخبير في علم الأغذية والتغذية، الباحث محمد الفايد، دونما الإشارة إلى ما انطوت عليه الكلمة الطويلة العريضة من كيل للتهم وتحميل للمسؤولية، فيما ستؤول إليه صحة المغاربة من تدهور وضرر، ناجم عما يقوله السيد الفايد..
ليست الطبيبة المعنية وحدها من فجرت جام غضبها في وجه الفايد، بل يبدو أن هناك آخرين إما من أقرانها أو دونها، يتفقون على نعت الفايد بالعشاب بل والمشعوذ، حيث كان الفيديو الذي نشره حول القرنفل والقرفة لمواجهة كورونا، ضربة المروحة التي دغدغت قمقم المارد.. وبغض النظر عن طبيعة هذا المارد، وقوته، وخلفيته، فإنه من الواضح أن هناك متضررين مما يقوله الفايد، سيما وأنه سبق أن أثيرت مثل هاته الزوبعة، عندما حذر من مواد غذائية مصنعة بعينها!
في المقابل، هناك المئات من الشاكرين لخبير الأغذية عمله الدؤوب، على تنوير مداركهم المتعلقة بالتغذية والأغذية، حامدين له صنيعه في فضح ضرر المواد الغذائية الصناعية، وكذا تبيانه لما يدخل في بعض المواد التي تدخل في تغذية المغاربة، من مواد سامة أو محرمة..
ويصر الفايد، الذي تستدعيه قنوات دولية وإذاعات أجنبية عالمية، على عدم سب أو قذف المختلفين معه، وأنه لا يرد على من لا صفة ولا أهلية علمية له، لنقض ما يقدم من معلومات، إلا إذا كان باحثا أكاديميا متخصصا في المجال، له وزنه وعياره ومعدنه، في لقاء رسمي..
هذا النقاش الفايسبي، الذي تخوضه العامة، ممن في أحسن الأحوال لديهم إجازة من كلية من الكليات المغربية، وقليل من الخاصة الذين لديهم شهادة مهنية أكثر مما هي علمية! يطرح علينا كمجتمع وكدولة وكمؤسسات ومعاهد رسمية بعض الأسئلة:
فإذا كان محمد الفايد يعرض الصحة العامة منذ عقدين من الزمن للخطر فلمَ لمْ يتم إيقافه أو على الأقل لجم لسانه، ماديا بزجره أو رمزيا -على الأقل- بالرد عليه؟ لماذا لم ترفع أي جهة أو هيئة، تمثيلية أو متضررة، دعوى قضائية ضده، طبقت شيئا مما يقول وتضررت؟ والأطباء ألا يجمعون على أنه يعرض صحة المغاربة للخطر، فماهي الإجراءات القانونية والعلمية التي قاموا بها دفاعا عن سلامة المواطنين وتبيانا لترهات محمد الفايد كما يقولون؟ ألم يزرهم ولو مريض واحد لما شخصوا حالته واستفسروه، رد عليهم بأن تدهور صحته ناجم عن الاستماع للفايد!؟ قد يرد أحدهم أن “كورونا” يشغلهم عن الدخول– الآن- في مثل هذا، لكن لعقدين من الزمن قبل الجائحة والفايد يتكلم فأين كانوا!؟ أليس أخطر على الانسان ممن يهدد صحته وسلامته!؟ فأين المؤسسات العلمية من كل هذا؟ لم لا تخرج للجمهور وتبين له هتر الفايد وخرفه بالدليل العلمي ومقارعته بالحجة الدامغة؟ ولم الفايد وحده دون عشرات محلات الحجامة ودكاكين العشابة ودهاليز الطب البديل، المبثوثة على أثير إذاعات محلية، لم يعترض عليها معترض من أهل الاختصاص والعلم والطب، الذين ظهروا مؤخرا! فمن أيقظ هذا المارد؟
ولا أجد ختما، أفضل مما قاله أحدالأصدقاء الباحثين المهتمين، ليس مهما أن يكون الفايد على صواب أو على خطأ، ولكن الأهم أن يعرف المواطن الحقيقة.. الرد الرسمي الأكاديمي وليس رد كل من هب ودب..! حتى يتبين لنا ما إذا كانت أقدام الفايد أم المارد هي التي من صلصال!!