كــورونــا و الاحتفــال الذهبــي بيــوم الأرض العـالمــي
(1)
بقلــم : محمـــد بنعبـــو
كلما حل الأسبوع الاول من شهر أبريل و طيلة سنوات الدراسة بالعاصمة مونتريال بكندا، كنا نعيش أجواء احتفالية كسائر الآلاف من الطلاب الشباب من جميع أنحاء كيبيك تخليدا ليوم الأرض العالمي، تظاهرات شبابية مليونية تجوب بطرق احتفالية الشوارع والمنتزهات الطبيعية و الحدائق الكبرى بالعاصمة الاقتصادية، و على مدار أيام الأسبوع الأخضر مؤتمرات وندوات طلابية و ورشات عمل للأندية البيئية في كل المدارس العليا و الجامعات.
قبل من ثمان سنوات و بالضبط يوم الأحد 22 أبريل الذي كان يوما تاريخيا بكل المقاييس، واستجابة للدعوة إلى التطوع و المشاركة في يوم الأرض العالمي في نسخته الثانية والأربعين في مونتريال الكندية، لبيت النداء كعشرات المتطوعين و كمئات الالاف من المشاركين، مجموعة من القضايا البيئية الكبرى كبروتوكول كيوتو، غاز الشيست، الرمال النفطية، حماية النظم البيئية و حتى التعليم، كانت كافية تلك اللحظة التاريخية لتشجيع الشباب بصفة عامة والطلاب بصفة خاصة للمشاركة في تشكيل شجرة بشرية كبيرة بفضاء حديقة جان مانس.
في بداية فترة ما بعد الظهرمن نفس اليوم، كانت ساحة الفنون وساحة المهرجانات تفيضان بأمواج شبابية، وكان الجو أكثر احتفالية حيث ظلت المسيرة سلمية حتى النهاية، وعلى صوت أبراج الكنيسة في الساعة الثانية بعد الظهر تماما، قام المبدع فريدريك باك بزرع شجرة بلوط في الحديقة حيث سيتجمع مئات الالاف من الشباب لاحقًا، و في الوقت نفسه، هز موكب شبابي شارع ديبلوري وسط مونتريال في اتجاه المنتزه الطبيعي مونرويال.
و في حديقة جان مانس، كنت ضمن 800 شابة و شاب تطوعوا لتوجيه المشاركين في المسيرة لإعادة تشكيل يد بشرية كبيرة، التي ستتحول فيما بعد الى يد متحركة و الى شجرة بشرية ضخمة متحركة.
كنت من بين الشباب الذين وقعوا على إعلان 22 أبريل الذي كتب لهذه المناسبة، البيان الذي يدعو حكومة أوتاوا إلى المشاركة “الكاملة” في بروتوكول كيوتو وفي مكافحة تغير المناخ، و يدعو حكومة اقليم كيبيك إلى تبني استراتيجية حقيقية تهدف الى تطوير الموارد الطبيعية واعتماد موارد الطاقة النظيفة مع احترام البيئة والناس.
بعد ثماني سنوات و بشكل استثنائي، عطل انتشار الفيروس التاجي كورونا هذه السنة التخطيط للذكرى السنوية الخمسين في العاصمة مونتريال لإقليم كيبيك بكندا، والتي كان من المقرر إجراؤها في شهر أبريل الحالي،عبر عقد العديد من الأنشطة التوعوية والتحسيسية و المسيرات الطلابية و مسيرة الشباب من أجل المناخ، ولكن على الرغم من كل شيء، سيتعين على يوم الأرض العالمي أيضًا استكشاف طرق أخرى للاحتفال، دون تجاهل الدعوة للعمل البيئي، عبر تصور سيناريوهات أخرى.
“نحن نبحث عن صيغة لن تكون فقط عبر الإنترنت، من ناحية أخرى، من المؤكد أن تغيير العادات من المنزل، في الحجر الصحي، سيكون في قلب تدخلنا، “يوضح مدير عام اليوم العالمي للارض بيير لوسيرلميترو.
ويؤكد لوسيرلميترو أن مجموعته ترغب في المشاركة الكاملة في التفكير المحيط بـفيروس كورونا من المنظور البيئي: “نريد الخروج من هذه الأزمة بخلاف الطريقة التي دخلنا بها، و نأمل أن يكون ضوء 22 أبريل قليلاً في نهاية النفق، نريد أن نكون هذا الزخم للذهاب نحو النور.”
لجأ فريق لوسير إلى عامة الناس يوم الاثنين الماضي على مواقع التواصل الاجتماعي لتخزين “نصائح الاحتفال يوم الأرض العالمي في المنزل”،حيث سيكون الهدف هو “تحويل لحظة التباطؤ هذه” إلى فرصة “للاحتفال بكوكبنا بطريقة مختلفة” و “سيكون حدثا مختلفا عما شهدناه في الماضي، نحن لا ننظر فقط إلى خطة، لدينا عدة سيناريوهات.” يضيف بيير لوسير.
و سيتم عبر هذا الاحتفال الافتراضي تسليط الضوء على سلسلة من الإجراءات الملموسة التي يمكن للمواطنين المشاركة فيها في الجماعات و الادارات العمومية و المكاتب والشركات الخاصة على الانترنيت. و يضيف الشخص الذي دعا إلى حماية البيئة منذ أكثر من 30 عامًا:”نريد أن نشجع الناس على الالتزام بأفعال يمكنهم اتخاذها في نهاية المطاف، عندما تكون أزمة كورونا قد أصبحت وراءنا “.
وتضيف كاثلين روجرز رئيسة شبكة يوم الأرض بمونتريال التي دعيت للتفاعل:”التعبئة الرقمية العالمية ستكون كبيرة، سواء كان الفيروس التاجي أو أزمة المناخ العالمية لدينا، لا يمكننا التوقف، وبدلاً من ذلك، نحتاج إلى تحويل طاقاتنا وجهودنا إلى طرق جديدة لتعبئة العالم من أجل العمل.”
وتقول كاثلين روجرز رئيسة شبكة يوم الأرض إن “أكثر منصات الوسائط الرقمية ابتكارًا في العالم” ستُستخدم لتعبئة السكان. بالإضافة إلى حملات التواصل الإجتماعي الضخمة، باستخدام علامات التصنيف، تأمل مجموعته في تنظيم “أحداث افتراضية” وتنظيم تكوين تدريبي عن بعد حول القضايا البيئية الحالية.
وتختتم المنسقة حديثها قائلة: “معًا، يمكننا أن نبني يومًا للأرض لا مثيل له، يوم الأرض الذي يحددنا كمجتمع عالمي، متحدًا بتحدياته”.
و كان التحالف الطلابي من أجل التغيير البيئي والاجتماعي قد أعلن الاسبوع الماضي عن إلغاء مظاهرة من أجل المناخ، كان من المقرر عقدها في 3 أبريل في مونتريال، بعدما كان آلاف الأشخاص ومعظمهم من الطالبات، قد صوتوا بالفعل على أوامر الإضراب للمشاركة في المسيرة، بتنظيم مشترك بين منظمة غرينبيس و بلانيت.
و تبقى الصحة العامة على رأس أولويات الاحتفال بيوم الارض العالمي الافتراضي، وهي تبدأ ببيئة صحية،لهذا سوف ينقل التحالف أنشطته الاحتفالية عبر الأنترنت،و سيكون الإضراب المناخي عبر الإنترنت متاحًا للجميع، و سيكون تعاملنا مع الأزمة الصحية الحالية بنفس درجة خطورة أزمة المناخ، مع التركيز على أن الإستماع إلى العلم أمر ضروري في كلتا الحالتين.
يتبع ..