آخـــر الأخبــــــار

بعد التصويت.. ماذا عن التعاقد و التقاعد؟

بعد التصويت
ماذا عن التقاعد و التعاقد؟

بقلم : الغازي لكبير

في الانتخابات الماضية، و لولايتين متتاليتين، تعاقدت شريحة من المغاربة مع حزب المصباح، و بوأته الصدارة و منحت له فرصة تدبير شؤون البلاد برمتها. لم يفهم الحزب الحاكم أن عزوف المغاربة عن التصويت لا يعني عزوفهم عن السياسة، و أن وصوله إلى مراكز الحكم ليس هدف المغاربة بل وسيلة من أجل تنمية البلاد و تحسين شروط عيش أهلها. دون مراعاة للميثاق، اغتنى من انتمى إلى هذا التنظيم و استفاد من الوضعية من والاه. نقض الحزب عهده وخلف مسؤولوه وعدهم وسعوا في الأرض أذى.
استهلوا برنامجهم بإهانة و إضعاف نساء و رجال التعليم الذين كانوا لهيئتهم بمثابة السند الذي ينتصر لها و الدعامة التي تعتمد عليها. فسنوا في مقدمة جدول أعمالهم ما سموه بإصلاح نظام التقاعد! فقلصوا معاش الموظفين الهزيل أصلا و أضعفوا النقابات و احتموا بقانون الأجر مقابل العمل لتفادي الإضراب و الاحتجاج ( لقد اسباحوا الأجر دون العمل لأنفسهم مع ذلك). فعبدوا طريق البيروقراطية و ساروا فيها و حدوا من الحوار الإجتماعي وأبخسوا نتائجه و أرهقوا الأساذ و أثبطوا عزائمه و اغتالوا جميع أحلامه.
و لم يكتفوا بخفض قيمة المعاش، بل تمادوا في بيروقراطيتهم و أكرهوا الموظفين على الاستمرار في مزاولة العمل بالرغم من تقدمهم في السن و بالرغم من تدهور ظروفهم الصحية . فأضافوا ثلاث سنوات قسرا و قهرا. فأجبرت الموظفات و الموظفين، الذين ليست لهم القدرة على طلب التقاعد النسبي للالتزاماتهم مع الأبناك ، و هم فئة عريضة في المجتمع، على مواصلة نشاطهم المهني اضطرارا لكبر سنهم أو لوضعهم الصحي المتردي.
و من أجل دق آخر مسمار في نعش المنظومة التربوية ككل، وضعوا قانون التعاقد لمن يريد الاشتغال في أسلاك التعليم!
نظام يجددون بعض فصوله كلما تمت مواجهتهم بصمود نساء و رجال التعليم. بدأوا بتعاقد مؤقت يمتد لسنتين ثم لسنتين قابلة للتجديد، و لأن مثل هذا التعاقد لا يحقق الاستقرار، لا النفسي منه ولا الاجتماعي و لا المهني،لكون المتعاقد يعيش في لاأمن أبدي، توالت الإحتجاجات و تواصلت الإضرابات، و كانت الحكومة سببا رئيسا في هدر زمن مدرسي لا يعد و لا يحصى، مساهمة بذلك من زاوية أخرى، في تدني مستوى التعليم في بلادنا.
و لما أقبلت الفرصة مرة أخرى لتجديد الميثاق، و لأن ذوي الحزب و أهلهم لم يصدقوا العهد، فقد عاقبهم المغاربة الذين ذهبوا إلى صنادق الاقتراع. أما النصف الذي لم يدل بصوته من المغاربة، فهو يرى في الأحزاب مجتمعة صورة واحدة برموز مختلفة.
سلوك-جزاء ينبغي الإنتباه إليه على كل حال، بالإضافة إلى كونه يؤلم كثيرا من ناله، و يضع من قيمته و شأنه و يحرمه من “الرضاعة” بل ويعجل فطامه و ينتهي بتأنيب ضميره عند استيقاظه، فهو يبين مدى يقظة المغاربة و مدى نماء و نضج وعيهم السياسي. سلوك يظهرأن المغاربة يدركون لحظة الحسم و يعرفون كيف يستغلونها على الأقل ضد من لم يحترم التزاماته نحوهم. تصرف يفيد أن الوهم لم يعد يستهويهم و أن الوعود الكاذبة لم تعد تغريهم أو تستميلهم. و لما لا و قد شاهدوا و عاشوا تجارب جعلت منهم أدوات لبلوغ أهداف لم يتم التصريح بها. فقد شاهدوا كيف يتم تسخير مؤسسات، من المفروض أن تكون في خدمة الشعب، لتحقيق أغراض شخصية و غايات فئوية. و لاحظوا كيف تغير الخطاب و انقلبت المواقف، و قرروا إبلاغ الرسالة و ايصال مضمونها.
و هل تنتبه الحكومة المقبلة إلى هذا السلوك الإجتماعي، أم أنها ستجعل من إرادة من ذهب من المغاربة إلى صنادق الإقتراع قنطرة للوصول إلى موقع الحكم فقط؟
هل تحترم التزاماتها مع الشعب المغربي أم أنها ستحدو حدو سابقتها و تنقض عهدها؟
هل تعيد النظر في التقاعد و التعاقد اللذين تم فرضهما على المغاربة و أبناءهم؟
إن المقبل من الأيام كفيل بالإجابة عن هذه التساؤلات و غيرها.

مقالات ذات صله