عام المصباح!
بقلم : زهيــر اسليمـانــي
هذا مقال أكتبه “تشفيا” في العدالة والتنمية، أكتبه من سويداء القلب بلا رحمة، مع التعاطف مع أتباعه في مصابهم الجلل..
أكتبه بيد الفرح ويد الحسرة، على انخداعي للذئاب الملتحية، ذات انتخاب، عندما صدقت خطاباتهم المدوية “غرغري أو لا تغرغري”، “الا لقيت شي عراقيل ندفع السوارت” والعبارات الصاخبة كثيرة..
كان ذلك سنة 2012، عندما انخرطت تطوعا في صفوف الدعاية لحزب المصباح، كنت معطلا كما جيل من أقراني، وكانوا الأمل الوحيد، فاستهلوا مشوارهم بنقض العهد، محضر 20 يوليوز، وعزل القاضي الهيني الذي حكم لصالح المعطلين، ثم استتبعوا ذلك بخلف وعد إلغاء الانتقاء الأولي لاجتياز مباريات التوظيف، لما فيه من فساد وزبونية ومحسوبية، لينقضوا العهد في ثاني سنة من حكمهم، ثم جاء صاحب شركة دانون، وقد تلقيت وعدا بالاشتغال العرضي بالكلية، ليمنع غير الدكاترة من الاشتغال بها، ويحرمني مرة أخرى من لقمة العيش الحلال..، وسيغلق الرئيس أبواب الوظيفة العمومية إلا على ابنته وابنه، وتعيين المقربين منه بالدواوين المكيفة، بأجور خارج السلم.. وسيفرض على المغاربة نظام العبودية في الشغل، نظام العقدة المهين، في أقدس القطاعات وأشرف المهمات، التي هي التعليم..، ويظل مفتخرا بغيه.. سيحرر أسعار المحروقات، ويرفع الدعم عن صندوق المقاصة، سيخرب تقاعد الضعفاء، وسيرفع سن التقاعد..
بعدها، ستتوالى إخفاقات النسخة الأولى، وفي جميع الميادين، حيث الشعار العام آنذاك “عفا الله عما سلف”، فلا مفسد ضبط وحوكم، ولا مأذونية استرجعت أو حوسب صاحبها..، وكان الباجدة يزدادون حسنا، يستبدلون السيارات والزوجات وربطات العنق، والمغاربة يموتون غرقا في عمق المتوسط، والمغربيات تلدن على أبواب المستشفيات، وفي الطرقات..
ثم في النسخة الثانية، وقد ازدادت السنين كسادا وبوارا، رفع الباجدة شعار أن ليس بالمغرب فقراء فمن يملك عشرون درهما ليس بفقير، وستحتج وزيرة على كونها تشتغل بزوج فرانك والشعب تابعينها عليها، وهي الوزيرة التي كانت تشرف على استقبال أزبال الطاليان.. كل هذا والشعب يغرق في الفقر ويرتع في المرض، ويغوص في الحريݣ، ويكتوي بنيران الماء والكهرباء والكراء، وغلاء الأسعار.. ويموج في غضبه من الباجدة، الذي ابيضت وجوههم وتدلت كدونهم واستدقت لحاهم وبرزت بطونهم.. لا يأبهون لألم متألم، ولا لجوع جائع.. يستميتون غي الدفاع عن الريع، وعن التعويضات والمعاشات السمينة.. ويتماطلون في التعويضات العائلية ويعدمون الترقيات..
وسيزداد الطين بلة، بمسألة التطبيع، التي ستكون آخر مسمار يدق في نعش الباجدة، حيث هجرهم حتى أقرب أنصارهم أي الذين اتبعوهم لآصرة الدين.. فبعدما لم يقم الباجدة، طيلة العشر سنين، بأي نشاط لصالح فلطسين، بعدما انتقلوا من المسجد الأقصى إلى المبلغ الأقصى، ختموا مسيرتهم بمسك التطبيع..
لقد أججت النسخة الأولى من العدالة والتنمية، عوامل الاحتقان والغضب، لدى الشعب المغربي، وجاءت النسخة الثانية لتصب الزيت على النار، خصوصا بعد استوزار أو إضافة مهام أخرى إلى مهام وزراء فاشلين، وعلى رأسهم وزير التعليم الذي لم يعرف تاريخ المغرب احتقانا مماثلا للذي حدث في عهده؛ الكل يحتج: الأساتذة المفروض عليهم التعاقد، الزنزانة 9، ضحايا المرسومين، المدراء، المفتشين.. حيث بات جمر القطاع يلتهب من تحت الرماد: خوصصة وإجهاز على المدرسة العمومية، والباجدة يتفرجون..
فهل، كان الباجدة يعتقدون أنهم سيحظون بولاية ثالثة، هم الذين غدروا بالمغاربة، خصوصا المقهورين والمحقورين منهم، وكأن الغدر ركن من أركان ديدنهم، هذا وزير يغدر بزميله ويتزوج زوجته، وذاك وزير يغدر بزوجته من أجل مدلكته، وهذا الأمين ينقلب على ذلك الأمين، حبا في الرئاسة، أزماتهم أكثر من أن يحيط بها كتاب، ولست هنا أذكر إلا ما انغرز في نفسيتي بقوة، وظل يعتمل بصدري كل لحظة، منتظرا انتظار المشوق المستهام، هذه اللحظة.
معاناتي الشخصية مع البيجيدي، امتدت طيلة العشر العجاف، يوما بيوم، لحظة بلحظة، وأعلم ان معاناتي أدنى بكثير من معاناة السواد الأعظم من المغاربة، فحق لنا اليوم أن “نتشفى” أن نشمت، أن نفرح، أن نزغرد للاندحار المهين لحزب العدالة والتنمية، فهو عام المصباح، على غرار عام الفيل، عام البون، عام حرودة..
وأذكركم، أيها الباجدة المدحورون، 12 مقعدا حاليا مقارنة ب 125 في الاستحقاقات السابقة؛ هزيمة نكراء، هزيمة مذلة، 12 مقعدا، عدد فريق كرة قدم؟ أم شهود الموتة والإراثة؟ نعم هذه الأخيرة أفضل 12 شاهدا على موت مرحلة قاحلة وحزب كالح، كان يسمى العدالة والتنمية! ولا أنسى أن أذكركم بأنه من إيجابيات هذا العدد، أنه يسهل عليكم عملية التباعد، في زمن كورونا!