سمعنـــــا رحمــــك اللــــه
بقلم الأستاذ : الغازي لكبير
الموت جلل
الرحيل مفجع
و الفراق مؤلم
نزل خبر وفاة الزعيم الوطني و القاري عبد الرحمان اليوسفي كالصاعقة على الجميع، زلزل الأرض و أرجف الأبدان ، أحزن المغارية و المغاربيين و الحقوقيين عبر العالم. ترك مكانا شاغرا يصعب بل يستحيل ملؤه من بعده، و ترك إرثا غنيا يجب استلهامه و استثماره. رجل شارك في صنع التاريخ و سيحتفظ له بما فعل، رجل عاش وفيا لمبادئه و سيبقى شامخا كالهرم و طاهرا كالثلج فوق قمة الجبل بالرغم من تشييع جنازته.
خدم الوطن بكل إخلاص و من مختلف المواقع، و لم ينجذب يوما إلى السلطة أو مال إلى الثراء، بل استقام كما يؤمن و تصرف كما يفكر. للرجل في نضاله معرفة و خبرة، و في أعماله عقلانية و ديموفراطية و في أقواله رأي و حكمة. نموذج يحتدى به، و انسان يحتفى به كسابقيه من زعماء هذا البلد.
فما هو الدرس الذي يمكن تعلمه و العبرة التي يمكن اسخلاصها من حياة هذا الرجل؟
أخلص لمبادئه و أفكاره في كل مراحل حياته، سواء كان في دائرة السلطة أو من خارجها، يحتج و يرفض عندما يملي عليه ضميره ذلك و يقتنع و يوافق عندما تكون مصلحة الشعب و الوطن في ذلك. اعتبر نضالاته واجبا وطنيا و انسانيا، عاش أشد مراحل تاريخ المغرب صعوبة، شارك في مقاومة الاستعمار، و كافح من أجل ارساء الديموقراطية، فرفض التعويض و ما يتصل به، و الامتياز و ما يسير في فلكه. فعاش، بفضل ذلك، محترما لا يخشى تأنيب الضمير و لا لومة العاتب. سخر حياته لمناصرة الحق و مناهضة الظلم، و تحمل صعوبة قراره و مشقة قناعته، طرد و حكم وعذب… و لم يثنه ذلك عن السير قدما أو زحزحه من موضعه قيد أنملة، كان واثقا بنفسه، وصلبا بايمانه و قويا بعدالة قضيته.
ارتقى بفعله على غرار فكره، و نأى بنفسه عن كل ما من شأنه أن يدرن سمعته أو يسيء إلى شخصه. سامح و صافح وفضل العيش على ضفاف العزة و الرفعة.
رجل عاش طيبا و سيبقى عظيما .