حتى لا يفقد الفعل الثقافي قيمته و جماليته
( عرض أزياء جمعية تيميزار للفضة بتيزنيت نموذجا)
بداية النشر | عادل الزين
في بداية نشرنا هذا سنتناول موضوعا يرتبط باكراهات تنظيم التظاهرات الثقافية في محاولة لمعالجة حيثية صغيرة كثيرا ما كانت سببا مباشرا في اثارة السخط و اللغط على الفعل الثقافي و على الساهرين على تنظيمه ، و سنستند الى ما وقع بعرض للازياء نظم مؤخرا بتيزنيت من طرف جمعية تيميزار للفضة ، ولن نكون متحاملين كثيرا على الجمعية باعتبار اننا اتخذناها نموذجا بقدر ما سيكون عمودنا هذا همسة في اذن المنظمين و الساهرين على الفعل الثقافي لنرتقي به و نخرجه من عهود الهواية لمصاف الاحتراف و الرقي المطلوبين في ميدان يشملنا جميعا و ننصهر في بوتقته بكل طواعية ، خاصة عندما نكون نسعى و كما جاء في بلاغ الجمعية و المنشور يوما فقط قبل انعقاد هذا العرض للأزياء ، و هذا موضوع تواصلي اخر لا يجب اغفاله و سنعود اليه _جاء في البلاغ _ ان الجمعية تسعى من وراء الحدث إلى _ و نحن معها طبعا_ ابراز جوانب الهوية الثقافية و التراثية لمدينة تيزنيت من الصياغة الفضية و غيرها، و تثمين الموروث المادي المنقول _ يضيف بلاغ الجمعية _ الذي أضحى رمزا و تراثا حضاريا ورافدا تنمويا يساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية للمدينة .
انتقلنا كطاقم للجريدة لقصبة اغناج بتيزنيت المكان الذي اختارته الجمعية لتنظيم عرضها للازياء وكان وصولنا الى عين المكان نصف ساعة قبل الوقت المحدد لانطلاق الحدث ، و كان وصولنا قبل الموعد متعمدا من طرفنا، اصرارا منا كجريدة إيلاء الفعل الثقافي زخمه اللائق به، فوصولنا _همسة في أذن المنظمين _ قبل الموعد هو للاطلاع على زوايا الفضاء و مستوى الاضاءة و الصوت وأماكن الجذب الثقافي و الجمالي لاخراج الحدث إعلاميا في ابهى حلة _ قدر استطاعتنا_ ذلك اننا كالكثير من الجرائد منحازون للفعل الثقافي بلا شرط او قيد ، انحيازا مطلقا يجعلنا نتحمل اكثر مما تستوجبه منا مهنتنا الشريفة الصحافة ، و نحمل على عاتقنا مشاق تسويق لائق للحدث الثقافي نحن في غنى عنه ولا لشيء الا للامتثال لهذا الانحياز التام و التطوعي للثقافة و المثقفين .
وصلنا لبوابة الدخول فاذا بحارس للأمن الخاص يحول دون ذلك بحكم ان ساعة الدخول لم تحن بعد ، اخبرناه باننا ننتمي للجسم الصحافي ، فبدا على محياه نوع من الارتباك و الارتجال المعهودين في رجال الامن الخاص في مثل هاته المواقف ، فاحببت ان اخفف عنه بعضا من الارتباك و زرع الطمأنينة التواصلية المطلوبة قائلا له لعلك تريد الاطلاع على بطاقة الصحافة المهنية و اخرجتها له مباشرة من المحفظة مستعدا في الآن نفسه أن اصل معه حتى لاخراج الملاءمة ان اقتضى الحال او اي وثيقة تثبت له اننا فعلا صحفيين لا منتحلين للصفة ، فهذا في نظري من صميم عمله كحارس امن خاص لتنظيم حركة مختلف الشرائح الوافدة على الحفل بمختلف مشاربهم ، لكن للاسف قطع علي تلقائيتي التواصلية بقوله هل لديك رخصة خاصة من المنظمين _ اجتهاد جميل منه يزيد من تعميق الاحساس بعشوائية التنظيم _ فارتجالية الرجل توقع المنظمين في ورطة استصدار رخص استثنائية خاصة ، مع العلم انه لا يوجد لا ملف للصحافة ولا شارة و لا برنامج خاص بالحدث ، و حتى البلاغ لم ينشر الا في الساعات الاخيرة لانعقاد الحدث ، و الرجل هنا يطالب برخصة دخول استثنائية خاصة ، فالارتجالة يجب ان تكون في حدود المأمورية المنوطة برجل الامن الخاص في مثل هاته المواقف ، و بحكم ان المنظمين لم يصرحوا لمن وضعوه في مهمة حراسة الأمن بان هناك رخصا استثنائية للدخول اصدرت فلا يمكن و ايجوز المطالبة بها . سألت رجل الامن الخاص مباشرة بعد طلبه لرخصة استثنائية لولوج قصبة اغناج لمتابعة عرض للازياء من طرف طاقم صحفي مكون من صحفيين _سألته_ هل يوجد بالداخل احد المنظمين من الذين يستصدرون الرخص الاستثنائية أجابني باختصار: لا ، قلت له يمكنك ان تتصل به هاتفيا و قل له ان هناك صحافيا يريد الدخول 25 دقيقة قبل الموعد ، فقال لي ان المنظم لا يجيب على الهاتف ، و شر البلية ما يضحك ، منظم لحدث ثقافي لا يجيب على هاتف حارس الامن الخاص الذي وضعه لحراسة الباب ، قلت له وما الحل إذن ، قال لي انتظار الساعة التاسعة ليلا ، قلت له بلهجتي الجميلة الله يعطيك الخير وغادرنا البوابة.
غادرنا البوابة بدون شوشرة حاملين في صدورنا زخما من التهكم المضحك على عشوائية التنظيم و مستوى الهواة التي ما كنا نعلم ان جمعية من عيار تيميزار للفضة بتيزنيت تسقط فيه ببلادة مطلقة، وتجر معها في ذلك مجموع شركائها في التنظيم من مؤسسة دار الصانع ، و المجلس الجماعي لمدينة تيزنيت ، و منسيقيها من مجلس لجهة سوس ماسة ، و مجلس لعمالة إقليم تيزنيت .
هزالة الموقف تعيد للواجهة اشكاليات التنظيم الثقافي الذي يعتمد فيه على جهات و خلايا تواصلية و شركات للامن الخاص لا يفقهون في الفعل الثقافي و خصوصيته شيئا، على المنظمين ان يعتمدوا على نخبة من حراس الامن الخاص الواعوون تماما بالمعايير الامنية المعمول بها في الملتقيات الثقافية و التظاهرات بعقلية المثقف الذي يعلم و يعي قيمة الضيوف الثقافية و تنوعهم ، لا بعقلية “فيدور” يقف على باب حانة او ملهى ليلي .
على المنظمين ان يستعينوا في تنظيمهم على جهات من ذوي الاختصاص الاعلامي في مثل تنظيم هاته التظاهرات ، و أقتصر هنا على الجانب المتعلق بالصحافة فقط بدون ان اتطرق لباقي جوانب التظاهرة القيمية و الفنية و التقنية الأخرى التي سجلنا ملاحظات عليها بحكم مهنتنا و تفاجأنا أيضا بحجم الأخطاء التي وقع فيها المنظمون الذين يعتبرون من الجمعيات التي يضرب بها المثل على صعيد مدينة تيزنيت والتي تحمل على عاتقها مشعل الثقافة و التراث بالمدينة السلطانية كما يقال . و عرض الازياء هذا ليس نشاطها التنظيمي الاول لنحمله محمل النسخ الاولى التي لا نحملها عادة اكثر مما تحتمل
على المنظمين ان يعووا تمام الوعي “دور الصحافة” في الرفع من قيمة منتوجهم التنظيمي و تمكين رجال الصحافة بما يحقق أداء مهمتهم و مهنتهم الاعلامية و الصحافية في ظروف ملائمة ، و لا يقتصرون في ذلك على شكر عقيم يذيلون بها خطبهم الافتتاحية بعد شكر مجموع شركائهم ، مع تسجيلنا هنا ان الكاتب العام للجمعية _ و ان كانت الجمعية غير مقصودة في حد ذاتها بمقالنا بصفة مباشرة و انما نتخذها نموذجا فقط _ ممن راكموا تجربة اعلامية ذات قيمة عالية و يحظى بعلاقات اعلامية طيبة مع جميع ممتهني الصحافة و الاعلام برصيد اعلامي يجعل منه مرجعا في التنظيم و التواصل فكيف تقع في مثل هذا الخطأ الذي لا يليق و الفعل الثقافي .
على المنظمين ان يعتمدوا في تنظيمهم على طاقات تتحلى بالتجربة و بالفهم السليم و القويم و الممارسة المنضبطة للقوانين المعمول بها و للأخلاق و الأعراف المتعلقة بالحدث المنظم ثقافيا كان او سياسيا او شبابيا ..
على المنظمين و الغيورين على الشأن الثقافي محليا ووطنيا العمل على استخلاص العمل الثقافي من يد “عقلية الفيدورات” في الحراسة و خلق رجال امن خاص “بالثقافة للثقافة” فكما يقول المثل المغربي عنوان الدار من باب الدار، و رجال الامن الخاص اول من يطالعوننا في كل التظاهرات و يكون لنا معهم التقائية تواصلية غريبة قادرة على الرفع من قيمة التنظيم او نسفه .
همسة في اذن المنظمين “لاتغفلوا هاته الحيثية”