كلنا خبراء – جريدة الوطن نت | alouatan.net https://alouatan.net حيث الوطن .. للجميع Fri, 21 Aug 2020 10:26:55 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=5.7 تشريع استيراد النفايات في المغرب والتجربة الكندية في انتاج الوقود الحيوي في زمن كورونا https://alouatan.net/?p=710 https://alouatan.net/?p=710#respond Fri, 21 Aug 2020 10:26:55 +0000 http://alouatan.net/?p=710

تشريع استيراد النفايات في المغرب

والتجربة الكندية في انتاج الوقود الحيوي
في زمن كورونا

( نــص المقـــال كــامـــلا )

كلنـــا خبـــراء  بقلــم : محمـــد بنعبـــو


ارتبطت التنمية الاقتصادية منذ الماضي ارتباطا وثيقا بالاستخدام المتزايد للطاقة وبالزيادة في انبعاثات الغازات الدفيئة، حيث عجلت حاجة المنشآت الصناعية الكبرى و معامل الإسمنت الى الطاقة بالبحث عن موارد طاقية إضافية عبر الاستغلال الأمثل للنفايات الصناعية كطاقة بديلة للوقود الأحفوري، وبالتالي المساهمة الفعالة و الايجابية في مسلسل التنمية المستدامة، ولكن بالرغم من ذلك فلا يزال يتعين تقييم مساهمة الطاقات المتجددة والنظيفة باختلاف مشاربها الشمسية والريحية والمائية والأخرى المستخرجة من النفايات في التنمية المستدامة وبالتالي ضرورة قياس مؤشرات التخفيف من آثار تغير المناخ وتقييم آثارها البيئية والصحية وبالتالي مقارنتها بمؤشرات تحقيق أهداف التنمية المستدامة.


استيراد النفايات بالمغرب


ترى لماذا يستورد المغرب أطنانا من النفايات، بينما ينتج بنفسه الملايين منها كل عام و هل يتعلق الأمر بضمان جودة النفايات المستوردة؟ فقد أوضح بيان وزارة الطاقة و المعادن و البيئة الصادر يوم الاثنين 17 غشت 2020 أن المغرب استورد خلال الفترة من 2016 إلى 2019 حوالي مليون و600 ألف طن من النفايات التي تشكل المادة الأولية للطاقة، وأوضحت الوزارة أن نفايات المغرب يتم تدويرها و الاستفادة منها داخليا وهي لا تكفي لسد حاجيات المغرب الداخلية، في حين يتم تصدير النفايات التي لا يمكن تثمينها أو معالجتها على المستوى الوطني، ويخضع استيراد النفايات لمجموعة من المعايير والشروط أهمها ضمان عدم تأثيرها على البيئة، كما أنه يسمح فقط باستيراد النفايات التي سيتم تثمينها وتدويرها لا طمرها يضيف البيان.
الجدل الذي أثاره نشر وزارة الطاقة و المعادن و البيئة المغربية في زمن كورونا حيث عدسات الكاميرا موجهة نحو إحصاء ضحايا الفيروس الفتاك و الاعلام موجه نحو تثمين مجهودات الدولة في مواجهة الجائحة، أقدمت الوزارة الوصية على القطاع البيئي بنشر بالجريدة الرسمية عدد 6905 بتاريخ 3 غشت 2020 لقرارين وزاريين بشأن تحديد لائحة النفايات غير الخطرة التي يمكن الترخيص باستيرادها وبتحديد شروط وكيفية استيراد النفايات وتصديرها وعبورها، هذه القضية بالرغم من استغلال الحكومة للزمن المناسب لتمرير مثل هذه القرارات حيث المواطنين في غفلة مما يصنع الفاعل السياسي الذي يتقن استغلال الفرص لتشريع ما لم يكن بإمكانه تشريعه في أوقات اخرى، هذا القرار أعاد الى الواجهة قضية استيراد الوزارة الوصية لحوالي 2500 طن من النفايات التي كانت مخصصة لتغذية أفران مصانع الأسمنت حيث حاولت الوزارة الوصية يوم الإثنين 11 يوليوز 2016 طمأنة الرأي العام من خلال بيان توضيحي بأن المغرب يستورد سنويا “أكثر من 450 ألف طن من الوقود المشتق من النفايات” .
الوزيرة المنتدبة السابقة و المكلفة بالبيئة أكدت: “تمنح وزارة البيئة الإيطالية الإذن بعد تحليل تركيبة المخلفات والمستورد، وفي هذه الحالة، يقوم مصنعو الأسمنت باستيرادها فقط بمجرد التحقق من صحة الملف من قبل وزارة البيئة المغربية ولا يتم التحقق من صحة الملف إلا إذا كان يتوافق مع القانون”، وحسب الوزيرة المنتدبة السابقة: ” بمجرد استيراد المنتج يتم أخذ عينة من قبل مختبر معتمد للتحقق من امتثاله للملف المقدم في البداية”.


لجنة تقصي الحقائق تعري الصراع الصناعي البيئي


دعت لجنة تقصي الحقائق الحكومة إلى ضرورة اتخاذ قرار عاجل وواضح بخصوص الشحنة الإيطالية المحجوزة بمنطقة التخزين ببوسكورة، مسجلة “ارتباك وتذبذب” الحكومة في التعاطي مع الشحنة المستوردة من إيطاليا التي تعني “النفايات المشتقة كوقود بديل”، حيث أنها أوقفت استيراد جميع أنواع النفايات في مرحلة أولى وأكدت على أنها نفايات غير خطرة وتستعمل كوقود بديل، وبما أن مهنيي الإسمنت هم أبرز المعنيين باستيراد النفايات المستعملة كوقود بديل، كشفت لجنة تقصي الحقائق أن ممثل مهنيي الإسمنت أفاد أن المعامل الإسمنتية غير مؤهلة مقارنة مع دول أوروبا، بل هي ملزمة للقيام بتجهيزات معينة للوصول إلى المعايير الأوروبية، وبأن معظم النفايات غير الخطرة المستوردة توجه إلى الحرق في مصانع الإسمنت وفقا للاتفاقية المبرمة بين جمعية مهنيي الاسمنت والقطاع الحكومي المكلف بالبيئة والتي وقعت سنة 2003، وبأن هذا التوجه الجديد كلف استثمارات ضخمة خلال السنوات الأخيرة في تجهيز أفران لاستقبال الوقود الصلب المستخرج من النفايات والتحكم في الأدخنة والغبار الناتج عن حرقها.
و أكد التقرير أن إحدى شركات الاسمنت تستوفي نسبة مهمة من حاجياتها من الوقود الصلب من النفايات خاصة العجلات المستعملة، ما من شأنه تخفيف الضغط على مطارح النفايات المنزلية المراقبة، وتقليص نسبة استهلاك أراض وعقارات جديدة لطمر هذه النفايات.
التقرير أكد على عدم تحقق قسم الوقاية ومحاربة التلوث من قياس الانبعاثات الغازية المنبثقة بأكملها كما هو محدد في الاتفاقية وإنما يقتصر فقط على غازي أحادي أكسيد الكاربون و غاز الميتان بالاضافة إلى عدم توفر المختبر الوطني على الموارد البشرية والإمكانيات اللوجيستيكية للقيام بواجبه وتغطية المراقبة عبر التراب الوطني.
ويضيف التقرير أنه على إثر الضجة التي خلفتها عملية استيراد النفايات الإيطالية، جمدت الحكومة بقرار شفوي جميع عمليات استيراد النفايات الشيء الذي يتناقض و البلاغ الاخباري للوزارة الوصية و التي أكدت على ان عملية استيراد النفايات استمرت طيلة الفترة الممتدة مابين 2016 و 2019.
وخلصت اللجنة الى ضعف البنيات والتجهيزات الأساسية المتخصصة في معالجة النفايات الخطرة مقارنة مع حجم ما ينتج منها في المناطق الحرة بالمغرب، بالإضافة إلى الخصاص في الموارد البشرية بالقطاع الوصي على البيئة والاقتصار على بعض المضامين المسطرية لاتفاقية بازل والانسجام مع مقتضياتها، مع محدودية قدرة الوزارة الوصية على القطاع البيئي في المراقبة التقنية للنفايات التي تنتجها الوحدات الصناعية في عمليات الحرق.
وانتهت اللجنة الى تأثير توقيف عملية الاستيراد للنفايات المستعملة داخل الوحدات الصناعية مخلفا أضرارا اقتصادية مما جعل الحكومة تتراجع عن منع استيراد النفايات فضلا على أن الحكومة ارتكزت على استيراد النفايات الخطرة وغير الخطرة على مشروع مرسوم 2.14.505، المصادق عليه في المجلس الحكومي، وغير المنشور في الجريدة الرسمية مما يعد خرقا قانونيا واضحا وأخيرا النقص المهول في الوسائل اللوجستيكية والموارد البشرية للشرطة البيئية مقارنة بالمهام الموكولة إليها، حيث لا يمكن ل 70 عنصرا من هذا الجهاز على المستوى الوطني، حسب تصريحات المسؤولين بالوزارة المعنية من إنجاز مهام التتبع والمراقبة بالنجاعة المتوخاة، خاصة في مجال تدبير النفايات المنتجة بالوحدات الصناعية.


المجتمع المدني يتفاعل


ومباشرة بعد نشر الوزارة للبيان التوضيحي حول التشريع باستيراد اكثر عن 300 نوع من أنواع النفايات المصنفة ضمن النفايات غير الخطيرة حسب نص القرار التطبيقي، أدان الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الانسان نشر هذا القرار في في هذا الظرف الوبائي الخطير والجمهور منشغل في مواجهة مخاطر الكوفيد، و رفض الائتلاف بقوة ان تبيح الحكومة المغربية ووزارة الطاقة والمعادن الاتجار في النفايات الخطيرة وغير الخطيرة، ورفض ان تسمح لمن يريد استيرادها ونقلها وجني الثروة و الارباح وراءها، كما يرفض ان تسترخص الحكومة قيمة المواطن داخل وطنه وان تصدر مراسيم وقرارات تهدد صحته وأمنه الانساني وأمنه البيئي وتربة بلده ومياهه وهواءه وذلك ضدا على الدستور وعلى المواثيق الدولية في مجال البيئة والسلامة الصحية.


النفايات مورد طاقي إضافي


ويظهر الجدل الدائر حول إمكانية استيراد النفايات الصناعية خطيرة كانت أو غير خطيرة ووصولها إلى المغرب، فعوض ان يفكر الساهرون على الشأن البيئي في هذا الوطن الاحرى بهم ان يستفيدوا من تجارب الدول الاخرى عوض أن يجعلوا من المغرب مطرحا عموميا مفتوحا لنفايات العالم، فمجموعة من الدول العظمى تستعمل هذه النفايات كمورد طاقي إضافي أمن حالنا كبلدان العالم الثالث مفروض علينا ان نستقبل نفايات العالم المتتقدم و بصدر رحب و بالتصفيق و الزغاريت، هذا ما يفسره السرعة في اخراج قرارات تطبيقية في وقت استثنائي حيث ان الناس في غفلة مما تصنع حكومتهم المنتخبة حيث صودق عليها في 14 يوليوز 2020 و تم اخراجها على وجه السرعة في الجريد الرسمية بعد اسبوعين فقط.


الاتحاد الاوروبي سباق في انتاج الوقود الحيوي البديل


وهناك نوعان من الإجراءات: إحداها يعرف باسم “استعادة المواد” والذي يتكون من استعادة المواد القابلة لإعادة الاستخدام من خلال إعادة التدوير أو التسميد، والآخر يسمى “استعادة الطاقة” من خلال الحرق على وجه الخصوص، تم بالفعل استخدام هذه الطاقة البديلة الشهيرة كوقود ثمين ولعدة سنوات من قبل العديد من البلدان، ففي ألمانيا مثلا يتم استخدام مليوني طن من الطاقة البديلة كل عام ووفقا لدراسة أجرتها لجنة البيئة التابعة للاتحاد الأوروبي عام 2011 فإن إنتاج الطاقة البديلة هو أكثر نشاطا في الدول الاوروبية وتعد هولندا من بين أفضل الأمثلة في إعادة التدوير و تؤكد الدراسة أن أوروبا تستخدم عموما حوالي 20 مليون طن من النفايات البديلة و المستخرجة من النفايات كل عام.
في فرنسا أدى استخدام الوقود المستعاد من النفايات إلى تقليل ما يقرب من 50000 طن سنويا من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، هذا ما أكدته الدراسة، بالاضافة الى أن استخدام هذه الطاقة النظيفة لم يكن له أي تأثير سلبي على انبعاثات الهواء من مصانع الأسمنت و بالتالي يسمح استعمال هذا النوع من الطاقة بتوفير في استهلاك الوقود التقليدي والمواد الخام في حدود 40٪ إضافة إلى تقليل كميات النفايات التي سيتم إرسالها إلى مطارح النفايات فضلا عن تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون و بالتالي التخفيف من آثار الاحتباس الحراري على الكوكب.


مدينة مكناس رائدة عالميا في إنتاج البيوغاز


و يرجع الخبراء مصدر النفايات الى %34 من بقايا الطعام و%20 نفايات ورقية و%18 مخلفات البلاستيك و%11 نفايات زجاجية و%11 بقايا المعادن و%6 من مخلفات الأشجار والبستنة، حيث يمكن لــــ %60 من تلك المخلفات إعادة استخدامها و تدويرها في حين أن %44 منها يمكن أن يكون مصدرا للطاقة عبر الحرق المباشر حيث يطلق عليه مصطلح “الوقود المشتق من النفايات”، ويساعد هذا الوقود على الحد من تخزين المخلفات الصناعية والتخلي عنها على المدى الطويل، ودرء المخاطر البيئية التي يمكن أن يسببها تراكمها في المطارح العشوائية، أما بالنسبة للجزء المتبقي من النفايات الصلبة والذي يمثل بقايا الطعام يمكن أن يكون مصدرا للطاقة عبر إنتاج الغاز الحيوي “البيوغاز”، و تعتبر مدينة مكناس رائدة في هذا المجال عبر توفر مركز تثمين النفايات المنزلية على تقنيات عالمية الجودة تحول عصارة النفايات “ليكسيفيا” الى مياه صالحة لسقي المساحات الخضراء و تطمح الجماعة الترابية مكناس عبر هذا المشروع النموذجي و الذي تم تتويجه بشارة قمة المناخ في نسختها 22 والمنعقدة بمدينة مراكش عام 2016، الى ربط المنشات الصناعية القربية من المركز بالطاقة الكهربائية المستخرجة من خلال البيوغاز، في مقابل ذلك تعيش مجموعة من المطارح العشوائية و غير المراقبة على الحرق المباشر للنفايات أو طمرها مما يؤثر بصفة مباشرة على الفرشة المائية، ومطرح مديونة خير دليل على ذلك حيث الليكسيفيا أغرقت الطرقات المجاورة للمطرح، أم مطرح أم عزة فصهاريج تجميع الليكسيفيا قد امتلأت عن آخرها و تنذر بكارثة بيئية على مستوى جهة الرباط.


تحويل نفايات كندا إلى طاقة


في زمن كورونا وبينما يمر الاقتصاد الكندي بفترات حرجة عامة وصناعة تدوير النفايات خاصة بأزمة كبيرة لم يشهدها إقليم كيبيك من قبل، هذه الأزمة التي ترجع أسبابها بالدرجة الأولى إلى جائحة فيروس كورونا حيث أثرت الإجراءات الاحترازية التي فرضتها السلطات الكندية على عملية تجميع النفايات القابلة للتدوير، و يرى الخبراء أنه سيكون من المربح تحويل جزء من نفايات كندا إلى طاقة، حيث على الرغم من فرز النفايات واستعادة المواد القابلة لإعادة التدوير في كندا إلا أنه ينتهي الأمر بأكثر من خمسة ملايين طن من هذه النفايات التي تم فرزها في مطارح النفايات في إقليم كيبيك كل عام، وهذا هو الدافع الذي جعل تشارلز مورو رئيس شركة ” تضافر – تقليص- تدوير – إعادة استعمال” يحاول إقناع الحكومة الكندية والحكومة المحلية بكيبيك منذ عشر سنوات باستخدام جزء من نفايات كندا لإنتاج الطاقة، ويضيف تشارلز مورو: “من الواضح أنه في الوقت الحالي لا نملك المقومات الاساسية لاستقبال جميع المواد القابلة لإعادة التدوير في إقليم كيبيك، لذا فنحن نقدم الخبرة و الحلول دائما لجميع المواد التي لا يمكن العثور عليها لإعادة التدوير “، وتخطط الشركة لإنجاز أول مصنع لها بكندا لتحويل النفايات إلى وقود بديل “غاز حيوي” في غضون العامين المقبلين، هذا المشروع الخاص يعتمد على تقنيات علمية جد متطورة حيث تتواصل المناقشات مع العديد من المتدخلين والشركاء لضبط آليات التنسيق الإقليمية من أجل إنشاء المصنع التحويلي للطاقة، “نحرق المواد التي تم تجميعها، ثم نحول هذه المواد إلى طاقة ومنتجات ثانوية تشكل المادة الخام” يختم تشارلز مورو.


بلدان متقدمة تستفيد من التجربة الكندية


وقد اتخذت عدة دول مثل السويد واليابان والنرويج نفس المنعطف نحو الانتقال الطاقي وانتاج الوقود الحيوي من النفايات، حيث يشير الخبراء في دولة اليابان إلى أن ثلاثة أطنان من النفايات تساوي طنا واحدا من الوقود الحيوي، وتستخدم اليابان بالفعل التكنولوجيا التي تقدمها شركة ” تضافر – تقليص- تدوير – إعادة استعمال” الكندية و تاكد ذلك بعدما زار العديد من المسؤولين والمنتخبين في اقليم كيبيك لمصنع تشيبا الياباني والمتخصص في انتاج الوقود الحيوي.

1٪ فقط من النفايات ينتهي بها المطاف في مطارح النفايات في السويد، حيث يستعيد السويديون 49٪ من المواد القابلة لإعادة التدوير من خلال الفرز الانتقائي على أساس مشاركة المواطنين، على أساس ان الباقي يحترق من أجل الطاقة.
و كانت الوزارة الوصية على قطاع البيئة بالمغرب قد حاولت نهج نفس فلسلفة الفرز الانتقائي للنفايات من المنبع عبر إشراك الساكنة من خلال مشروع الانتاج المشترك للنظافة منذ عام 2014 خصصت له مبالغ مالية مهمة عبر انتقاء مجموعة من الاحياء بالمدن الكبرى كطنجة وفاس والبيضاء، مشروع نموذجي كان بإمكانه أن يعطي نتائج جيدة تتماشى والبرنامج الوطني للنفايات المنزلية و لكن للأسف لم يحصد منه المغرب سوى الأرقام حيث عوض فرز النفايات وفق نوعيتها البلاستيك و الورق والمواد المعدنية، كان يتم تجميع مخلفات الخبز و العجائن.
أما في السويد فيعتبر المشروع نموذجا لعمل مربح حيث يتعين على السويد استيراد النفايات من البلدان المجاورة وبشكل أساسي المملكة المتحدة والنرويج لتلبية الطلب، حيث يؤكد الخبراء مع ذلك أن إعادة التدوير أفضل بكثير من التحويل إلى طاقة، “إذا نجحنا في فرز أو فصل كل الورق والبلاستيك من المصدر فلن نحتاج إلى أنظمة تقوم باستعادة الطاقة، نحن بحاجة إلى إعادة تدوير هذه المواد أكثر مما نحتاجه لإنتاج الطاقة” كما يقول كاريل مينارد ، المدير العام لمؤسسة الجبهة المشتركة الكيبيكية لإدارة النفايات البيئية، في حين يعتقد نورماند موسو الأستاذ في جامعة مونتريال والمدير الأكاديمي لمعهد تروتييه للطاقة: “نريد تقليل استهلاكنا للموارد ونريد أن نكون قادرين على إعادة استخدامها قدر الإمكان؛ وهنا تكمن المشكلة في الاحتراق ولهذا السبب توجد معارضة كافية هنا” فبالنسبة له تعمل وفرة الطاقة الكهرومائية في كيبيك ضد تطوير قطاع الطاقة المرتبط بالنفايات، و يضيف نورماند موسو: “لدينا مثل هذه الميزة من وجهة نظر الطاقة النظيفة بحيث يصبح من الصعب تبريرها من وجهة نظر الطاقة، ومن ناحية أخرى عندما تنظر إلى التكاليف وعندما تنظر إلى الخيارات يجب ألا تضع ذلك جانبا تماما.”
بالنسبة لتشارلز مورو لا يتعلق الأمر بالتنافس مع الطاقة الكهرومائية بل يتعلق بتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، حيث هناك 30 أو 35٪ من الطاقة الكهرومائية لكن عنصر الطاقة الآخر هو أحفوري إلى حد كبير، فنحن نتحدث عن الطاقة البديلة للوقود الأحفوري.
ومع ذلك يعترف العديد من الخبراء بأن نظام الاسترداد الحالي حيث يتم نقل كل شيء مختلطا معيب جدا وفي بعض الأحيان يعمل فقط على زيادة الوعي بين السكان فقط، حيث يتم إنفاق أكثر من 80٪ من تكاليف الاسترداد على النقل، وينتهي الأمر بالعديد من المواد القابلة لإعادة التدوير في مطارح النفايات لأنها لا تجد مكانا لها في السوق بسبب التلوث الشديد.
“هذا هو الشيء الذي يثبط عزيمة العديد من المواطنين الذين يقوم عليهم النظام بأكمله، فالمشاكل هيكلية، في رأينا يجب مراجعة كل شيء عمليا في سلسلة الاسترداد بأكملها في كيبيك، حتى على مستوى المنتجين والتعبئة” يعترف كاريل مينار الذي يود أن يتم تقاسم المسؤولية بشكل أكبر بين جميع الفاعلين و المتدخلين و الشركاء.
تصدير المنتجات المستعادة من النفايات ليس حلا بيئيا للغاية أيضا بسبب مسافات النقل، بالإضافة إلى ذلك غالبا ما يتم حرق المواد المشحونة لتوليد الكهرباء: “إذا لم يكن من الممكن استخدامها لمصانع الورق لدينا فلا يمكن استخدامها على الجانب الآخر من المحيط” كما يعتقد تشارلز مورو.

تحويل النفايات إلى وقود بالبيرطا الكندية

يعد مركز تحويل النفايات إلى الوقود الحيوي والكيماويات في إدمونتون باقليم ألبيرطا أول منشأة من نوعها لتحويل النفايات إلى وقود حيوي على نطاق تجاري وهو مصمم لتحويل النفايات المنزلية إلى وقود حيوي متجدد ومواد كيميائية، وتم بناء هذا المركز وامتلاكه وتشغيله باستخدام التكنولوجيا المملوكة لشركة إنيركم، وتهدف إلى تحويل 100000 طن من النفايات الصلبة البلدية إلى 38 مليون لتر من الوقود الحيوي سنويا لمساعدة ألبرتا على تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري حيث يمكن للوقود الحيوي القائم على النفايات أن يقلل من انبعاثات الغازات الدفيئة بأكثر من 60٪ مقارنة بإنتاج الوقود الأحفوري ومطارح النفايات، وتعتبر المواد الخام المستخدمة في إنتاج الوقود الحيوي هي النفايات الصلبة التي لا يمكن إعادة تدويرها أو تحويلها إلى سماد.
وبعد إنتاج الميثانول في البداية فقط أقام المصنع عملية جديدة لإنتاج الإيثانول في عام 2017 وكان الهدف من إنتاج الميثانول ثم الإيثانول له مزايا بيئية واقتصادية، ويعد تركيب النفايات في الوقود الحيوي جزءا من مبادرة أكبر بين شركة إينيركم ومدينة إدمونتون حيث تتضمن مبادرة تحويل النفايات إلى وقود حيوي أيضا مركزا لإعداد النفايات ومرفقا متقدما لأبحاث الطاقة حيث سيساعد استخدام النفايات كمصدر للوقود في تقليل انبعاثات غازات الدفيئة وتقليل الحاجة إلى المحاصيل الغذائية كمواد وسيطة للإيثانول ومساعدة ألبيرطا في ريادة الطريق في إنتاج الوقود الحيوي المتقدم.

تقنيات استخراج الطاقة البديلة

يعتبر حرق المواد العضوية لاستخراج الطاقة من أهم التقنيات لانتاج الطاقة البديلة عبر حرق المواد العضوية مع “استرجاع الطاقة”، بمعنى أن الطاقة التي صرفت في البداية في عملية الحرق والترميد تسترجع من خلال الحرارة الناتجة من عملية استكمال حرق المادة العضوية، لتستخدم لاحقا في إنتاج الكهرباء، ويُعد هذا التطبيق الأكثر شيوعاً، لكنه يستلزم تطبيق معايير صارمة لمراقبة الانبعاثات السامة و الخطيرة على الغلاف الجوي، عبر قياس درجة انبعاث غازات أوكسيد النيتروجين، وثاني أوكسيد الكبريت، والمعادن الثقيلة كالرصاص و الارسنيك فضلا عن الديوكسينات، وهي مجموعة من المواد الكيميائية الخطرة تعرف بالملوثات العضوية الثابتة، وتثير هذه المواد قلقا عالميا بسبب قدرتها العالية على إحداث التسمم إذا ما تسربت إلى عناصر البيئة.
ويم إنتاج الوقود السائل عبر ما يسمى بالانحلال الحراري أو التكسير الحراري لمنتجات البلاستيك عبر تعريضها لحرارة وضغط عاليين في غياب الأوكسيجين، فتتكسر منتجة سوائل شبيهة بالوقود البترولي، ويمكنها أن تكون بديلا ممتازا له.
ويمكن الاستفادة من الطاقة الضائعة في محارق النفايات في توفير الحرارة اللازمة للتكسير الحراري لمواد البلاستيك، كما يتم تطبيق تقنيات التكسير الحراري في إنتاج الفحم والوقود السائل والغاز من النفايات العضوية. و خير مثال على ذلك منشأة إدمونتون في اقليم ألبيرطا الكندي لتحويل الإيثانول إلى طاقة، المغذى بالوقود الصلب المستعاد، وكذا مصنع تحويل الإيثانول إلى طاقة بولاية مسيسيبي الأمريكية.
و يتم تغويز البلازما عبر تحويل النفايات إلى طاقة انطلاقا من الحالة السائلة أو الصلبة إلى الحالة الغازية مباشرة، و تتم هذه العملية عبرمعالجة النفايات العضوية وغير العضوية بواسطة مفاعل يستخدم موقد بلازما قوي لرفع درجة حرارة النفايات لتصل إلى آلاف الدرجات، وتؤدّي هذه الحرارة الرهيبة إلى تكسير الروابط الكيميائية بين العناصر وتحويل كامل كمية النفايات المعالجة، بما فيها الخطرة بيئيا إلى غازات، وتُقسّمها إلى عناصرها الأساسية، هذه الطريقة التي تتميز بعدم إنتاج الرماد الذي يعد مشكلة أساسية في المحارق التقليدية، كما أن مردود الطاقة من هذه العملية عال جدا مقارنة بتقنية الحرق المباشر.
وتتصدر اليابان حاليا دول العالم في نسبة النفايات التي تحولها إلى طاقة من مجموع النفايات الصادرة عن مدنها، كما أن حرق النفايات الصلبة في عدة مناطق بالمملكة المتحدة يستغل لغرض إنتاج طاقة حرارية لأبنية متعددة الطوابق وبعض الأبنية العامة، بما في ذلك المخازن التي يمتلكها أناس عاديون.
وهناك مشاريع ريادية في كثير من الدول الأوروبية والصين والبرازيل في محاولة لتخفيف الضغط عن مكبات النفايات الصحية، ولتوفير جزء من الطاقة اللازمة لتلك الدول.
وعلى المستوى العالمي، واستنادا إلى الاتحاد الدولي للنفايات الصلبة، يوجد أكثر من 100 معمل لتحويل النفايات إلى طاقة في الولايات المتحدة، وأكثر من 500 في أوروبا وأكثر من 400 في اليابان، وتخطط كل هذه الدول حاليا لتطوير اعتمادها على طاقة النفايات كما ونوعا، وهو ما يجعل هذا المصدر المتجدد للطاقة ثالث أنواع الطاقة المتجددة من حيث النمو والإسهام في إنتاج الطاقة.

هل يمكن للوقود البديل أن يحل أزمة الطاقة

ظل الصراع و التأثير السلبي بين الصناعة والبيئة لسنوات و عقود قبل أن يبدأ في الظهور مفهوم “التنمية المستدامة”، والذي رسخ لنظرية جديدة تقوم على احترام البيئة والموارد الطبيعية من أجل صناعة أكثر استدامة تدعم مفاهيم الاقتصاد الأخضر، ويعتبر استخدام النفايات وقودا بديلا في مصانع الأسمنت أحد النماذج التطبيقية لهذه النظرية العلمية، حيث تعد صناعة الأسمنت من أكثر الصناعات شراهة في استهلاك الطاقة، إذ إن إنتاج طن أسمنت واحد يستلزم حرق 100 كيلوغرام من الوقود الأحفوري: فحم حجري، غازوال، غاز طبيعي مما ينتج عنه حوالي 650 كيلوغرام من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الغاز الرئيسي المسبب للاحتباس الحراري.

ألمانيا و بولونيا تجارب ناجحة

و مع مرور السنوات و الأعوام بدأ التفكير في بدائل للوقود الأحفوري في مصانع الأسمنت، وكان الحل الأمثل هو النفايات الصلبة في أفران الأسمنت بهدف إنتاج الطاقة اللازمة للصناعة، ونتيجة للجهود المبذولة دوليا انخفضت نسبة الاعتماد على الطاقات الملوثة في مصانع الأسمنت بشكل كبير و أصبح الوقود البديل و المستخرج من النفايات واسعة الانتشار في دول الاتحاد الأوروبي و تعتبر اليونان وبولونيا وألمانيا، أقوى الدول الاوروبية استعمالا للوقود البديل، فالحكومات تلعب دورا رئيسيا في مدى نجاح عملية التوجه إلى الوقود البديل عن طريق تهيئة المناخ المناسب من خلال وضع التشريعات اللازمة، بالإضافة إلى الاختيار الصحيح للمنظومة التي تدار بها النفايات.
إن بولندا وألمانيا مثلا تتمتعان بمناخ عام يدفع عمليات التحول نحو الوقود البديل في مصانع الأسمنت إلى الأمام، فبولندا تعتمد على طاقة النفايات بنسبة (45%) أما في ألمانيا فالنسبة تبلغ (62%)، ومن المتوقع أن تصل إلى (80%) بحلول عام 2020، في حين أن عدم رغبة الحكومة اليونانية في ضخ استثمارات لتحسين إدارة النفايات يقف عائقا أمام استخدام طاقة النفايات، فنجد أن استخدامها لا يتعدى 7%، علما بأن متوسط استخدام تلك الطاقة يبلغ في المتوسط حوالي 36% في الاتحاد الأوروبي، ومن الناحية التقنية، أكد التقرير أن الاتحاد الأوروبي يستطيع رفع نسبة استخدام طاقة النفايات في مصانع الأسمنت من 36% إلى 95%، مما سيقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 41 ميغا-طن سنويا.
وكانت جامعة كوينزلاند الأسترالية قد أصدرت تقريرا عام 2013 يوضح أن معظم الدول الأوروبية في حينها كانت قد أحرزت تقدما كبيرا في إحلال طاقات بديلة محل الطاقة التقليدية، ففي بلد مثل هولندا بلغت نسبة استخدام الطاقة البديلة 83%، مقابل 47,8% في سويسرا، و35% في النمسا، و34,1% في فرنسا، وحتى تصل هذه الدول إلى مثل هذا الإنجاز، قطعت شوطا كبيرا في مجال إنتاج الطاقة البديلة من النفايات الصناعية والمنزلية والزراعية، ففي أوروبا واليابان، تكونت شبكات واسعة لجمع النفايات وتدويرها أو تجهيزها لتصلح كوقود بديل، ومما لا شك فيه أن عمليات إعادة التدوير تحقق عائدا اقتصاديا كبيرا، كما تسمح بحماية البيئة عن طريق التخلص النهائي من النفايات.
أما في الدول النامية، فلا تزال جهود التحول للوقود البديل غاية في التواضع، فعلى سبيل المثال تعتبر ثروة المغرب من النفايات ضخمة جدا، ولكنها للأسف لا تستغل على الوجه الأمثل، حيث يبلغ حجم النفايات المستخدمة في إنتاج الوقود البديل في المغرب كميات جد هامة ويرى منتجو الأسمنت أنه لا توجد رؤية علي المدى الطويل في المغرب للتحول للطاقة البديلة، مدللين على ذلك بأن الحكومة ظلت لسنوات طويلة تدعم الوقود التقليدي.
إن المشكلة في المغرب حاليا هي الوصول للمواصفات القياسية للنفايات حتى يتم تلبية احتياجات شركات الإسمنت، فالمخلفات عادة ما تكون مخلوطة بمواد سامة أو خطيرة على صحة الانسان، مما يقلل من قيمتها الحرارية.
وأخيرا، ما زال المغرب في بداية الطريق الطويل لتحويل النفايات إلى طاقة، والمطلوب للمضي قدما في هذا الاتجاه هو المزيد من الجهد لتشجيع عملية التحول، فالمشكلة ليست في غياب القوانين والاستثمارات فحسب، ولكنها في عدم وجود رؤية وآلية للدفع بعملية التحول إلى آفاق جديدة عوض الهروب الى الامام و استغلال ظرفية تاريخية لجائحة كورونا لتمرير مراسيم تطبيقية و نشرها بسرعة الضوء على الجريدة الرسمية فما أحوجنا إلى هذه السرعة في إخراج مراسيم و قوانين في ميادين اجتماعية وفي الوظيفة العمومية و في الصحة و التعليم مراسيم و قوانين تنتظر سنين و اعوام لترى النور.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*محمد بنعبو: رئيس المكتب الوطني لجمعية مغرب أصدقاء البيئة

]]>
https://alouatan.net/?feed=rss2&p=710 0
التنوع البيولوجي في زمن كورونا (1/2) بقلم المهندس محمد بنعبو https://alouatan.net/?p=686 https://alouatan.net/?p=686#respond Sat, 27 Jun 2020 00:01:31 +0000 http://alouatan.net/?p=686

التنوع البيولوجي
في زمن كورونا(1/2)

كلنـــا خبـــراء  بقلــم : محمـــد بنعبـــو

 

التنوع البيولوجي في زمن كورونا(الجزء الاول)
كان من المفترض أن يكون عام 2020 “عامًا رائعًا للطبيعة” مع مؤتمر عالمي لحفظ الطبيعة، ومؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات وقمة الأمم المتحدة للطبيعة وكلها تتوج بمؤتمر عالمي حول التنوع البيولوجي الذي كان سيؤثث فضاء مناسبًا لـ “إطار التنوع البيولوجي لما بعد عام 2020” صالحًا لعقد من الزمن، كما كان من المفترض أن يكون عام 2020 العام الذي سيطلق عقد الإصلاح ويضع في نهاية المطاف للحلول القائمة على الطبيعة في قلب المفاوضات المناخية، لكن الفيروس التاجي المستجد كانت لديه خطط أخرى سلطت الضوء على نقاط الضعف في مجتمعاتنا، سواء من حيث الرعاية الصحية أو عدم المساواة.
و ككل سنة احتفلت هيئة الأمم المتحدة و دول المعمور باليوم العالمي للتنوع البيولوجي شهر ماي الماضي، و باليوم العالمي للغابات الاستوائية الاثنين الماضي 22 يونيو 2020، مناسبتين رئيسيتين لتعزيز الوعي العالمي والعمل من أجل حماية الغابة الاستوائية والتنوع البيولوجي و النظم البيولوجية المحتضنة له، وعلى مر السنين، نما الاحتفال بهذا اليوم ليصبح أكبر منصة عالمية للتواصل العام حول النظم الإيكولوجية و أنواع التنوع البيولوجي والذي يحتفل به الملايين من الناس في أكثر من 100 دولة.
و يعتبر التنوع البيولوجي عنصرا حيويا لصحة البشر ورفاهيتهم سواء تعلق الأمر بفرادى الأنواع أم بالنظم الإيكولوجية بأكملها: “وإنني بمناسبة اليوم الدولي للتنوع البيولوجي لأحث الجميع، حكومات ومؤسسات تجارية ومجتمع مدني، على اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية شبكة الحياة الهشة والحيوية على كوكبنا الوحيد وإدارتها على نحو مستدام” يقول أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة.


التنوع البيولوجي وأهداف التنمية المستدامة


و في ارتباط التنوع البيولوجي بأهداف التنمية المستدامة يهتم الهدف الخامس عشر من أهداف التنمية المستدامة بحماية النظم الإيكولوجية البرية وترميمها وتعزيز استخدامها على نحو مستدام، وإدارة الغابات على نحو مستدام ومكافحة التصحر، ووقف تدهور الأراضي ووقف فقدان التنوع البيولوجي.
ووفقًا للتقرير التاريخي الصادر هذا العام عن هيئة الخبراء الدولية حول التنوع البيولوجي، فمن المتوقع أن تقوض الاتجاهات السلبية الحالية في التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية التقدم المحرز في تنزيل أهداف التنمية المستدامة ذات الصلة بالفقر، والجوع، والصحة، والاستهلاك والإنتاج المستدامين، والمياه، والمدن، والمناخ والمحيطات والأرض.
وقد أكد كل من ريكاردو لوزانو، وزير البيئة والتنمية المستدامة الكولومبي ويوشن فلاسبارث، وزير الدولة للبيئة في ألمانيا، وإينغر أندرسن، المديرة التنفيذية للأمم المتحدة للبيئة على هامش مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ في نسخته الخامسة والعشرين الذي عقد في العاصمة الإسبانية مدريد، العام الماضي أنه مع وجود مليون نوع من النباتات والحيوانات التي تواجه خطر الانقراض، لم يعد هناك وقت أكثر أهمية للتركيز على مسألة التنوع البيولوجي مثل هذا الوقت.
كما قالت السيدة إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة: “عام 2020 هو عام الطموح والعمل لمعالجة الأزمة التي تواجه الطبيعة، إنها فرصة لإدماج الحلول القائمة على الطبيعة بشكل كامل في العمل المناخي العالمي” و تضيف بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للبيئة الذي سيحتفل به العالم يوم 5 يونيو و ستحتضن احتفالاته الرسمية كل من كولومبيا و ألمانيا حيث سيقتصر الاحتفال على الصيغ الافتراضية، واتخذ يوم البيئة العالمي شعارا له هذه السنة التنوع البولوجي: “وكل يوم، يمثل اليوم العالمي للبيئة منصة قوية لتسريع وتضخيم وإشراك الناس والمجتمعات والحكومات في جميع أنحاء العالم لإتخاذ إجراءات بشأن التحديات البيئية الحرجة التي تواجه الكوكب، نحن ممتنون لكل من كولومبيا وألمانيا لإظهارهما القيادة في هذا الجهد.”


2020 عام الحسم للتنوع البيولوجي


و يعد عام 2020 عامًا حاسمًا بشأن التزامات الدول بخصوص الحفاظ على التنوع البيولوجي و استعادته، حيث كان من المنتظر أن تستضيف الصين الاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي في كونمينغ قبل أن يؤجل الى موعد لاحق بسبب جائحة كورونا، ويوفر العام المقبل أيضًا فرصة لتعزيز بدء عقد الأمم المتحدة لإستعادة النظم الإيكولوجية 2021-2030، الذي يهدف إلى توسيع نطاق إستعادة النظم الإيكولوجية المتدهورة والمدمرة على نطاق واسع لمكافحة أزمة المناخ وتعزيز الأمن الغذائي وإمدادات المياه و التنوع البيولوجي.
وفي كلمة له قبل الإعلان عن تأجيل قمة الأطراف للتنوع البيولوجي المرتقب تنظيمها بالصين أكد ريكاردو لوزانو وزير البيئة والتنمية المستدامة في كولومبيا: “سنواجه تحديًا مهمًا في عام 2020 في كولومبيا، وهو استضافة الاجتماع الثالث والأخير للفريق العامل المفتوح العضوية للإطار العالمي للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020 قبل انعقاد مؤتمر الأطراف في الصين، في كولومبيا، نحن على استعداد للعمل معًا للتوصل إلى اتفاق يتيح لنا المضي قدما نحو تحقيق نتائج طموحة في مؤتمر الأطراف الذي سيجمعنا في الصين؛ إننا نرحب ببادرة الدعم الألمانية في هذا الجهد العالمي ونتطلع إلى تعاون ناجحا.”
وتحتل كولومبيا المرتبة الأولى في العالم التي تقترب من 10 في المائة من حيث التنوع البيولوجي للكوكب، وتحتل كولومبيا المرتبة الأولى في تنوع أنواع الطيور والأوركيد والثانية في النباتات والفراشات وأسماك المياه العذبة والبرمائيات، وتوجد في كولومبيا عدة مناطق ذات تنوع بيولوجي عالٍ في النظم الإيكولوجية للأنديز، مع مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأنواع المستوطنة، كما أن لديها جزءاً من غابات الأمازون المطيرة والنظم الإيكولوجية الرطبة لمنطقة شوكو الجغرافية الحيوية.
وقال يوشين فلاسبارث، وزير الدولة للبيئة في ألمانيا: “لا يوجد وقت أفضل للاجتماع معا من أجل الكوكب من الآن”، و يضيف أن:”العمل المناخي والحفاظ على التنوع البيولوجي وجهان لعملة واحدة، نحن بحاجة إلى تطوير سياسات توقف انقراض الأنواع النباتية والحيوانية، و يسر ألمانيا دعم كولومبيا والدول الأعضاء الأخرى في جعل عام 2020 عامًا يبدأ فيه العمل من أجل الحفاظ على التنوع البيولوجي “.
و بسبب جائحة كورونا تم تأجيل قمة الأطراف بشأن تغير المناخ في نسختها السادسة و العشرين و قمة الأطراف بشأن التنوع البيولوجي في نسختها الخامسة عشر، ومع ذلك، اعتبرت هذه المفاوضات الدولية، المقرر إجراؤها عام 2021، ضرورية لمستقبل الكوكب، لكن تأجيلها يمكن أن يتحول إلى إعطاء نفس جديد في المفاوضات برؤية جديدة و مفاهيم جديدة وطرق تفاوض جديدة ستكون ايجابية و لصالح كوكب الأرض.
و حتى لا ننسى قمة الفشل بامتياز: مؤتمر الأطراف حول تغير المناخ المنعقد تحت رعاية الأمم المتحدة نهاية عام 2019 في مدريد فقد جعلتنا هذه القمة العالمية التي حشد لها ما يزيد عن 25000 مندوب من كل بقاع العالم، نعيش شعورا رهيبا بعدم المسؤولية الدولية، فقد فشلت القوى العالمية الكبرى في رفع درجة التسويف الى رتب متقدمة، بعدما كانت قد استدعت الشباب والمنظمات غير الحكومية من أجل “تغيير النظام العالمي لإنقاذ المناخ” و للضغط دون مزيد من التأخير على الاقتصاد العالمي القائم على الكربون للانتقال الى الاقتصاد الخالي من الكربون مرة أخرى، ومع ذلك لن يأتي الحل إلا بالتضامن الدولي الذي لا غنى عنه ومن قدرتنا في المستقبل على ربط الأزمات الصحية والبيئية.
ويعد مؤتمر قمة الأطراف من أجل المناخ الذي كان مقررا عقده في اسكتلندا في غلاسكو في نونبر المقبل بأن يكون الأهم منذ مؤتمر باريس المنعقد عام 2015، وكان من المقرر أن تحدد القمة السادسة العشرون لتغير المناخ طموح اتفاقية باريس للمناخ، تلك التي كان على البلدان في جميع أنحاء العالم الوصول إليها من خلال مراجعة أهدافها للحد من الغازات الدفيئة بشكل كبير، حيث لا مزيد من تضييع الوقت فالالتزامات الحالية التي تعهدت بها الدول ستؤدي حسب تقديرات علماء المناخ إلى ارتفاع درجة الحرارة ما بين 3 و4 درجات مئوية بحلول نهاية القرن بينما يهدف بروتوكول باريس الى احتوائه في درجتين مئويتين.
و كانت قد أعلنت الحكومة البريطانية أنه “بالنظر إلى التأثير العالمي والمستمر لـجائحة كورونا، فإن عقد قمة الأطراف لتغير المناخ في نسختها السادسة و العشرين في نونبر المقبل لم يعد ممكنًا”.
و لا يمكن اعتبار عام 2020 عاما للمناخ فقط، بل عاما للطموح والانتصار المنتظر لسنوات خصوصا بعد انتكاسة بروتوكول كيوتو وانسحاب كندا مرفوقة بمجموعة من الدول العظمى في بداية القرن الحالي، و الإنتكاسة الأخرى التي رافقت انسحاب الولايات المتحدة الامريكية من بروتوكول باريس لتغير المناخ، انتكاسة أخرى كان من المنتظر يشهدها العالم في شهر أكتوبر المقبل في الصين إذا لم يضع العالم بأسره حدا لها عبر وضع قوانين جديدة لحماية التنوع البيولوجي، فقد كان الغرض من الاجتماع الخامس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي هو وضع خطة عالمية لاستعادة النظم البيئية وحمايتها، تعويضا عن الوقت الضائع، لا شيء على ما يرام: 75٪ من البيئة الأرضية و 40٪ من البيئة البحرية تظهر عليها علامات كبيرة من التدهور، ويتعرض ما بين 500000 ومليون نوع بيولوجي من ضمن ثمانية ملايين نوع على هذا الكوكب لخطر الانقراض، ستظل قمة الاطراف بشأن التنوع البيولوجي في نسختها الخامسة عشرة التي كان غالبا ما ستعقد في الصين ولكن في العام المقبل ويفترض أن تكون خلال النصف الأول من عام 2021.
كما تم تأجيل قمة مهمة أخرى، و يتعلق الأمر بقمة الأمم المتحدة حول المحيطات التي كان من المقرر عقدها في شهر يونيو الحالي في البرتغال، وكذلك مؤتمر الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة و الذي كان من المقرر عقده في شهر يونيو الحالي في مرسيليا حيث سيعقد في بداية شهر يناير من عام 2021، وكانت هذه هي المرة الأولى التي ستستغل قمة دولية لتوعية عامة الناس بشكل موضوعي تمامًا بضرورة حماية الطبيعة، في الوقت الذي تم فيه توثيق الصلة بين الأوبئة والتدمير الشامل للتنوع البيولوجي على نطاق واسع في الأسابيع الأخيرة.
يقول لورانس توبيانا مهندس اتفاقية باريس للمناخ والرئيس المشارك للجنة الحكامة من أجل المناخ التابعة لاتفاقية مؤتمر المناخ: “دعونا نجعل الأزمة الصحية التي نمر بها والتي ترتبط بالأزمة البيئية فرصة” و يضيف: “هذه لحظة حاسمة لتسريع العمل المناخي وليس للرجوع إلى الخلف.”
و كانت قد أعلنت كل من بولونيا والجمهورية التشيكية عن التخلي عن “الصفقة الخضراء الجديدة” التي أطلقتها رئيسة المفوضية الأوروبية الألمانية أورسولا فون دير لين، تعبيرا عن المواقف المؤيدة لخطوة إلى الوراء بشأن التدابير المناخية داخل الاتحاد الأوروبي، اتفاق أخضر تم منحه ألف مليار يورو على مدى عشر سنوات، لتمويل الانتقال الإيكولوجي، اتفاق اعتبرته دولة بولونيا أنه سيعيق الانتعاش الاقتصادي بعد أزمة فيروس كورونا.
ويؤكد لورانس توبيانا مدير مؤسسة المناخ الأوروبية: “ستشكل أزمة الفيروس التاجي نقطة تحول حقيقية و فرصة لن يتم تفويتها أبدا.”
وتطالب العديد من المنظمات غير الحكومية باستغلال الفرصة التاريخية التي منحها الفيروس التاجي، يقول لورانس توبيانا إنه ضروري مع “بعض المبادئ الأساسية”: فقبل كل شيء، لا تطبق الوصفات القديمة للاقتصاد لإعادة تشغيل الجهاز كما كان من قبل، ففي كل مرة، تأخرنا لسنوات مع زيادة في انبعاثات الغازات الاحتباس الحراري منذ بداية الانتعاش الاقتصادي، كان هذا هو الحال بعد الأزمة المالية لعام 2008.
كما ينبغي أن يكون الانتعاش الاقتصادي القادم فرصة لإزالة مليارات الإعانات المخصصة للوقود الأحفوري، “نحن لا نلحق أي ضرر ونستثمر في قطاعات تنافسية للغاية اليوم مثل الطاقات المتجددة، فلم يكن هذا هو الحال قبل عشر سنوات في وقت خطط التحفيز المرتبطة بأزمة عام 2008” يؤكد لورانس توبيانا، ثم يضيف “يجب ألا نساعد بعد الآن، وتمويل القطاعات التي تطلق غازات الدفيئة بصعوبة دون أن تطلب منهم أي شيء في المقابل، عندما ندعم القطاعات الاقتصادية، فإننا نساعدهم بشرط أن يسرعوا عملية انتقالهم، كما هو الحال بالنسبة لقطاع السيارات ولقطاع الطيران، في خضم الأزمة”.
وخلص لورانس توبيانا إلى أنه: “سيعتمد المستقبل إلى حد كبير على النقاش العام وعلى استعداد الحكومات للتشاور على نطاق واسع، فلا يمكن أن يكون لديك خطة تحفيز فقط من قبل الحكومة وعدد قليل من الخبراء، نحن بحاجة إلى مناقشة واسعة للغاية لأنها تنطوي على مستقبلنا، وهذا ما يقلقني ولكن في نفس الوقت فإن الحجر الصحي الاجباري الذي نعيشه يجعل العديد من المواطنين يفكرون.”
وهذا هو الحال مع أولئك الذين شاركوا في مؤتمر المواطنين حول المناخ الذي استعملت فيه تقنية التداول بالفيديو يومي 3 و 4 أبريل 2020، حيث أجمع العديد من المواطنين على ربط الأزمة البيئية بالفيروس، وبالنسبة لمعظمهم، فإن الرابط راسخ، وموثق على غزو الأنشطة البشرية للنظم الإيكولوجية، وأصبحت الحاجة ملحة إلى الحفاظ على المناخ والتنوع البيولوجي للحد من الفيروسات، و يمكن أن يقنع هذا الوباء المواطنين بأن علينا تغيير الأشياء، وبالتالي، منح الحكومات الطاقة والشجاعة للذهاب بعيدا في هذا النهج، حيث سيكون عامل الرأي العام هذا حاسماً للغاية.
و تقتل الأمراض الحيوانية المنشأ حوالي 700000 شخص سنويًا، هذا ما أكدته آن لاريغودري السكرتيرة التنفيذية لـلجنة خبراء الأمم المتحدة المعنية بالتنوع البيولوجي مضيفة: “إن العملية التي تحرك فيروسا من مجموعة من الفقاريات – الخفافيش على سبيل المثال – التي توجد فيها بشكل طبيعي، إلى البشر تعد عملية معقدة ولكن سببها البشر و أن الإجراءات البشرية تهيئ الفرصة للفيروسات للاقتراب من البشر.”
“إن السرعة التي تغيرت بها المساحات الطبيعية على مدى السنوات الخمسين الماضية غير مسبوقة في تاريخ البشرية، “والعامل المباشر الأكثر أهمية هو التغيير في استخدام الأراضي” تضيف آن لاريغودري.
حددت دراسة أمريكية أنجزت قبل ظهور الوباء الحالي ونشرت مؤخرا أن القوارض والخفافيش تعتبر مضيفات لغالبية الفيروسات التي تنتقل إلى البشر بنسبة 75.8٪ في حين أن الحيوانات الأليفة تحمل 50٪ من الأمراض الحيوانية المنشأ المحددة.
و تظهر الدراسة أنه بالتركيز على الحياة البرية المهددة بالانقراض، أن أولئك الذين يتشاركون معظم الفيروسات مع البشر هم على وجه التحديد “أولئك الذين ينخفض عدد سكانهم بسبب الاستغلال وفقدان الموئل “.
و تؤكد كريستين جونسون من كلية الطب البيطري في لام بجامعة كاليفورنيا، التي قادت الدراسة: “نحن نقوم بتعديل المناطق، مما يزيد من شدة الاتصال بين البشر والحياة البرية، ويخلق الظروف المثالية لانتقال الفيروس”
وتحذر آن لاريغودري من أن هذا الاتجاه ليس من المتوقع أن يتغير، حيث من المتوقع أن تؤدي التغيرات في استخدام الأراضي “مقترنة بالزيادات في التجارة والسفر” إلى زيادة وتيرة الأوبئة في المستقبل.
لذلك يجب أن تكون الاستجابة منهجية، كما يؤكد غوينال فورش: “إلى جانب الاستجابة الأساسية الوحيدة لكل وباء، يجب أن نفكر في نموذجنا” وعلى وجه الخصوص “إعادة التفكير في علاقتنا بالنظم البيئية الطبيعية والخدمات التي تقدمها”.
تدعو آن لاريغودري إلى “تغيير تحويلي لإيجاد حل لهذه المأساة العالمية” من خلال العمل على “ترسيخ البيئة” لمختلف القطاعات الاقتصادية، من التمويل إلى الصيد إلى النقل و الطاقة.
وكان تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة لعام 2016 قد أشار إلى أن “الاستراتيجيات الفعالة موجودة بالفعل للسيطرة على معظم الأمراض الحيوانية المنشأ المهملة، لكن يبقى العائق الرئيسي هو نقص الاستثمار”، مشيرًا إلى أن “سلامة النظم البيئية تدعم الصحة والتنمية للإنسان “.
أمضت جين جودال معظم حياتها في دراسة الحيوانات والدفاع عنها وخاصة الشمبانزي من إفريقيا وخاصة بدولة طنزانيا، وتحذر عالمة علم الأحياء البريطانية من أنه “كان من المتوقع حدوث ذلك، وسيحدث مرة أخرى حتى نتعلم الدروس”، لأن أسباب الوباء بالنسبة لجين جودال واضحة: “ازدرائنا للطبيعة وعدم احترامنا للحيوانات التي ينبغي لنا أن نتشارك معها الكوكب. ”
قال نيكولاس هولو وزير الدولة الفرنسي المكلف بالانتقال الايكولوجي سابقا عن كورونا: “الطبيعة ترسل لنا رسالة”، وهل يجب أن نرى في الواقع انتقامًا من الطبيعة؟ فلا يزال العلماء في مرحلة الفرضية اليوم، والأرجح أن حيوان البنغولين: أحد أنواع الحيوانات البرية التي تُباع في سوق المأكولات البحرية في مدينة ووهان الصينية بؤرة الفيروس العالمية، كان سيعمل كمضيف وسيط بين الخفافيش والبشر.
من المعروف أن الفيروس الذي يسبب الوباء الحالي هو “سارس كوف2” الذي ينتمي إلى جنس كورونا فيروس، و نعلم أيضا أن أنواع الخفافيش تحتوي بشكل طبيعي على عدد كبير ومتنوع منها، حيث نجح فريق من العلماء الصينيين في عزل فيروس من البنجولين الذي يشبه تسلسله الوراثي إلى حد كبير فيروس السارس 2، عندئذ كان من المحتمل أن يكون هناك إعادة تركيب جيني بين فيروس بانجولين وفيروس خفاش، غالبا ما تحدث هذه الظاهرة الطبيعية ويمكن أن يكون لها عواقب وخيمة، و هنا كان سيمكن السارس كوف2 من اكتساب القدرة على دخول الخلايا البشرية.
مرة أخرى، هذه مجرد تخمينات، فهناك العديد و المئات من أنواع الخفافيش التي لم يتم فحص فيروساتها بعد، فقد يجد أحدهم قريبا فيروسا مطابقًا تقريبًا للفيروس المسبب لوباء فيروس كورونا البشري الحالي، و يمكننا بعد ذلك أن نستنتج أن الفيروس ينتقل مباشرة من الخفافيش إلى البشر، دون أي مساعدة من البنغولين.
وعلى أي حال، ما زلنا في وباء مرتبط بأمراض حيوانية، أي مرض يكون فيه خزان العامل المعدي حيوانًا، ومن بين هذه الأمراض الحيوانية، تأتي الأغلبية من الحيوانات البرية، ونتيجة لذلك فإن وباء الفيروس التاجي هذا يدل على الحالة الراهنة للتنوع البيولوجي، وبشكل أكثر تحديدًا الطريقة التي يسيء بها البشر معاملتها.
فكيف يمكن للمرء أن يشك في أن البنجولين أو آكل النمل الحرشفي هو أصل الوباء، عندما يكون من الثدييات الانفرادية والليلية التي تعيش في الغابات الاستوائية في آسيا و جنوبي أفريقيا، نظريا فاتصالاته مع البشر محدودة، وبالتالي فإن احتمال انتقاله إلينا جد منخفض، باستثناء أن البانجولين هو واحد من أكثر الأنواع البيولوجية المستهلكة في العالم، وهي مرغوبة على حد سواء لمقاييسها ولحومها، التي تستهلك بشكل رئيسي في الصين وجنوب شرق آسيا و أفريقيا، هذا الاتجار في الحيوانات الغريبة له نتيجتان رئيسيتان: من ناحية، فإنه يزيد من خطر انتشار وباء عن طريق جعلنا على اتصال مع العوامل المعدية النادرة، و هذا النوع من تجارة توريد الأسواق موجودة اليوم في المراكز الحضرية الكبيرة، ومن ناحية أخرى، فإن هذا الاتجار يجعل الحيوانات المختلفة على اتصال ويسمح للعوامل المعدية بإعادة التركيب وبالتالي تكون قادرة على عبور الحاجز بين الأنواع، كان هذا هو الحال بالنسبة لفيروس السارس السابق، و يبدو أن هذا هو الحال بالنسبة لـفيروس كورنا المستجد.
عبر مرور الزمن كانت هناك دائمًا أوبئة موجودة و منذ فترة طويلة وقبل ظهور أزمة التنوع البيولوجي، في الواقع تمكن العلماء من تعقب الأمراض التي يرجع تاريخها إلى قرون، أو حتى الى آلاف السنين، حيث اختفى البعض، في حين أن البعض الآخر مثل الملاريا والسل لازال موجودا، لكن ما هو واضح اليوم هو أن عدد الأوبئة المرتبطة بالأمراض الحيوانية قد ازداد في العقود الأخيرة، مرة أخرى، نحن ندمر البيئة الطبيعية بوتيرة متسارعة، ونقوم بتربية الحيوانات و بطريقة ما نقوم بإنشاء مفاعلات الأمراض.


عودة فيروس إيبولا بقوة


و يواصل فيروس الإيبولا الذي ضرب غرب ووسط إفريقيا بانتظام الانتشار، حيث تماثل هذه المشكلة تقريبًا مشكلة كورونا فيروس المستجد، حيث خزان العامل المعدي هو الخفافيش، في النظم الحرجية المتدهورة بشدة بسبب الأنشطة البشرية، تجد هذه الخفافيش نفسها أكثر سهولة في الاتصال مع البشر خاصة أولئك الذين من القرى القريبة من هذه الغابات المتدهورة، هذا الاختلاط يجعل احتمال انتقال الفيروس أعلى قبل خمسين عاما، ربما ظل المرض محصورا في هذه القرى و البوادي لكن اليوم يمكن أن ينتشر بسرعة كبيرة في هذه المناطق القروية المتصلة بالمراكز الحضرية الكبيرة.
و لا تزال قلة الوعي بالخطر الذي تشكله هذه الأمراض الحيوانية منتشرة نسبيا، بما في ذلك داخل المجتمع العلمي، والسبب هو بلا شك أن أزمة التنوع البيولوجي أكثر تعقيدًا في الفهم من تغير المناخ وعواقبه: مثل الحشرات الضخمة التي ضربت أستراليا قبل بضعة أسابيع، فقد أطلقنا بالفعل ما يكفي من الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي وستبقى هناك لفترة كافية، حتى يكون هناك احتمال كبير جدًا أن تواجه أستراليا نوبات جديدة من الجفاف الشديد لذلك يمكننا أن نتوقع حرائق جديدة في هذه المنطقة في السنوات القادمة.
نحن نعلم أيضًا أننا سنواجه أوبئة مستقبلية مرتبطة بأمراض حيوانية المصدر، ولكن لا يمكن لأحد أن يتنبأ بموعد ومكان حدوثها بالضبط، ولا من أي خزان حيواني، ببساطة لأن العديد من العوامل تدخل حيز التنفيذ: إزالة الغابات ، الصيد غير المشروع ، تجارة دولية تتغذى على الحياة البرية ولأسباب ترفيهية حمقاء أو لتوفير الأدوية الساذجة التي تغذي ما يسمى بالطب البديل.


الاجتماعات التمهيدية لقمة التنوع البيولوجي


حضر نيكولاس هيلو الناشط البيئي ووزير الانتقال الايكولوجي الفرنسي السابق أشغال إحدى اجتماعات التخطيط للتنوع البيولوجي الرئيسية في شهر فبراير الماضي، حيث كان مقررا أن يعقد الاجتماع في الصين، ولكن تحول مكان الاجتماع إلى روما لكون الظروف الصحية في الصين كانت لا تسمح بعقد مثل هذه اللقاءات الدولية، في يوم وصول نيكولاس هيلو الى روما كان قد تم اكتشاف أول ثلاث حالات إصابة بفيروس كورونا في شمال إيطاليا، و في أوروبا كانت تعتبر هذه هي أولى الحالات المكتشفة، لكن بعد يومين ارتفع العدد الى 21 حالة اصابة و الى 229 حالة اصابة بعد خمسة أيام.
غادر نيكولاس هيلو العاصمة روما بسرعة وقبل أن يحضر أشغال الندوة الافتتاحية الأولى لهذا اللقاء الدولي، حيث كان يخشى أن يكون قد تعامل بسرعة لكن بحكم تدريبه في مجال الصحة العامة جعله يشك في أنه هناك تسونامي لا يمكن توقيفه وسيتحطم قريبًا في وجه العالم، و كما تنبأ الخبير الدولي فبعد أسابيع قليلة اتضح حجم الأزمة التي هددت بزعزعة جميع المجتمعات على كوكب الأرض.
يقول نيكولاس هيلو: “إذا أتيحت لي الفرصة للعودة مبكرا من روما لشراء مخزون صغير من الضروريات الأساسية والمأوى، فإن 80٪ من البشرية تعيش على أقل من 10 دولارات في اليوم وستواجه هذا الوباء دون أي نوع من الضمان الاقتصادي أو الاجتماعي.”
و يضيف نيكولاس هيلو : “يمكن أن يكون التغيير معقدًا ولا يمكن التنبؤ به، ولهذا السبب يجب أن تكون استجاباتنا ذكية واستباقية، كما رأيت عدد الحالات زيادة في روما، كان من الواضح و بكل بساطة أن الأمر يتعلق بمنحنى نمو أسي، وهو نمط نميل إلى التقليل من شأنه، كان من الواضح أيضًا أن هناك نقاط حاسمة: الإجراء السريع له فوائد أسية ، في حين أن الإستجابة المتأخرة أو غير الموجودة قد تكون لها فائدة ضئيلة أو معدومة على الإطلاق، البلدان التي طبقت تدابير حازمة ومبكرة “لتسوية منحنى” الوباء لديها أدنى معدلات الوفيات، لذلك فإن عامل الوقت له أهمية حاسمة.”
إن أزمة مثل أزمة كورونا تتحدى أيضًا ديناميكيات الوضع الراهن، يؤكد نيكولاس :”الإجراءات التي بدت أمس مستحيلة أصبحت محتملة اليوم وغدًا محتومة، و بدا احتواء مثل تلك التي نفذت في مدينة ووهان مستحيلة في إيطاليا، وماذا عن مدينة نيويورك، يبدو الاحتواء والإغلاق الآن أمرًا لا مفر منه في المدن حول العالم.”
و لتطبيق هذه الدروس على التنوع البيولوجي ينصح نيكولاس هيلو بـــــــــــــــــ: “يجب علينا إنشاء شبكة أمان كوكبية قائمة على الطبيعة من خلال تعزيز أضعف الروابط في أنظمتنا العالمية، فنظامنا الغذائي العالمي أصبح عرضة لفقدان التنوع البيولوجي: فقد اختفت ملقحاتنا، والأمر نفسه ينطبق على 35٪ من محاصيلنا العالمية، وفي مواجهة ملايين الأنواع المهددة بالانقراض يجب علينا تعزيز وتوطيد النظم البيئية الطبيعية.” و يضيف :”يجب أن نكون فعالين قدر الإمكان في حل التحديات المتعددة الأبعاد للطبيعة والتنمية في وقت واحد، هناك بالفعل دعوة لخطط الاستجابة البيئية لجائحة فيروس كورونا المستجد، بداية جيدة هي الانخراط في استثمارات ضخمة وشاملة في الحراجة الزراعية والزراعة التجديدية وترميم أشجار المانغروف، ستساعد مثل هذه الحلول في القضاء على فقداننا للتنوع البيولوجي، وتقليل أكثر من ثلث غازات الاحتباس الحراري، ومنع الكوارث وحماية أكثر من ملياري شخص يعيشون في الفقر ويعتمدون بشكل مباشر على الطبيعة من أجل بقائهم” وكذلك “يجب أن نكون مستعدين لاتخاذ إجراء استراتيجي وتحدي المصالح القوية التي تقاوم التغيير.
يجب أن نستمع إلى العلم، ونفهم ونتجنب نقاط التحول في الطبيعة، وهذا يعني استخدام أفضل البيانات المكانية المتاحة لاتخاذ قرارات مدروسة بشأن استخدام الأراضي، كما هو الحال مع فيروس كورونا المستجد، قد يبدو اتخاذ تدابير جذرية لمنع انقراض الأنواع والانهيار البيئي مفرطًا، حتى يصبح قليلًا جدًا ومتأخرًا جدًا ” و أخيرا “يجب علينا أن نعمل ككوكب واحد ونستثمر ما يكفي في حماية التنوع البيولوجي واستعادته وإدارته المستدامة لإعادة الطبيعة إلى صميم التنمية المستدامة، إن القيام بأقل من ذلك يعني الخضوع لأزمة بطيئة ذات عواقب أسوأ بكثير على البشرية من كورونا”.
و كما هو الحال بالنسبة لجميع الأنشطة الثقافية و الرياضية والمواعيد الأولمبية الدولية، فقد تم تأجيل جميع أحداث التنوع البيولوجي لهذا العام إلى العام المقبل، لكن مع ذلك سيتم تنظيم بعض اللقاءات الإقليمية الإعدادية تحضيرا لقمة الاطراف للتنوع البيولوجي المؤجلة.
“استعادة النظم البيئية الساحلية و أنواع إجراءات الكربون الأزرق التي تساعد على التخفيف من تغير المناخ” هو عنوان ورشة عمل ستحتضنها إسبانيا وسيعقدها الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة خريف هذا العام – بالطبع مع احتمال أن تهدأ عاصفة جائحة كورونا- من أجل تطوير قدرة المشاركين في الإجراءات المختلفة المتمثلة في حماية هذه النظم البيئية المهمة التي تساعد في التخفيف من تغير المناخ عبر العالم.
علميا يتم امتصاص”الكربون الأزرق” وتخزينه بواسطة النظم البيئية البحرية والساحلية مثل مستنقعات الأراضي الرطبة وأشجار المنغروف ومروج الأعشاب البحرية، و تجعل القدرة الهائلة لهذه النظم البيئية الطبيعية منها بالوعات كربونية طبيعية كبيرة.
إنها إذن ورشة دولية مهمة سيعمل الخبراء و المنظمون من خلالها على نهج طرق جديدة لإعادة تأهيل الأعشاب البحرية والأهوار الساحلية، وسيكتشف المشاركون كيفية استعادة الأراضي الرطبة الساحلية ومروج الأعشاب البحرية التي تتعرض للتدهور الممنهج خصوصا في زمن كورونا، وسيعمل المشاركون من خلال ورشات عمل على التخطيط والتصميم والتطوير لصيانة هذه النظم البيئية الآيلة للسقوط.

*محمد بنعبـــو: رئيس المكتب الوطني لجمعية مغرب أصدقاء البيئة

]]>
https://alouatan.net/?feed=rss2&p=686 0
كلنا خبراء | المجلس الأعلى للمناخ يوصي بـ” الوقاية خير من العلاج” في زمن كورونا https://alouatan.net/?p=639 https://alouatan.net/?p=639#respond Thu, 14 May 2020 05:19:55 +0000 http://alouatan.net/?p=639

المجلس الأعلى للمناخ يوصي

بـ” الوقاية خير من العلاج” في زمن كورونا

( نــص المقـــال كــامـــلا )

كلنـــا خبـــراء  بقلــم : محمـــد بنعبـــو


عرف المغرب خلال العقود الأخيرة تطوراً اقتصادياً وسكانياً مهماً واكبه تزايد الضغط على الموارد الطبيعية بالموازاة مع ذلك أثر تغير المناخ على مجموعة من القطاعات، ، مؤثراً في نفس الوقت على قدرة النظم البيئية الغابوية والقطاع الفلاحي على استرجاع حيويتها، لاسيما بسبب الندرة في الموارد المائية، حيث كان نصيب الفرد منها أكثر من ثلاثة أضعاف في سنة 1960 مما هو عليه في يومنا هذا.
ووعياً منه بهذه الوضعية، انخرط المغرب في نهج إرادي وجاد لمكافحة تغير المناخ، برسم ملامح رؤيته الخاصة، مع التقيد بالقرارات المتخذة جماعياً على الصعيد الدولي.
كشــفت مديريــة الأرصــاد الجويــة الوطنيــة المخاطب الرسمي بالمغرب لهيئة الخبراء الحكوميين حول تغير المناخ في تقرير سابق لها، أن مناطــق المغــرب المصنفــة مناطـق رطبـة وشـبه رطبـة، تراجعـت نسـبتها خـلال السنوات الأخيـرة، وتزايـدت في المقابـل نسـبة المناطـق الجافـة وشـبه الجافـة، و يعـزي التقرير ذلـك أساسـا إلـى ارتفـاع المتوسـط السـنوي لدرجـة الحـرارة بـما يقـارب 0.16 درجـة مئويـة خـلال العشـر سـنوات الأخيرة، وانخفـاض حجـم التسـاقطات المطريـة بنسـبة 47 في المائـة علـى المسـتوى الوطنـي، وعمــدت مديريــة الأرصــاد الجويــة الوطنيــة إلــى تتبــع تغير المنــاخ بالمغــرب لرصــد التغيــرات المناخيــة المرتقبة، بالاعتماد على لائحـة مـن المؤشـرات المتعلقـة بالتغيـرات المناخيـة.
وتوقع التقرير ارتفـاع في المتوسـط العـام لدرجـة الحرارة خـلال فصـل الصيـف يتـراوح بـن 2 و4 درجـة مئويـة، وانخفـاض المتوسـط العـام للتسـاقطات بوتيـرة متواصلـة حتـى نهايـة القـرن الواحـد والعشـرين، مما سيؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي وندرة الموارد المائية وتدهور حالة التربة مما سيزيد من حدة النقص في الإنتاج الفلاحي؛ و ما سيرافقه من مضاعفات على صحة الساكنة، بالإضافة إلى هشاشة المناطق الساحلية بفعل عوامل التعرية و تأثيرها السلبي على التنوع الحيوي على مستوى منطقة شمال المغرب و تحولها منطقة جافة، مما سيؤدي إلى هجرة الأصناف التي تعيش في المناطق شبه الصحراوية نحو المرتفعات، مع تزايد موجات الهجرة.
و كان المغرب قد صادق عام 1995 علــى الاتفاقيــة الإطاريــة للأمم المتحـدة بشـأن تغيـر المناخ، وأنشـأت إطـارا للأهـداف التـي يسـعى المغـرب إلـى تحقيقهـا لإقـرار حكامـة جيـدة فـي مجـال المنـاخ، مـن أجـل مواكبـة إلتزاماتـه الدوليـة والوفـاء بهـا، وتنبنـي هـذه الحكامـة علـى عـدة أجهـزة للقيـادة والتنسـيق بيـن القطاعات الحكومية و التأطيـر العلمـي، فبالإضافة إلى وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة باعتبارها المؤسسة الوطنية الرئيسية المعنية بشؤون المناخ، و المكلفة بتنسيق أعمال المغرب المرتبطة بالتزاماته تجاه مضامين الاتفاقية الدولية، نجد عدة مؤسسات وطنية و لجان علمية على رأسها اللجنة الوطنية حول التغيرات المناخية: جهاز للتنسيق بين الوزارات من أجل إدماج تدريجي لبعد المناخ في التشريعات والبرامج القطاعية، إضافة إلى ذلك أنشأ المغرب عدة مؤسسات استشارية وطنية منها المجلس الوطني للبيئة والمجلس الأعلى للماء والمناخ و المجلس الأعلى للغابات
في المغرب و لمواجهة تهديدات تغير المناخ و في ظل أزمة الماء المتنامية في مناطق عديدة، تم الإفراج صيف عام 2019 عن النص التنظيمي لإحداث المجلس الأعلى للماء والمناخ، تفعيلا للمادة 79 من القانون رقم 36.15 المتعلق بالماء و بهدف الإسراع في إرسال هياكل المجلس وبيان اختصاصاته التفصيلية.
و كان المغرب خلال الفترة الممتدة ما بين 1998 و2017 قد تكبد مجموعة من الخسائر الكبيرة قدرت بــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 174 مليون دولار سنويا جراء المخاطر المناخية، هذا ما كشف عنه تقرير لمنظمة “جيرمان ووتش” الألمانية المعنية بقضايا البيئة،و سجل التقرير احتلال المغرب الرتبة 124 عالميا من أصل 180 دولة في المخاطر المناخية بالعالم.
من أجل تحقيق طموحات المغرب الكبيرة، تم الانخراط في عملية تشاورية واسعة مع الأطراف المعنية حيث مكّنت هذه العملية من مراجعة السياسات والبرامج التي انتهجها المغرب من أجل مكافحة ارتفاع الحرارة المناخية وتحديد مستوى الطموح الذي يرغب المغرب في بلوغه في إطار مساهماته المحددة وطنيا سواء في مجال التخفيف من حرارة المناخ أو في التكيّف معها.
و يهدف المغرب الى التخفيض بنسبة 17% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في أفق عام 2030 و تخفيض إضافي بنسبة 25 % بشروط معينة، مما يرفع التخفيض الكلي لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري إلى نسبة 42 % سنة 2030
و يختص المجلس الأعلى للماء و المناخ بالمغرب بدراسة القضايا المعروضة عليه، والقيام بناء على الدراسة المذكورة بإعداد كل اقتراح يمكن المجلس من إبداء رأيه، وكذا البث في طلبات عرض أو موضوع يتعلق بالماء والمناخ على أنظار المجلس.
بالإضافة الى رؤساء الجهات الإثنا عشر و مديري وكالات الأحواض المائية، ورؤساء مجالس الأحواض المائية، يتألف المجلس تحت رئاسة رئيس الحكومة من ممثلي مختلف القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية المتدخلة في مجال الماء، و ممثلي جمعيات مستعملي المياه والجمعيات العلمية الناشطة في مجالي الماء والمناخ ومجالس العمالات والأقاليم ومؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي والهندسة الوطنية.
و يتوفر المجلس الأعلى للماء والمناخ على لجنة دائمة تترأسها وزارة التجهيز و النقل و اللوجستيك و الماء “المديرية العامة للماء” تسهر على إعداد اجتماعات المجلس ورصد تنفيذ توصياته وكذا النظر في أي مسألة تتعلق بسياسة الماء والمناخ، إضافة الى إعداد المخطط الوطني للماء وتنظيم اجتماعات التشاور والتنسيق اللازمة لإعداده.
أما في فرنسا، فإن سياسة الماء على المستوى الوطني هي من شأن وزارة البيئة والتنمية المستدامة والنقل، بينما يعود التنسيق بين مختلف هذه القطاعات إلى البعثة الوزارية المشتركة للماء، كما أن التدبير المحلي للماء مقسم حسب الأحواض المائية، حيث تتكفل لجان الأحواض برسم التوجهات الكبرى لتدبير الماء داخل كل حوض ووكالات الماء بتفعيل ذلك التدبير، وهو يقوم على سبعة مبادئ أساسية هي التالية: تدبير لا مركزي على مستوى الأحواض النهرية الهيدروغرافية، ومقاربة مندمجة، وتنظيم المشاورات و التنسيق والتخطيط والبرمجة على مدى سنوات متعددة، وتسعير الماء حسب الكميات المستخرجة والاستهلاك وتعبئة الموارد المالية النوعية المشتركة على مستوى الحوض، وتوزيع واضح للمسؤوليات بين السلطات العمومية والفاعلين الخواص في تدبير المرافق الجماعية للماء الصالح للشرب والتطهير السائل.
أوصى الخبراء في فرنسا بضرورة أن تكون مخططات الطوارئ الاقتصادية ذات صبغة “خضراء” و كذلك أن تكون المساعدة العامة للشركات المتضررة من أزمة كورونا مشروطة بالحفاظ على كوكب الأرض بالخفض من ملوثاتها التي تؤدي إلى الإحترار العالمي، هذا ما تدافع عنه هيئة مستقلة تسمى “المجلس الأعلى للمناخ الفرنسي”، بينما يبقى التساؤل الذي يطرح نفسه هو هل ستكون الحكومة حساسة للنصائح العلمية التي تتقدم بها هذه الهيئة في زمن كورونا و التي جاء بها تقرير الهيئة الأخير: “المناخ والصحة:الوقاية خبر من العلاج”
إن لجنة التنسيق الإداري المسماة: “المجلس الأعلى للمناخ الفرنسي”، هي مجموعة مكونة من الخبراء التي تم إنشاؤها في شهر ماي 2019 بناء على أوامر من رئيس الجمهورية الفرنسية، وهي هيئة علمية تتكون من ثلاثة عشر عضوًا متخصصين في علوم المناخ، وهي المسؤولة عن إبداء الرأي حول السياسات العمومية التي سيتم تنفيذها للوفاء بالتزامات فرنسا الدولية في مكافحة تغير المناخ بصفة عامة و باتفاق باريس خاصة.
و في تقرير خاص حول الدروس التي يمكن تعلمها من أزمتي المناخ وكورونا أكدت الهيئة المستقلة بخصوص الاقتصاد والانتقال الطاقي أنه أمر قطعي: “من الضروري أن تكون استجابة السلطة التنفيذية الفرنسية استجابة خضراء” .
و يضيف التقرير أنه: “للاستجابة للصدمة الاقتصادية والاجتماعية والمالية، يجب أن تدمج نهاية الأزمة والتعافي في حالة الطوارئ المناخية و من الضروري وضع قضايا المناخ في صميم لما بعد الأزمة الاقتصادية لفيروس كورونا. ”
ترأس “المجلس الأعلى للمناخ الفرنسي”، عالم المناخ الفرنكوكندية كورين لو كويري. وهي أستاذة علوم تغير المناخ في جامعة إيست أنجليا ببريطانيا، حيث تقود مجموعة بحثية حول انبعاثات الغازات الدفيئة، وكانت عضوا بالهيئة الدولية لتغير المناخ، وهي عضو في أكاديمية العلوم البريطانية ، و عضو في “لجنة تغير المناخ” التي تقدم المشورة لحكومة المملكة المتحدة بشأن سياساتها المناخية.
تقرير شهر أبريل 2020 الصادر عن “المجلس الأعلى للمناخ الفرنسي”، يؤكد على أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون انخفضت بنسبة 30٪ تقريبًا خلال فترة الحجر الصحي، و بالتالي فهو يجزم أن تكون لأزمة فيروس كورونا الاقتصادية أي تأثير إيجابي على المناخ.
و يضيف التقرير :”إن الانخفاض الجذري في انبعاثات غازات الدفيئة الذي لوحظ في فرنسا خلال الأزمة الصحية لا يزال هامشيًا في مواجهة تحديات المناخ ولا يلبي توقعات الانتقال العادل. ”
لم تأت هذه الانخفاضات من التغييرات الهيكلية، ولكن من القيود المفروضة والمؤقتة في السفر و الإستهلاك، لذلك من المحتمل أن تكون قصيرة العمر، بينما سيكون هذا التأثير على المناخ أكثر تواضعا حيث أن الحجر الصحي سيكون له على الأرجح آثار جانبية سلبية غير مرغوب فيها.
يجب أن نتجنب، “إعادة إنتاج سيناريو عام 2008 مع مخططات الانتعاش الاقتصادي الذي يتم التحضير لها”، تقول رئيسة المجلس الأعلى للمناخ الفرنسي: “استعادة النشاط بعد الأزمة عام 2008 صاحبه انتعاش مذهل في انبعاثات ثاني أو كسيد الكربون في العالم.”
و بينما يخشى الكثير من أن وسائل النقل العام ستعاني من الوباء، بسبب تدابير التباعد الاجتماعي، يحذر المجلس: “إن نمط السفر الذي سيرافق العودة إلى العمل بعد الحجر الصحي يمكن أن يؤدي إلى تغييرات هيكلية، إذا ما تم توجيهه نحو طرق بديلة للنقل. ”
لم يذكر التقرير “تخطيط المدن التكتيكي” و لم يحذر من اتخاذ تدابير احترازية لتعزيز التنقل مثل المشي وركوب الدراجات، وخاصة في المدن الكبيرة.
إذن كيف يمكن أن تبدو الخطة الخضراء للخروج من الأزمة في الواقع؟ المجلس الأعلى للمناخ الفرنسي يقدم سلسلة من التوصيات والتحذيرات في تقريره، ويحذر فريق الخبراء من أن كسر نموذج التنمية عالي الكربون يعني “الاحتفاظ بموارد الميزانية والمالية للتعافي لاستخدام متوافق تمامًا مع الأهداف المناخية والبيئية”.
لذا ، توصي لجنة التنسيق الإنسانية بتقييم التدابير الواردة في خطط الطوارئ والإنعاش على مستوى مجلس الدفاع البيئي وأن منح تدابير الميزانية أو الحوافز الضريبية للشركات يجب أن يكون مشروطا بالتبني الصريح لخطط وآفاق الاستثمار المتوافقة مع مسار الكربون المنخفض، وكذلك دعم العاملين في القطاع، وبعبارة أخرى ، لا يمكن دعم السلطات العامة دون شروط مسبقة.
تصر عالمة المناخ رئيسة المجلس كورين لو كوريه “كلما كانت القيود واضحة منذ البداية كلما زادت فرص نجاحها”. وتشجع “الحكومة على إقامة التزامات قوية للغاية مع الشركات”. و تضيف “ما نقوم به ضد الفيروس التاجي، يجب أن نكون قادرين على القيام به من أجل الانتقال البيئي”.
بينما يعمل أرباب العمل ومجموعات الضغط الاقتصادي المختلفة على وضع معايير معينة، يحذر المجلس “إن الاستجابة المرحلية لطلبات بعض الفاعلين الاقتصاديين لتخفيف القيود المرتبطة بالمناخ من الضروري ن تراعي الحفاظ على معايير التلوث وتعزيزها، بما في ذلك عبر الاتحاد الأوروبي”، خاصة في قطاع السيارات، أحد أكثر مصادر انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون.
و يضيف التقرير: “يجب إعتبار أية مساعدة لقطاع السيارات جزءًا من تحويل سلاسل الإنتاج إلى مركبات منخفضة الكربون مع انخفاض انبعاثات الكربون خلال دورة حياتها، والتي ستفي أيضًا بمعايير التلوث الأوروبية الأكثر طموحًا. ”
وفيما يتعلق بالنقل الجوي، تعتقد كورين لوكير أن “هذا هو أحد أهم القطاعات التي تكون فيها إعادة البناء كما كان من قبل، مهما كانت التكلفة غير مناسبة”. وأكدت عالمة المناخ: “إنه أحد القطاعات الوحيدة التي لا يكون من المرغوب فيها على الإطلاق زيادة الطلب”، داعية “إلى التفكير في كيف وعلى أي مستوى نرغب في تولي هذا القطاع وتحت أية ظروف”، مع “مناقشة مفتوحة وعلنية حول هذا الموضوع”.
في حين يواصل سعر برميل النفط انخفاضه، بسبب انخفاض الطلب، يذكر المجلس الأعلى للمناخ بفرنسا أن هذه الظاهرة ليست مرضية للمناخ: “إنها تجعل الطاقات المتجددة أقل تنافسية وتخفي الصعوبات الهيكلية للقطاع، وبالتالي قضية أمن الطاقة لفرنسا.”
لذلك توصي رئيسة الهيئة بالاستفادة من الأزمة لتقليل اعتمادنا على النفط والغاز في أسرع وقت ممكن، ويشير تقرير الاعلى للمناخ إلى أن “الفترة لا تتعارض مع التفكير في الضرائب” دون الإشارة مباشرة إلى ضريبة الكربون الشائكة: “يمنحنا انخفاض سعر الطاقة مجالًا للمناورة لإعادة التفكير في فرض الضرائب المستدامة حول التلوث، لذا يجب استكمال تخفيض الإعفاءات الضريبية المرتبطة بالوقود الأحفوري، كما جاء به قانون المالية الفرنسي لعام 2020، بمرافقته بالتدابير اللازمة للانتقال السليم” مضيفة :”يجب أن نستفيد من هذه الأزمة للخروج من الوقود الأحفوري”
و كان قد خصص المجلس الأعلى للمناخ الفرنسي خلال تقريره الأخير بعض الكلمات التوجيهية لقمة المناخ المقبلة التي تم تأجيلها بسبب أزمة فيروس كورونا، و التي كان من المقرر إجراؤها في شهر نونبر المقبل، مع دخول آليات اتفاق باريس حيز التنفيذ هذا العام، على اعتبار أن مؤتمر الأطراف للمناخ المقبل في غلاسكو يعتبر أمرا حاسما ويجب ألا يعيد إنتاج الفشل و موقف اللاموقف الذي حدث في قمة المناخ السابقة بمدريد في دجنبر من العام الماضي: “يجب أن تهدف الإجراءات التي تتخذها فرنسا إلى ضمان طموح المساهمات الوطنية الجديدة والدفاع عن صياغة مخططات التحفيز المحددة في الخارج بهذه المساهمات الوطنية، لتجنب الوقوع في نماذج انبعاثية. ”
و يواصل المجلس الأعلى للمناخ العمل على استراتيجية الحكومة الوطنية منخفضة الكربون، بعد أن كان قد قدم أول تقرير حاسم للغاية في شهر يونيو 2019، من خلال وضع اللمسات الأخيرة على التقرير التالي المتوقع في شهر يونيو المقبل، وتؤكد كورين لوكويري، رئيسة المجلس، أن “الهدف من هذا التقرير هو الوصول بوضوح إلى مستوى من التوصيات والتحليلات أكثر تفصيلاً مما قمنا به حتى الآن”.
وكالعادة، ستضع لجنة التنسيق الإنسانية جردًا للتقدم السياسي وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري السنوية: “سنلقي نظرة أكثر تعمقًا على استراتيجية الكربون المنخفض، ودراسة المخاطر وافتراضات الأسعار القائمة والضرورية لتحقيق حياد الكربون”، وفي الوقت نفسه، سيعلق المجلس الأعلى أهمية خاصة على الالتزامات الإقليمية مع تحديد “المبادرات الإيجابية” المتخذة على المستوى الإقليمي.
و بموازاة مع ذلك، سيحاول اعضاء المجلس فك “الجزء المستورد من البصمة الكربونية”. وذكّرت السيدة رئيسة المجلس أنه لا يوجد أي تقرير لحد الآن يبلغ “مسؤولية فرنسا عن الانبعاثات الناتجة في الخارج” عن المنتجات المستهلكة داخل حدودها، وتضيف: “طلبت الحكومة منا الإبلاغ عن هذا الجزء المستورد من البصمة الكربونية، لمعرفة من أين أتت بالفعل وما إذا كانت البيانات موثوقة.”
إذا كان الإستراتيجية الوطنية منخفضة الكربون في فرنسا تهدف إلى الحد من تأثير تغير المناخ، فمن الواضح أن الاحترار العالمي موجود، تضيف رئيسة المجلس: “لذلك ستتم دراسة مسألة السياسات التي اتخذت للتكيف مع تغير المناخ، وهل فرنسا مستعدة للرد على هذا التحدي؟ “.
سيحاول المجلس أيضًا تحديد تأثير الإستراتيجية الوطنية منخفضة الكربون على التوظيف والتدريب، وذكرت كورين لو كوريه بقولها “أود أن أشير إلى أن دورنا هو مراقبة عمل الحكومة وعدم القيام بالعمل من أجلها”، على هذا النحو ، تم إرسال رسالة إلى وزير الاقتصاد والمالية برونو لومير يطلب منه المجلس أن يأخذ بعين الاعتبار تأثير هذه الاستراتيجية على التوظيف.
و من بين الملفات المعروضة على أنظار المجلس الاعلى للمناخ ملف الاقتصاد الرقمي وعواقبه، تفيد السيدة الرئيسة: “هناك مشكلة كبيرة في البيانات مقارنةً بالحالة الرقمية، فمستوى الانبعاثات غير معروف جيدًا، لأنه متاح فقط على المستوى القطاعي، وهذا يجعل من الصعب تحديد بصمة الكربون لك قطاع بدقة”، و بناء على هذه الورقة العلمية سيدرس المجلس الرقمي الوطني هذه القضية بالتعاون مع المجلس.
و تعتقد رئيسة المجلس الأعلى للمناخ الفرنسي:”أن الإجراءات الحالية ليست في مستوى الاعلان عن حالة الطوارئ المناخية”، حيث لاحظ الجميع في مواجهة فيروس كورونا تم تخصيص مبالغ مالية جد مهمة لاحتواء الوباء، وتضيف كورين لو كويري :” في مواجهة حالة الطوارئ المناخية لا أحد في المستوى”، و تضيف كورين: “إن فرنسا لا تحقق أهدافها المناخية” و “أن جهودنا السنوية لخفض الانبعاثات يجب أن تتضاعف ثلاث مرات بحلول عام 2025 “.
وكان قد أصدر المجلس الأعلى للمناخ الفرنسي أول تقرير له صيف العام الماضي، مبرزا أوجه القصور في سياسة الحكومة الفرنسية لتحقيق الحياد الكربوني في أفق 2050.
وأكدت عالمة المناخ الفرنسية خلال مداخلة لها أمام المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الفرنسي بشأن الاستجابة التي قدمتها الحكومة لفيروس كورونا المستجد، أن الفيروسات التاجية أجبرت الحكومات على العمل بشكل عاجل من أجل المصلحة العامة” و “يتم وضع مخططات العمل على أساس البيانات العلمية الحديثة، يتم تنسيق الاستجابة السريعة دوليًا، بدعم من الأفراد والشركات، و بفضل التواصل المستمر، يتم تخصيص مبالغ مالية كبيرة على المستوى الوطني أو الأوروبي لمساعدة الشركات على تجاوز هذه الأزمة” و “لذا نحن نعرف كيف نفعل ذلك ” تضيف كورين لوكويري.
و تصر عالمة المناخ على أنه في مواجهة الاحترار العالمي الذي يهدد حياة الملايين والأنظمة البيئية بأكملها: “لا أحد على مستوى أزمة المناخ التي دخلنا فيها” و “إن فرنسا بالتأكيد ليست بالبلد الاسوء في العالم أو في الاتحاد الأوروبي؛ لكننا نتحدث عن فئة من الكثبان الرملية ” تقول كورين لو كويري.
التقرير الأخير للمجلس الأعلى للمناخ الفرنسيى أشار إلى ضرورة تعبئة العمل المناخي الدولي عبر تفعيل إلتزامات بروتوكول باريس لتغير المناخ، خصوصا الجهود الدولية التي بذلت لصالح الغابات، ولا سيما الإلتزامات التي أعلنت عنها فرنسا في إعلان نيويورك للغابات، مع تسريع التعبئة الأوروبية لحماية الغابات حول العالم، و يصر التقرير على الإسراع في تنفيذ اتفاق كيغالي التعديلي لبروتوكول مونتريال بخصوص الغازات الدفيئة مع إعطاء الأولوية للغازات الدفيئة ذات العمر القصير مثل: غاز الفريون، غاز الميثان وغاز الأوزون في أفق التخفيف من درجة الإحترار العالمي و لتحقيق فوائد صحية كبيرة.
و سيتعين على المجلس الأعلى للمناخ الفرنسي تجاهل بعض المواضيع والقضايا المطروحة عليه للنظر فيها على الأقل في الفترة الراهنة لكون المجلس الحالي لا يضم في تركيبته سوى على اثنا عشر عضوا فقط و لكن بقيمة علمية كبيرة و ذوو خبرة دولية معترف بها في المناخ و الإقتصاد، بينما سيحظى قطاع النقل الباعث الرئيسي للغازات الدفيئة في فرنسا باهتمام خاص كما ذكرت السيدة الرئيسة أن تقريرًا مستقبليًا محتملاً سيخصص حصريًا لهذا القطاع الذي ينبعث منه الكثير من ثاني أوكسيد الكربون.
و في كندا أعلن المجلس الاستشاري للعمل المناخي، الذي تم الإعلان عنه على هامش بيان الحكومة الاقتصادي خريف عام 2018، عن فرص الحد من تلوث الكربون وتشجيع النمو الاقتصادي، من خلال تركيز العمل بشكل رئيسي على قطاعين: النقل والبناء، حيث ينتج هذان القطاعان معًا أكثر من ثلث انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في كندا.
و يدرك الكنديون أن البيئة النظيفة والاقتصاد القوي يسيران جنبًا إلى جنب، حيث تلتزم الحكومة الكندية بتنمية الاقتصاد، وخلق وظائف ذات أجر جيد للطبقة المتوسطة، واتخاذ إجراءات لضمان مناخ صحي، وبيئة صحية ومستقبل مزدهر للأطفال.
و وفقًا لـمعهد الموارد العالمية التابع لمؤسسة الأبحاث العالمية، فإن عدد ضحايا الفيضانات سيتضاعف في جميع أنحاء العالم، وستتضاعف معه كلفة الأضرار الناجمة عن هذه الكوارث على المنازل والشركات والبنيات التحتية العامة، حيث لن تنجو كندا من هذه الظاهرة، وقال المعهد إن الأضرار الناجمة عن الفيضانات بلغت حوالي 2.4 مليار دولار أمريكي، و إذا لم يتم فعل شيء لمنع هذه الكوارث أو تخفيفها، فسوف ترتفع الفاتورة إلى حوالي 6.6 مليار دولار أمريكي.
و من المتوقع أن يرتفع عدد الكنديين المتضررين من 200000 في عام 2010 إلى أكثر من 350000 في عام 2030، وبحلول عام 2050، يمكن أن تزيد التكلفة السنوية للفيضانات إلى أكثر من 14 مليار دولار أمريكي وستؤثر على 431000 شخص.
و تقول سامانثا كوزما إحدى واضعي التقرير، أن تغير المناخ يعتقد أنه مسؤول عن حوالي ثلث خطر الفيضانات المتزايد، ولكن يمكن أن تعزى الفيضانات أيضًا إلى النمو السكاني، مما قد يدفع المزيد من الناس والشركات إلى الاستقرار في المناطق المعرضة بشكل متزايد للفيضانات.
و تعتقد كوزما أن التكاليف يمكن أن تتغير بشكل كبير إذا جعلت البلدان التخفيف من الفيضانات أولوية، حيث تشير التقديرات إلى أن كندا يمكن أن توفر أكثر من دولارين مقابل كل دولار يتم استثماره في بناء السدود أو في قنوات الصرف الصحي
وقال بلير فيلتميت من جامعة واترلو إن التقرير يقدم دليلا إضافيا على أن الفيضانات ستكون أكبر وأكثر تواترا وأكثر تكلفة إذا لم تتحرك السلطات.
و يسلط التقرير الضوء على مدى اعتبار الكنديين لمسألة الفيضانات، و كونها ليست بالمشكلة الرئيسية و ذات الأولوية، وتساءل كيف يمكن للضحايا الجمع بين الإبعاد الجسدي والصراع ضد ارتفاع المياه أو الإخلاء.
و من المفترض أن تبعث كل دولة في شهر أبريل بتقريرها السنوي لهيئة الأمم المتحدة بخصوص بيانات انبعاثات الغازات الدفيئة، و لكن بالنسبة لكندا البيانات لا تزال متأخرة بعامين، حيث يشير آخر تقرير لكندا و الذي يرجع لعام 2018، أنه قد بلغ إجمالي إنبعاثات كندا حوالي 729 مليون طن من غاز ثاني أوكسيد الكربون وما يعادله، و تعد هذه الكمية أكبر من 714 مليون طن من الإنبعاثات المسجلة قبل عام، وهي أقل بقليل من 730 مليون طن من إنبعاثات كندا في عام 2005.
و تلتزم كندا بخفض الإنبعاثات إلى 70٪ من مستويات عام 2005 بحلول عام 2030، وجاء ثلثا الزيادة من النقل البري، وكذلك من استخراج النفط والغاز ومعالجته، ولكن إنبعاثاته الإضافية قابلها انخفاض كبير في الإنبعاثات بسبب انخفاض كمية الفحم الذي تستخدمه كندا لتوليد الكهرباء.
في كندا، خلال الأزمة الصحية، لم يتم التخلي عن التشاور بشأن التنقيب عن النفط، فبينما تتوقف البلاد مؤقتًا لحماية السكان من الجائحة عبر فرض الحجر الصحي بمجموعة من المدن الكندية، فإن مخططات حكومة جاستن ترودو فيما يتعلق باستكشاف البيئات البحرية قبالة نيوفاوندلاند لإستغلال النفط والغاز هناك، على الرغم من أزمة الفيروس التاجي.
على إثره ارتفعت العديد من الأصوات البيئية عاليا، حيث لا تكفي حلول التحفيز الاقتصادي لوحدها لحل الأزمة الصحية التي خلقها فيروس كورونا المستجد، مجموعة من منظمات حماية البيئة والقطاع الصحي ومجموعات المواطنين والنقابات تمثل ما مجموعه أكثر من مليون شخص وجهوا رسالة موقعة إلى رئيس الوزراء الكندي ترودو وحكومته في هذا الصدد.
و أوضحت الدكتورة كورتني هوارد، رئيسة مجلس إدارة الرابطة الكندية لأطباء البيئة: “نحن في مرحلة حاسمة ويجب أن يتم تعميم تغير المناخ في جميع عمليات صنع القرار، و يجب أن تفيد السياسات التي ننفذها اليوم جميع الكنديين بحيث يمكننا الثقة في مرحلة ما بعد الفيروس التاجي. ”
و يقول باتريك بونين، مدير حملة الطاقة و المناخ في غرينبيس كندا: ” يجب على الحكومة توفير التكوين والدعم المالي الأساسي للطبقة العاملة مباشرةً، وضمان الإدارة المستقلة لبرنامج التخلي عن آبار النفط والاستثمار في مستقبل طاقة نظيفة ومستدامة “.
تضم هذه المجموعة الكندية الموقعة على الرسالة التاريخية في زمن كورونا، العديد من المنظمات البيئية النشيطة بإقليم كيبيك، حيث يضيف رئيس منظمة كيبيك للطبيعة: “ننتظر جميعًا صانعي السياسات والمساهمين لتوجيه أعمالهم نحو مجتمع أكثر عدالة واقتصاد أكثر استدامة؛ دعونا نحتفظ بالأمل خلال فترة الحجر الصحي هذه!”
هو عمل كبير إذن ينتظر المجلس الاستشاري الجديد للعمل المناخي لحث كندا على الوفاء بالتزاماتها بموجب بروتوكول باريس لتغير المناخ لمن خلال إيجاد فرص أخرى للحد من التلوث الكربوني في القطاعات الأكثر تلويثا، وبالتالي تنزيل بشكل أسرع التزامات و خطة كندا لمواجهة تغير المناخ، وذلك بخلق فرص للشركات والعمال للاستفادة من التمويل المستدام.
ويترأس المجلس الاستشاري الكندي للعمل من أجل المناخ كل من: تمارا فرومان وستيفن جيلبولت، حيث من المفروض أن يقدما تقاريرهما إلى كل من وزير البيئة وتغير المناخ ووزير المالية الكنديين صيف هذا العام لإبراز مدى استجابة كندا للاستعجالية المناخية.
في المغرب و لدعم آليات التشاور بشأن تغير المناخ، تمت المصادقة في شهر فبراير الماضي على إحداث اللجنة الوطنية للتغيرات المناخية: هيئة التشاور والتنسيق من أجل تنفيذ السياسة الوطنية في مجال محاربة تغير المناخ، ضمن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ و بروتوكول باريس لتغير المناخ، و من المنتظر أن تسهم اللجنة في إعداد السياسة الوطنية المتعلقة بتغيرات المناخ وتتبع تنفيذها، و كذا اقتراح ودراسة مشاريع المخططات والبرامج ذات الصلة بالقضايا التي تهم تغير المناخ وتتبع تنفيذها، واقتراح برامج للتوعية والإعلام والتكوين ونقل التكنولوجيات النظيفة والسهر على تنفيذها.
وتتكون اللجنة الوطنية للتغيرات المناخية من السلطات الحكومية بالإضافة إلى المندوبية السامية للتخطيط، والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية والوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء البحرية، ووكالة التنمية الفلاحية والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، والوكالة الوطنية للنباتات الطبية والعطرية والمعهد العلمي، والمعهد الوطني للبحث الزراعي، والمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، والمركز الوطني للبحث العلمي والتقني.
كما تضم اللجنة في عضويتها، ثلاثة ممثلين عن الجمعيات الأكثر تمثيلية العاملة في مجال التغيرات المناخية أو التنوع البيولوجي أو هما معا، يعينهم رئيس اللجنة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، من لائحة تقدمها الجمعيات المذكورة.
وتضم لجنة المناخ في عضويتها كل من المجلس الأعلى للماء والمناخ و مركز الكفاءات للتغير المناخي بالمغرب، و تم تأسيس هذا الاخير كمركــز للمعرفـة والخبـرة والتكويـن والحـوار فـي هـذا المجـال ثلاثة أيام قبل انطلاق قمة المناخ في نسختها الثانية و العشرين بمراكش، وينطلـق فـي عملـه مـن مبـدأ تظافـر جهـود كل الفاعليـن المعنييـن بموضـوع التغيـر المناخـي بالمغـرب، مـن إدارات عموميـة وجماعـات ترابيـة ومؤسسـات عموميــة وشــبه عموميــة وقطــاع خــاص وجمعيــات المجتمــع المدنــي وباحثيــن جامعييــن وخبــراء.
و يبقى الأمل معقودا على المجلس الأعلى للماء و المناخ المغربي أن ينهج نفس الدينامية التي يعرفها نظيره الكندي و الفرنسي، بالرغم من أن هذين الأخيرين لم يتم تأسيسهما سوى في السنتين الأخيرتين، بالإضافة أنه ما يميز المجلسين الفرنسي و الكندي للمناخ هو الإنسجامية في التركيبة فكل أعضاء المجلسين هم خبراء في علم المناخ والاقتصاد والزراعة و الانتقال الطاقي، إلا أن إستقلالية المجلسين تجعل منهما قوة إستشارية كبرى رهن إشارة الحكومتين الفرنسية والكندية في أفق إشتغالهم على توفير رؤية مستقلة لسياسة المناخ الحكومية، هذا بالرغم من أن التحــدي الأساسي الــذي يتعيــن رفعــه مــن أجــل ضمــان نجــاح عمليــة التنفيــذ الناجــع لسياسـة محاربـة التغيـر المناخـي بالمغـرب يكمـن فـي التنسـيق بيـن أعمـال كل أجهـزة الحكامـة المعنيـة بهـذا المجـال، بالإضافة إلى الإشتغال بالشـكل الكافـي واستثمار جميع الإمكانـات التـي تنطـوي عليهـا، بهـدف ضمـان التنسـيق الناجـع لجهـود التكيـف مـع التغيـرات المناخيـة والتخفيـف مـن آثارهـا.

.

*محمد بنعبو: رئيس المكتب الوطني لجمعية مغرب أصدقاء البيئة

]]>
https://alouatan.net/?feed=rss2&p=639 0
كلنا خبراء : ما مدى تأثير عوامل الطقس و المناخ على انتشار فيروس كورونا عبر العالم؟ https://alouatan.net/?p=568 https://alouatan.net/?p=568#respond Fri, 01 May 2020 10:58:40 +0000 http://alouatan.net/?p=568

ما مدى تأثير عوامل الطقس و المناخ

على انتشار فيروس كورونا عبر العالم؟

( نــص المقـــال كــامـــلا )

بقلــم : محمـــد بنعبـــو

 

مع انتشار فيروس كورونا المستجد، لم يكن أمام الحكومات في جميع أنحاء العالم أي خيار سوى التوقيف المؤقت للنشاط الإقتصادي من خلال تدابير الإحتواء، و تعثرت على إثره أسهم كبار الشركات وانخفضت أثمنة الوقود الأحفوري و ر بح المناخ الرهان.
و يعتقد أن النشاط البشري والاقتصادي هما المصدر الرئيسي لانبعاثات الغازات الدفيئة والملوثات والجسيمات الدقيقة كما تذكرنا منظمة الصحة العالمية، حيث أن الجزيئات الدقيقة التي تطلقها أنشطتنا الاقتصادية تتسبب في تسعة ملايين حالة وفاة مبكرة سنويًا.
ونظرا للتدابير الاحترازية لاحتواء وباء كورونا المستجد المتخذة في الصين بصفتها أول بلد اجتاحه الفيروس، فإن عملية التقييم البيئي لهذه الإجراءات كانت ضرورية، حيث باستخدام بيانات الأقمار الصناعية التي جمعتها وكالة الفضاء ناسا، تبين بالملموس انخفاض مستويات الجسيمات الدقيقة والملوثات و تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي.
في مدينة ووهان مسقط رأس وباء كورونا انخفض تركيز أول أكسيد الكربون بـــــــــــ ٪ 10 ووصل في العاصمة بكين معدل الانخفاض إلى 45٪ من ، أما مستوى الجسيمات الدقيقة فقد انخفض بنسبة 30٪ في شهر فبراير الماضي مقارنة بالسنوات الثلاث الماضية، و انخفض انبعاث غاز ثاني أكسيد النيتروجين شديد السمية المنبعث بنسبة 30٪ في ووهان و 50٪ في بكين مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019.
و كان من الممكن أن ينخفض معدل الغازات الدفيئة بمقدار الربع في شهر فبراير الماضي مقارنة بعام 2019 نظرا للتباطؤ الكبير في الاقتصاد الصيني، أي تخفيض حوالي 200 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وفقًا لمركز الأبحاث للطاقة وجودة الهواء.
و يسارع بعض العلماء إلى الإدعاء بأن فيروس كورونا المستجد أنقذ أرواحًا أكثر مما قضى في الصين، عندما نعلم أن معدل الوفيات السنوي الزائد بسبب التلوث يزيد عن مليون شخص هناك، والواقع أن البلاد تقع في بعض الأحيان في حلقات هائلة من التلوث والضباب الدخاني كما تظهر صورة بكين سنويا.
في أوروبا، هناك أيضًا انخفاض في البلد الأكثر تأثرًا بوباء كورونا: إيطاليا، كما شهد إقليم لومبارديا، المشهور بنشاطه الصناعي، انخفاضًا كبيرًا في معدل انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين، فإلى حدود 13 مارس الماضي، أكدت وكالة الفضاء الأوروبية أن انخفاض الانبعاثات يتزامن مع الحجر الصحي الذي فرضته إيطاليا على الساكنة، هذا على الرغم من الاختلافات الطفيفة في البيانات بسبب الغطاء السحابي والتغيرات المناخية.
و لا يزال من السابق لأوانه الحديث عن دول أخرى عندما تكون تدابير الاحتواء حديثة، لكن يجزم العلماء بشأن مستويات الجسيمات الدقيقة وغازات الدفيئة والملوثات على مستوى الغلاف الجوي كونها ستكون مرئية.
ووفقًا لهيرفي لوتروت عالم المناخ وعضو أكاديمية العلوم، فإن هذا الانخفاض هامشي نظرًا لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي حدثت منذ عقود، ومن غير الواضح أيضًا ما إذا كان العالم سوف يأخذ الدرس من هذه التأثيرات غير المشتبه بها والصديقة للمناخ.
و للتاريخ فقط، فقد تبين أن استئناف النشاط الاقتصادي بعد الأزمة المالية لعام 2008 كان ملوثًا بشكل خاص، إذن هل سيعيد التاريخ نفسه بعد جائحة فيروس كورونا؟ و هل سيؤثر الطقس و ارتفاع درجة الحرارة على انتشار الوباء عبر العالم؟
من الأسهل حاليًا رؤية عواقب الفيروس التاجي على المناخ كما عملت تدابير الاحتواء العالمية وتباطؤ النشاط الاقتصادي على تحسين جودة الهواء والسماح للطبيعة باستعادة حقوقها في مجالات معينة، ومع ذلك، من الصعب فهم تأثير الطقس والظروف المناخية على الفيروس.
ولا يتم القضاء على الفيروس التاجي بالحرارة، حيث يمكن التحقق من هذه المعلومات من خلال فحص خرائط درجات الحرارة حول العالم وانتشار الفيروس، حيث يمكننا أن نرى أن البلدان التي تتجاوز فيها درجات الحرارة عتبة الحرارة 25 درجة مئوية تتأثر بفيروس كورونا المستجد، كما هو الحال خاصة بالنسبة لأستراليا.
أما بالنسبة لأشعة الشمس، فإن كمية الإشعاع الشمسي المستقبلة تزداد في نصف الكرة الشمالي حيث أننا نتجه من الربيع إلى الصيف، و ثبت أن الأشعة فوق البنفسجية تقتل سلالات أخرى من عائلة الفيروسات التاجية، لذلك يمكننا أن نتوقع أن الزيادة في الإشعاع الشمسي ستعمل ضد فيروس كورونا ومع ذلك، لم تجر أي دراسة حتى الآن حول هذا الموضوع تبرر هذا الاستقراء للبيانات السابقة على سلالات أخرى من فيروس كورونا.
ومع ذلك، لا يزال هناك توسع أقل للفيروس في نصف الكرة الجنوبي، الأمر الذي يمكن أن يؤيد الدراسات حول الحرارة والإشعاع الشمسي، و يمكن لدرجات الحرارة العالية والرطوبة العالية أن تقلل من انتقال الفيروس، حيث هناك دراستان صينيتان تم نشرهما في مارس الماضي تدرسان العلاقة بين درجة الحرارة والرطوبة والفيروس التاجي.
استولى الباحثون على مائة مدينة صينية حيث تم الكشف عن 40 حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد في الفترة الممتدة ما بين 21 إلى 23 يناير الماضي، و تتوافق هذه التواريخ مع سيناريو عدم التدخل، أي قبل أن تتخذ الحكومة الصينية تدابير احترازية لاحتواء الفيروس التاجي، و أخذ المؤلفون أيضًا الناتج المحلي الإجمالي للفرد في الاعتبار لتدراس الاختلافات بين المرافق الصحية وكثافة السكان.
و خلص الباحثون إلى أن العدوى بالفيروس أعلى في مدن شمال الصين خلال هذه الفترة، مع رطوبة أقل ودرجات حرارة أقل من السواحل الجنوبية الشرقية للإقليم، معرضة لارتفاع درجات الحرارة، و تتوافق هذه النتائج مع التحليل الذي أجراه عالم الأمراض جون نيكولز من جامعة هونغ كونغ، والذي يشير إلى أنه في البيئات الباردة، يزدهر فيروس كورونا بشكل أفضل منه في البيئات الدافئة.
عينة أخرى استخدمها الباحثون و هي مقارنة 14 دولة حيث ظهرت 20 حالة جديدة خلال الفترة من 8 إلى 29 فبراير 2020، ووفقا لنتائجهم، كان الوباء أكبر في البلدان حيث كانت درجات الحرارة والرطوبة أقل، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، و على عكس الدول الأكثر دفئًا ورطوبة أكثر خلال هذه الفترة، مثل ماليزيا وتايلاند، و تشير هذه النتائج إلى أن الفيروس التاجي ينتقل بسهولة أكبر في المناطق الأكثر برودة وجفافا و يمكن أن يؤدي النطاق الحراري القوي والهواء البارد والجاف إلى زيادة معدل الوفيات.
وتؤكد دراسة صينية أخرى هذه النتيجة، الدراسة التي همت مدينة ووهان لوحدها في الفترة الممتدة ما بين 20 يناير و 29 فبراير 2020، خلال هذه الفترة، تولى الباحثون معدل الوفيات وبيانات الأرصاد الجوية، وبشكل رئيسي درجات الحرارة، السعة الحرارية والرطوبة، و في هذه الدراسة، على عكس الدراسة السابقة، يسعى العلماء الباحثون إلى تحديد تأثير الأرصاد الجوية على وفيات فيروس كورونا المستجد.
خلص الباحثون إلى أن معدل الوفيات في اليوم يكون أعلى من السعة الحرارية العالية، أي في اليوم الذي يوجد فيه فرق كبير بين درجة الحرارة في الصباح وبعد الظهر، ووفقًا لبعض الدراسات، تزيد السعة الحرارية من خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب والأوعية الدموية، ومع ذلك، يؤدي الفيروس التاجي على وجه التحديد، في أخطر أشكاله إلى أمراض الجهاز التنفسي والتي تكون حصيلتها قاتلة في بعض الأحيان.
و تؤكد الدراسة أن الهواء البارد سيجعل رئتينا أكثر ضعفا، من خلال إضعاف وظيفتهيما المناعية، و أن الهواء الجاف بدوره يجعل أجسامنا أكثر عرضة للإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي مثل الإلتهاب الرئوي ومتلازمة الجهاز التنفسي الحادة (سارس)، هذه الالتهابات التي يمكن أن يسببها فيروس كورونا المستجد مرة أخرى في شكله الحاد، و يبدو أن هذه النتائج تشير مرة أخرى إلى أن الهواء البارد والجاف، وكذلك السعة الحرارية العالية تزيد من معدل الوفيات.
و تتوافق هذه النتائج مع الدراسات السابقة لفيروس الأنفلونزا، مهما كانت مثيرة للاهتمام، يجب أن تكون هاتان الدراستان مؤهلتان، في الواقع، لم تتم مراجعة النظراء، أي تحليلها وتأكيدها من قبل مجموعة علمية تشهد على الطابع العلمي للدراسة المعنية، ولا تعني هذه الدراسات أيضًا أن عودة الأيام المشمسة قد تكون كافية للقضاء على الوباء.
عندما تظهر أمراض خبيثة جديدة، مثل السارس وكورونا المستجد، يبدأ السباق في إيجاد لقاحات وعلاجات جديدة للمتضررين، حيث مع ظهور الأزمة الحالية، تفرض الحكومات الحجر الصحي والعزلة على السكان، وتثبط التجمعات العامة.
اتخذ مسؤولو الصحة عبر العالم نفس النهج قبل 100 عام، عندما كانت الأنفلونزا تنتشر في جميع أنحاءكوكب الارض، وكانت النتائج مختلطة، لكن السجلات من جائحة عام 1918 تشير إلى أن تقنية واحدة للتعامل مع الأنفلونزا كانت فعالة حيث يمكن أن تساعدنا بعض التجارب التي تم الحصول عليها بشق الأنفس من أكبر جائحة في التاريخ المسجل في الأسابيع والأشهر المقبلة.
وببساطة، وجد الأطباء أن مرضى الإنفلونزا الشديدة في الخارج يتعافون بشكل أفضل من أولئك الذين تم علاجهم في الداخل، يبدو أن مزيجًا من الهواء النقي وضوء الشمس قد منع الوفيات بين المرضى والعدوى بين الطاقم الطبي.
و تظهر الأبحاث أن الهواء الخارجي مطهر طبيعي، حيث يمكن للهواء النقي أن يقتل فيروس الإنفلونزا والجراثيم الضارة الأخرى، وبالمثل فإن ضوء الشمس مبيد للجراثيم، وهناك الآن دليل على أنه يمكن أن يقتل فيروس الإنفلونزا.
عندما وصلت جائحة الإنفلونزا إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة في عام 1918، تضررت مدينة بوسطن بشكل خاص، لذا أقام حرس الدولة مستشفى للطوارئ، و أخذوا في أسوأ الحالات بين البحارة على متن السفن في ميناء بوسطن، لاحظ المسؤول الطبي في المستشفى أن البحارة الأكثر خطورة هم في أماكن سيئة التهوية. لذلك أعطاهم أكبر قدر ممكن من الهواء النقي عن طريق وضعهم في الخيام. وفي الطقس الجيد، تم إخراجهم من خيامهم ووضعهم في الشمس، في هذا الوقت، كان من المعتاد وضع الجنود المرضى في الهواء الطلق. تم استخدام العلاج في الهواء الطلق ، كما كان معروفًا، على نطاق واسع في خسائر الضحايا من الجبهة الغربية، وأصبح العلاج المفضل للعدوى التنفسية الشائعة الأخرى والمميتة في ذلك الوقت مرض السل، حيث تم وضع المرضى في الخارج في أسرتهم لاستنشاق الهواء النقي في الهواء الطلق، و تم وضعهم في غرف ذات تهوية مفتوحة مع فتح النوافذ ليلاً ونهارًا، حيث يظل نظام الهواء الطلق شائعًا حتى حلت المضادات الحيوية محله في الخمسينيات.
يتوفر الأطباء على خبرة مباشرة في العلاج في الهواء الطلق في المستشفى الميداني في بوسطن حيث كانوا مقتنعين بأن هذا النظام جد فعال، و تم اعتماده في مكان آخر، و بهذافقد قلل الوفيات بين مرضى المستشفيات من 40 في المائة إلى حوالي 13 في المائة، وفقًا للطبيب العام لحرس ولاية ماساتشوستس: “لقد أثبتت فعالية معالجة الهواء الطلق تمامًا ، وعلى المرء فقط تجربتها لاكتشاف قيمتها”.
كان المرضى الذين عولجوا في الهواء الطلق أقل عرضة للتعرض للجراثيم المعدية التي غالبًا ما تكون موجودة في أجنحة المستشفى التقليدية، حيث كانوا يتنفسون الهواء النظيف في ما كان يجب أن يكون بيئة عقيمة إلى حد كبير، نحن نعلم ذلك لأنه في ستينيات القرن الماضي، أثبت علماء وزارة الدفاع أن الهواء النقي مطهر طبيعي.
و كشفت أبحاث العلماء أيضًا أنه يمكن الحفاظ على قوى التطهير لعامل الهواء الطلق في حاويات – إذا تم الحفاظ على معدلات التهوية عالية بما يكفي إلى حد كبير، فإن المعدلات التي حددوها هي نفسها التي تم تصميم أجنحة المستشفى ذات التهوية المتقاطعة، ذات الأسقف العالية والنوافذ الكبيرة، ولكن بحلول الوقت الذي اكتشف فيه العلماء اكتشافاتهم، كان العلاج بالمضادات الحيوية قد حل محل العلاج في الهواء الطلق، منذ ذلك الحين لم تظهر آثار مبيدات الحشرات للهواء النقي في مكافحة العدوى أو تصميم المستشفى، ومع ذلك، أصبحت البكتيريا الضارة أكثر مقاومة للمضادات الحيوية.
قد يكون إخراج المرضى المصابين في الشمس مفيدًا لأنه يعطل فيروس الأنفلونزا، كما أنه يقتل البكتيريا التي تسبب الرئة والالتهابات الأخرى في المستشفيات، خلال الحرب العالمية الأولى، استخدم الجراحون العسكريون بشكل روتيني ضوء الشمس لشفاء الجروح المصابة، كانوا يعلمون أنه مطهر، ما لم يعرفوه هو أن إحدى مزايا وضع المرضى بالخارج تحت أشعة الشمس هي أنه يمكنهم تصنيع فيتامين د في جلدهم إذا كان ضوء الشمس قويًا بما فيه الكفاية، و لم يتم اكتشاف هذا حتى 1920، و يرتبط انخفاض مستويات فيتامين د الآن بالتهابات الجهاز التنفسي وقد يزيد من قابلية الإصابة بالإنفلونزا، أيضًا ، يبدو أن الإيقاعات البيولوجية لجسمنا تؤثر على كيفية مقاومتنا للعدوى.
يشير بحث جديد إلى أنه يمكنهم تغيير استجابتنا الالتهابية لفيروس الأنفلونزا، كما هو الحال مع فيتامين د، في وقت جائحة عام 1918، لم يكن الدور المهم الذي يلعبه ضوء الشمس في مزامنة هذه الإيقاعات غير معروف.
في الاخير قد تساعد اللقاحات والأدوية المضادة للفيروسات في القضاء على الجائحة، قد تكون المضادات الحيوية فعالة في علاج الالتهاب الرئوي والمضاعفات الأخرى، لكن الكثير من سكان العالم لن يتمكنوا من الوصول إليها، إذا جاء عام 1918 آخر، أو ازدادت أزمة كورونا المستجد سوءًا، يشير التاريخ إلى أنه قد يكون من الحكمة أن يكون لديك خيام وأجنحة جاهزة للتعامل مع أعداد كبيرة من الحالات المرضية الخطيرة، فالكثير من الهواء النقي وال قليل من ضوء الشمس سيساعدان في القضاء على الفيروس التاجي دون محالة.

*محمد بنعبو: رئيس المكتب الوطني لجمعية مغرب أصدقاء البيئة

]]>
https://alouatan.net/?feed=rss2&p=568 0
كلنا خبراء : فيروس كورونا .. و إدماج تغير المناخ في خطط إنعاش الاقتصاد https://alouatan.net/?p=549 https://alouatan.net/?p=549#respond Wed, 22 Apr 2020 05:55:32 +0000 http://alouatan.net/?p=549

فيـــروس كـــورونــــا
و إدماج تغير المناخ في خطط إنعاش الاقتصاد

( نــص المقـــال كــامـــلا )

بقلــم : محمـــد بنعبـــو

 

بالرغـم من تهويـن البعـض مـن أهميته،أصبح تغيـر المناخ واقعـا ملموسـا تظهـر آثـاره في مختلـف مناطـق العالـم، مـن ارتفـاع سـنوي لدرجـة حـرارة الأرض الذي بلـغ في المتوسـط 1.1 درجـة مئويـة مقارنـة بسـنة 1850 إلى ارتفـاع مسـتوى البحار و المحيطات بمـعدل 3.1 ملـم سـنويا منـذ 1993، وتزايـد وتيـرة الظواهـر المناخيـة القصـوى، ومـا ينتـج عنهـا مـن خسـائر ماديـة وبشـرية، كموجـات الحرارة المفرطـة والجفـاف والفيضانـات حيث توقــعتهيئة الخبــراء الحكومييــن من أجل المنــاخ أن تزداد درجــة حــرارة الأرض في الارتفاع، في أفــق سنة 2100 كما سيعـرف مسـتوى البحـار ارتفاعـا يصل الى 60 سـم،محذرة أيضـا مـن تزايـد نسبة التسـاقطات المطريـة.
” يتطلب تغير المناخ تضامنا بلا حدود و خارج الحدود، وليس فقط داخلها، حيث يمكننا التشكيك في الفائدة من إغلاق الحدود للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، ولكن من المؤكد أن انبعاثات الغازات الدفيئة لن تتوقف عند الحدود،وفوق كل شيء، فإن تدابير مكافحة فيروس كورونا التاجي هي تدابير تفرضها حالة الضرورة، لم نقم باختيارها، بل الأكثر من ذلك فنحن نمر بها، لذا يجب اختيار بعناية التدابير الناجعة لمكافحة تغير المناخ ” يلخص فرانسوا جيمين باحث العلوم السياسية.
و يتوقع العلماء أن تنخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بأكبر قدر منذ الحرب العالمية الثانية هذا العام بعدما أدى تفشي فيروس كورونا المستجد إلى توقف النشاط الاقتصادي عبر العالم.
و بحسب هيئة الأمم المتحدة يعتبر العقد الأخير من الزمن العقد الأكثر سخونة منذ بدء تسجيل درجات حرارة المناخ، واستناداً إلى الوتيرة الحالية للتطورات المناخية، قد ترتفع درجة الحرارة العالمية خمس درجات حتى نهاية القرن.
و أفادت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن سنة “2019 يفترض أن تكون ثاني أو ثالث أكثر السنوات حرارةً على الإطلاق” منذ عام 1850، وهو التاريخ الذي بدأ منه تسجيل درجات الحرارة بشكل منهجي.
وأوضحت المنظمة العالمية أن العام “2019 يسجل نهاية عقد بلغت خلاله الحرارة درجات استثنائية، وذوباناً للجليد، وارتفاعاً قياسياً لمستويات البحار في الكرة الأرضية، نتيجة لتأثيرات الغازات الدفيئة التي تنتجها الأنشطة البشرية”. واستناداً إلى الوتيرة الحالية للمناخ، فقد ترتفع درجة الحرارة العالمية بأربع أو خمس درجات حتى نهاية القرن.
وحتى لو تقيدت الدول و الأطراف بالتزامات سبق و أن اتخذتها في إطار مؤتمرات الأطراف لمكافحة التغير المناخي، سترتفع الحرارة العالمية 3 درجات،مع العلم أن بروتوكول باريس ينص على الحد من الاحترار العالمي دون الدرجتين وتثبيته عند 1,5 درجة.
و أوضح روب جاكسون الذي يرأس مشروع الكربون العالمي ويقدم تقديرات سنوية لحجم انبعاثات الغازات الدفيئة و التي تحظى بمتابعة واسعة النطاق، أنه بسبب جائحة كورونا فإن إنتاج الكربون سينخفض سنة 2020 بأكثر من 5% على أساس سنوي وهو أول انخفاض منذ أن تراجع بنسبة 1.4% بعد الأزمة الاقتصادية و المالية لعام 2008.
وقال جاكسون أستاذ علوم نظم الأرض بجامعة ستانفورد في كاليفورنيا “لن أندهش من رؤية الانخفاض بنسبة 5% أو أكثر في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون هذا العام وهو شيء لم نشهده منذ نهاية الحرب العالمية الثانية”،مضيفا: “لا أعتقد أن سقوط الاتحاد السوفياتي ولا أزمات النفط أو المدخرات أو القروض المختلفة خلال الخمسين سنة الماضية قد أثرت على الانبعاثات كما تؤثر هذه الأزمة”.
وتمثل هذه التوقعات بارقة أمل في ظل الأزمة، فقد حذر علماء المناخ حكومات العالم من أن الإنبعاثات العالمية للغازات الدفيئة يجب أن تبدأ في الانخفاض بحلول عام 2020 لتجنب أسوأ آثار لتغير المناخ على الكرة الأرضية.
ويحذر الخبراء من أنه بدون تغيير حقيقي فإن انخفاض إنبعاثات الغازات الدفيئة الناجم عن تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد يمكن أن يكون قصير الأجل ولن يكون له تأثير يذكر على تركيزات ثاني أكسيد الكربون التي تراكمت في الغلاف الجوي على مدى عقود.
و يعتبر الاحتباس الحراري أكثر خطورة بكثير من جائحة كورونا حيث سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن وباء الفيروس التاجي أكثر خطورة من تغير المناخ، فالبشر أقل ميلاً لتغيير سلوكهم اتجاه المناخ لأن عواقب ترددهم بعيدة، في المكان كما في الزمان، وهذا من منظور التاريخ البشري ومن المنظور العالمي،وعلى عكس ذلك فأزمة المناخ وفقدان التنوع البيولوجي أكثر شيء مقلق للبشرية من عدوى فيروسية إضافية، مهددة وقد تكون قاتلة و من واجب السياسة استخلاص النتائج الضرورية من هذه الحقائق، والتصميم على اتخاذ إجراءات ضد أزمة المناخ في النهاية.
و كان صندوق النقد الدولي قد أكد على أن جائحة فيروس كورونا المستجد ستتسبب في أسوأ أزمة اقتصادية عالمية منذ أزمة 1929.
وقالت رئيسة صندوق النقد الدولي،كريستينا جورجيفا، في كلمة ألقتها خلال اجتماعات صندوق النقد الدولي الربيعية عن طريق تقنية الفيديو، إن أكثر من 170 دولة من أصل 189 دولة عضو في الصندوق ستشهد انكماشا مهما على مستوىالدخل الفردي.
وأضافت جورجيفا أن الاقتصاد العالمي سيشهد في أحسن الأحوال “انتعاشا جزئيا” في سنة 2021، شريطة أن يتم احتواء الوباء بسرعة في النصف الثاني من سنة 2020، حتى يصبح من الممكن رفع تدابير العزل الصحي للأفراد و بالتالي السماح باستئناف النشاط الاقتصادي،وحثت على تجنب أن تتحول أي صعوبات محتملة في السيولة المالية إلى مشاكل في القدرة المالية للأسر والشركات، مما قد يترك “بصمة سلبية على الاقتصاد العالمي ستزيد من صعوبة الانتعاش الاقتصادي “.
وكان صندوق النقد الدولي قد أعلن أن أكثر من 90 دولة تقدمت بطلبات المساعدةالمالية الطارئة من الصندوق في ظل دخول العالم أزمة اقتصادية غير مسبوقة بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد.
و يحذر فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية:”من المهم جدا ألا تفكر الحكومات فقط في تحفيز الاقتصاد والتركيز على بناء مستقبل أفضل،بل إن مخططات التحفيز الاقتصادي على هذا النطاق تحدث مرة واحدة فقط في القرن،و بالنظر إلى المبالغ المالية المعبأة، سيؤدي ذلك إلى هيكلة الاقتصاد وتشكيل العالم الذي سنعيش فيه. ”
وانتقد المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة فاتح بيرول دور السعودية وروسيا في الهبوط الحالي لأسعار النفط معتبرا أن “التاريخ سيحكم عليهما” مضيفا “مواطني العالم سيتذكرون أن قوى كبرى لديها سلطة إرساء استقرار الاقتصاد في العديد من الدول في فترة وباء غير مسبوق قررت عدم ممارسة ذلك، و التاريخ سيحكم عليها” مذكرا بمخاطر حصول زعزعة استقرار في بعض الدول المنتجة.
وأضاف بيرول أن المملكة العربية السعودية التي اختارت إغراق السوق بالنفط و مشتقاته رغم تراجع الطلب عليها مع انتشار وباء فيروس كورونا المستجد “إنما تسيء إلى نفسها عبر خفض أسعار النفط” لكنها تقوم بذلك “لاعتبارات سياسية ودبلوماسية”.
واعتبر فاتح بيرول أنه من أجل الخروج من الأزمة الحالية يجب إما حصول “انتعاش اقتصادي معمم بعد الوباء” لدعم الطلب وإما التوصل الى اتفاق بين الدول المنتجة “لتثبيت استقرار الأسعار”و تابع “أنا على اتصال منتظم مع الأمين العام لأوبك ووزراء الدول المصدرة و هناك اتصالات غير رسمية لكن لا شيء ملموسا ظهر حتى الآن”.
وكانت الوكالة الدولية للطاقة عبرت اعتبارا من بدء الأزمة عن خشيتها من آثار اقتصادية واجتماعية “كبرى” على الدول المنتجة للنفط وخصوصا العراق وأنغولا أو نيجيريا.
ودارت حرب نفطية بين السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم،وروسيا، ثاني أكبر المصدرين، في الأسابيع الماضية بعد فشل مجموعة الدول المصدرة “أوبك” بقيادة المملكة العربية السعودية والدول النفطية خارجها بقيادة موسكو في الاتفاق على خفض الإنتاج.
وردا على الموقف الروسي، خفّضت السعودية أسعار النفط المطروح للبيع لديها إلى أدنى مستوياتها منذ 20 عاما، في محاولة للاستحواذ على حصّة كبيرة في السوق، الأمر الذي أثار اضطرابات في أسواق الطاقة وحرب الأسعار.
و أكدت الخبيرة الاقتصادية هيلين مونتفورد، نائبة رئيس معهد الموارد العالمية أن:”أمام الحكومات والشركات التي تخطط لإجراءات التحفيز خياران: إما أن تحاصرنا لعدة عقود أخرى في نموذج التنمية الملوثة وغير الفعالة وغير المستدامة و القائمة على الكربون،أو أنها تغتنم الفرصة لتسريع التحول إلى الطاقات النظيفة وإلى النقل المستدام منخفض الكربون، الأمر الذي سيحقق فوائد اقتصادية وبيئية طويلة الأجل”.
و لتنفيذ الانتقال الطاقي، تبدو بعض السبل واضحة للخبراء، حيث يجب أن تبدأ الدول بإعطاء الأولوية لدعم النجاعة الطاقية في المباني وجميع الإجراءات للحد من استهلاك الطاقة، وقال فاتح بيرول “هذا قطاع يمكنه تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، مع توفير الكثير من فرص العمل”.
بالنسبة لمايكل ليبريتش من بلومبرج للطاقة الجديدة والتمويل، فإن الأولوية ليست في تفضيل مزارع الرياح والطاقة الشمسية، فهي غير مكلفة ومربحة في معظم أنحاء العالم، وبدلاً من ذلك، فإنه يدعو إلى استثمارات هادفة لإحداث التحول الضروري لشبكات الكهرباء والبنيات التحتية للتخزين، حتى يتمكنوا من امتصاص انقطاع التزويد بالكهرباء انطلاقا من الطاقات المتجددة.
و تضر جائحة كورونا باقتصاديات العالم، فقد قطعت البلدان بالفعل الزوايا على المعايير البيئية لتوقع التعافي، متناسين حالة الطوارئ المناخية الأخرى،و التخوف كل التخوف من البلدان المتضررة من أزمة فيروس كوروناالتي يجب عليها أن تتجنب حدوث موجة ثانية من التلوث، وهو المتوقع من الحكومات بالفعل ما بعد الأزمة.
و قد يميل البعض إلى التشكيك في التدابير المتخذة لمكافحة تغير المناخ، باسم الانتعاش الاقتصادي،حيث يخشى البلجيكي فرانسوا جيمين، الباحث في جامعة لييج وعضو هيئة خبراء المناخ التابعة لهيئة الأمم المتحدة من وقوع ما لا يحمد عقباه.
و كانت وكالة حماية البيئة الأمريكية قد أوقفتتنفيذها مؤقتا للقوانين البيئية خلال الأزمة الحالية التي خلفها فيروس كورونا، وقال أندرو ويلر، الرئيس التنفيذي للوكالة، إن الشركات لن تعاقب على تلوث الهواء أو الماء إذا كانت الانتهاكات ناجمة عن جائحة فيروس كورونا، كما قامت إدارة الرئيس الأمريكي بترك المتابعات المتعلقة بمعايير انبعاثات السيارات و بالتالي الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة و التي كان من المقرر أن تصل إلى 5٪ في السنة الحالية،حيث ستكون محدودة فقط بــــــــــــــــ1.5٪. في حين أن التلوث يجعل فيروس كورونا أكثر خطورة على الصحة،و بالتالي سيكلف صناعة الرعاية الصحية 190 مليار دولار بحلول عام 2050، وفقًا لمؤسسة الدفاع البيئي الأمريكية.
“في هاته اللحظة، سنقدم خططا مناخية أكثر طموحًا في شهر شتنبر المقبل، كما هو مبرمج له”، هذا ما وعد به الهولندي فرانس تيمرمانز مفوض المناخ في المفوضية الأوروبية و لكن باسم الأزمة الصحية طالبت بولونيا وجمهورية التشيك بالتخلي عن الميثاق الأخضر الأوروبي الذي يجب أن يؤدي إلى اقتصاد ما بعد الكربون.
و ألغت وزارة التجارة الأندونيسية نظام ترخيص الأخشاب الثمينة من الغابات الاستوائية اعتبارًا من 27 ماي المقبل،حيث لن يُطلب من المنتجين ضمان المصدر القانوني للخشب،و يؤكد علماء الأحياء منذ بداية الوباء على أن هذه الغابات الاستوائية مليئة بالأوبئة و الأمراض المعدية والخفافيش كفيلة بنقلها.
في بعض المجتمعات إجراءات إحتواء فيروس كورونا المستجد كلفت البيئة غاليا،كما هو الحال في باريس حيث لم يعد الفرز من المصدر وعملية تدوير النفايات مضمونًة،بعد إعطاء التعليمات لعمال النظافة لجمع النفايات بشكل استثنائي وبشكل مختلط.
في الصين باعتبارها أول دولة متضررة فإن الجهود التي بذلتها لمكافحة الوباء اعتبرت بالمبهرة،ففي مركز الوباء في مقاطعة هوبي،كان عمال الصحة والطوارئ يعملون على مدار الساعة حتى نجحت إجراءات الكشف والفحص، وكذلك القيود على حركة السيارات والقطارات و الطائرات، في وقف انتشار الفيروس بنجاح.
إن استعداد الحكومة الصينية لتلقي المشورة و تقاسم الخبرة الدولية ولا سيما مع منظمة الصحة العالمية، ساعد على تقدم معرفة الفيروس وساعد الدول المتضررة على حماية مواطنيها و السيطرة على انتشار الفيروس و احتوائه،خصوصا مع تأكيد الحالات في 170 دولة حتى الآن مما عجل بالدعوة الى العمل الجماعي والتضامن الذيذو أهمية بالغة من أي وقت مضى.
وبروح التضامن،التزم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالعمل مع البلدان والمجتمعات حول العالم لمكافحة الوباء،ففي الصين مثلا، قدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الدعم الكامل للسكان والحكومة، بالعمل مع السلطات المختصة لتقديم الدعم في حالات الطوارئ ودعم شراء اللوازم الطبية الأساسية.
و بتمويل أولي قدره خمسمائة ألف دولار أمريكي للاستجابة لحالات الطوارئ، قدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للصين المعدات الأساسية للحد من خطر الإصابة بالعدوى التي تواجهها الأطر الصحيةبفضل تواجدها في الخطوط الأمامية للمعركة، بما في ذلك مضخات التنفس وأنظمة مراقبة المرضى و الفحص.
و على عكس وباء سارس الذي أصاب الصين و العالم عام 2002،حيث كانت الصين قد ساهمت آنذاك بنسبة 4 ٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي،فهي الآن تمثل حوالي 16٪ من الناتج المحلي الاجمالي العالمي، باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم وسوق استهلاكية ضخمة،و ترتبط الصين ارتباطًا وثيقًا ببقية العالم من خلال التجارة والاستثمار والتمويل حيثأن اندماجها في شبكات النقل العالمية متعدد الأوجه ومعقد.
و يجب أن تؤثر النتائج الجانبية الاقتصادية على سبل عيش السكان، حيث يكون الأشخاص الأكثر تضررا هم الأكثر تضررا بسبب إجراءات الحجر الصحي،فالعديد من الأشخاص لن يتمكنوا من العودة إلى العمل، وبدون آليات الادخار المالي، فإن أولئك الذين انتشلوا حديثًا من براثن الفقر يمكن أن يعودوا إليه.
ولهذا السبب فمن الضروري الاستجابة لحالات الطوارئ،ومعالجة التأثير الاجتماعي والاقتصادي و البيئي للأزمة والتركيز على حماية المجتمعات الضعيفة في أكثر المناطق تأثراً، و ينبغي بذل الجهود لفهم آثار الفيروس على مستوى الأسرة وكذلك على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تشكل العمود الفقري للعديد من الاقتصادات المحلية، من أجل تقييم مدى تأثير الوباء على قدرة الأسر والناس لدعم بعضهم البعض.
و في هذا الإطار عمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تنفيذ تقييمات اجتماعية واقتصادية للأزمة الصحية في مقاطعة هوبي الصينية من خلال إحصائيات تهم الأسر المعيشية، وإعطاء الأولوية للفئات الأكثر ضعفاً، بالإضافة إلى ذلك تم أيضًا جمع البيانات لقياس تأثير الفيروس على النشاط الاقتصادي للشركات الصغيرة، وأفادت هذه النتائج بالتدابير التي اتخذتها الحكومات المحلية لتحسين مستوى عيش المجتمعات.
إن التقدم المحرز حتى الآن في مكافحة الفيروس التاجي مشجع، ومع ذلك فالمعركة لن تنتهي إلا عندما يتم التعامل مع آخر حالة مؤكدة مصابة بفيروس كورونا عبر العالم،و ستكون تداعيات هذا الوباء واسعة ودائمة،لذا يجب علينا أن نسعى لفهمها على المدى القصير من أجل التصدي للتحديات المحتملة على المدى الطويل، وبهذه الطريقة، يمكننا أن نضمن أن التعافي من هذه الأزمة قد أصبح مستداما وأن لا أحد سيتخلف عن الركب.
و لسنوات مضت أكد لنا العلماء والمراقبون من ذوي الخبرة، مثل وكالة المخابرات المركزيةأن الأوبئة العالمية لا مفر منها وأن آثارها ستكون مدمرة، وباستثناء قلة قليلة، فإن القليل من الدول والشركات استعدت لذلك،و يعتبر هذا درس خطير يمكن تعلمه استعدادا للأزمات القادمة مثل أزمة المناخ.
كان هناك تأثير مذهل عندما وصلت أزمة فيروس كورونا المستجد إلى أوروبا،بعدما كان قد انفجر الوباء في مدينة ووهان الصينية، و اعتبر آنذاك حدثًا آسيويًا بعيدًا و معزولا، فمن منا كان يتنبأ بأن فيروسًا واحدًا وحيدا سيصنع فينا كل هذا،في الحقيقة، كان بإمكاننا جميعًا أن نتوقع ذلك، فقد كانت هناك العديد من التنبيهات.
تميل العادة البشرية إلى جعل الناس ينسون خطورة الأوبئة القديمة مثل الأنفلونزا الإسبانية عام 1920 وأنفلونزا الجدري في عام 1977 و أنفلوانزا الطيور في عام 1997، وأنفلونزا السارس في عام 2003،و أنفلوانزا الخنازير سنوات 2009 و 2010، و فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الاوسط في عام 2013،و حمى الايبولا في مارس 2014،فقد ظل العديد من الخبراء يذكروننا بأننا لا زلنا لا نحترم الطبيعة تمامًا، عندما لا تزال الفيروسات أو البكتيريا تصيبنا.
يقول أحد الخبراء: “يعاني العالم من جائحة كورونافي حين أن اجتياحها كان تقريبا منتظرا و حتميا، و كنا قد حذرنا في العديد من المناسبات من وقوع الجائحة، لكن للأسف مع استثناءات قليلة، فشلت عدة حكومات في جميع أنحاء العالم في الاستعداد بشكل ملائم”.
التنبيهات ليس مقتصرة فقط على العلماء،فقد وضع الخبراء الاقتصاديون في منتدى دافوس الاقتصادي خطر انتشار الوباء من بين أخطر التهديدات التي قد تصيب الكوكب الأزرق، قال بيل جيتس في عام 2015 بعد تفشي فيروس حمى الإيبولاو الذي وصل في نهاية المطاف إلى الولايات المتحدة الامريكية بعد أن قتل أربعة أشخاص هناك: “إذا قتل شيء ما أكثر من 10 ملايين شخص في العقود القليلة القادمة، فمن المحتمل أن يكون فيروسًا شديد العدوى بدلاً من الحرب”.
والأقوى، نجد تنبيهات من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، التي قدمت في عام 2009 تقريرًا عن المخاطر في العالم في عام 2025،وفي مقتطف مشترك للوكالة تم تقاسمه على نطاق واسع على شبكات التواصل الاجتماعي يمكن للمرء أن يقرأ: “إذا كان هناك إعلان عن مرض أو جائحةوبائية سوف تكون بلا شك في منطقة ذات كثافة سكانية عالية، قريبة للغاية بين البشر والحيوانات كما هو الحال بالنسبة للصين أو دول جنوب شرق آسيا”، و ربما تحدث خبراء وكالة المخابرات الأمريكية عن عشرات الملايين من ضحايا الجائحة الوبائية لفيروس كورونا المستجد بما فيها دول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الأمريكية و كندا.
نادرًا هم أولئك الذين أخذوا هذه التنبيهات على محمل الجد،فالدول الوحيدة التي تفاعلت بايجابية هي الدول الآسيوية الثلاث :كوريا الجنوبية وسنغافورة وهونغ كونغالتي تتوفر على ذاكرة مريرة لوباء السارس لعام 2003،فقد استخدمت جميع مواردها الاقتصادية والاجتماعية و البشرية منذ بداية الأزمة الحالية التي خلقها فيروس كورونا المستجد.
في فرنسا مثلا قام الساهرون على إنتاج و توزيع الكهرباء بتفعيل الخطة الوطنية لاحتواء وباء كورونا المستجد والتي كانت قائمة منذ عام 2000،حيث يتم تحديثها بانتظام منذ 15 مارس الماضي، وعلى هذا النحو، يمكن للشركة المشرفة على إنتاج الكهرباء أن تدير مرافقها بأقل من نصف عدد اليد العاملة العادية، وبالتالي تضمن تزويد المنازل و الشركات و المكاتب بالكهرباء من دون أي توقف أو انقطاع.
في المجال الرياضي،عملت إدارة بطولة ويمبلدون للتنس التي تنظم كل سنة في أواخر شهر يونيو سنويا منذ سنة 1877 بأنجلترا،و بعد أنكشفت الجهات المنظمة عن إلغاء البطولة هذه السنة بسبب جائحة فيروس كورونا حيث ألغيت مثلها مثل العديد من الأحداث الرياضية الأخرى عبر العالم،فقد عملت إدارة هذه البطولة العالمية على تحصيل التأمين ضد مخاطر الأوبئة منذ وباء السارس في عام 2003.
تثبت هذه الأمثلة أنه كان من الممكن التنبؤ وجعل اقتصاداتنا أكثر مرونة،مع اعتبار أزمة فيروس كورونا المستجد دعوة للاستيقاظ من جديد، لأن هناك أزمة حتمية أخرى يصرح بها العلماء و يطالبوننا بالتحضير لها وبقوة إنها أزمة المناخ.
و بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد و للمرة الأولى منذ عام 1980 ستخفض محطات الطاقة الشمسية الجديدة إنتاجها الكهربائي هذا العام، هذا ما جاء به تقرير منظمة بلومبيرغ للطاقات المتجددة و التمويل، فبعد تعافي المدن الصينية من جائحة كورونا فإن “المصانع الصينية بدأت بالعمل مرة أخرى، لذا فإن الضغط على توريد المكونات والمعدات الرئيسية للطاقة الشمسية سيخف نوعا ما”.إلا أن التخوف يأتي منجهة صانعي السياسة عبر العالم الذين قد يحولون انتباه الرأي العام من الاهتمام بالطاقة النظيفة بصفتها منافسا شرسا للطاقات الأحفورية خاصة وأن أسعار الوقود الأحفوري، سواء كان نفطا أو غازا أو فحما،قد انخفضتبشكل حاد في زمن كورونا.
و ستظهر تأثيرات الفيروس أكثر مع حلول عام 2021 الذي سيعرف تباطؤا في مشاريع الطاقات المتجددة بنسبة 10 ٪،بفعل زيادة الدولار الأمريكي وتراجع العملات في جميع أنحاء العالم،و تعد أستراليا والبرازيل والمكسيك وجنوب إفريقيا من أكثر الدول تضررا حيث أن جميعها لديها أهداف طموحة لتركيب الألواح الشمسية، وقال الخبراء: “قد تواجه المشروعات زيادات في تكاليف رأس المال تصل إلى 36٪ بسبب الانخفاض السريع في قيمة العملات المحلية في هذه الدول”.
و تتميزكل من المكسيك والبرازيل بإنشاء أكبر حقل للطاقة الشمسية في أمريكا اللاتينية و بقدرة كهربائية جد مهمة، لكن البلدين يشهدان في زمن كورونا انخفاضًا حادًا في العملات مقابل الدولار الأمريكي مما سيؤثر علىتتمة إنجازمجموعة من المشاريع خصوصا تلك التي لم تبدأ بعد.
و يمكن أن تنخفض تركيبات الطاقات الريحية بحوالي 6.5٪ على مستوى العالم وفقًا لآخر الدراسات، في حين كان من المفترض أن يكون عام 2020 عامًا قياسيًا، “إن التأثير الأكثر أهمية هو في الصين والولايات المتحدة حيث كان من المتوقع حدوث عمليات تسليم قياسية ولكن يمكن أن تتأثر فرنسا وإسبانيا وإيطاليا بقوة أكبر من حيث النسبة المئوية بسبب تدابير الاحتواء الجذرية”، يتنبأ دان شريف، مدير الأبحاث في الطاقة الريحية.
في فرنسا، تم الإعلان عن تدابير لدعم قطاع الطاقات المتجددة عبر منح آجال إضافية للمقاولات و الشركات مع الحفاظ على نفس أسعار الإقتناء طيلة ثلاثة أشهر المقبلة،و تأجيل طلبات العروض للصفقات المبرمجة و المتعلقة بتزويد و إنشاء محطات لإنتاج الكهرباء انطلاقا من الطاقات النظيفة، وكانت وزيرة الانتقال الإيكولوجي الفرنسية إليزابيث بورنقد صرحت بأن “الأزمة الصحية التي نمر بها يجب ألا تجعلنا بأي حال من الأحوال نتخلى عن أهدافناالطموحة من حيث تطوير الطاقات المتجددة”.
و تطمح المنظمات البيئية الدولية أن توجه استثمارات التحفيز الاقتصادي في زمن ما بعد جائحة كورونا بشكل خاص نحو دعم مشاريع النجاعة الطاقية والطاقات المتجددة و النقل المستدام.
و للتاريخ فقط فإن المخططات الضخمة لإنعاش الاقتصاد العالمي ما بعد أزمة 2008 كانت قد أدت إلى زيادة حادة في انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، لذا فإن التساؤل المطروح بحدة اليوم هو هل سيتكرر نفس السيناريو بعد مرور 12 سنة تقريبا، أم أن هذه الأزمة ستكون فرصة لتوجيه المخططات الاقتصادية العالمية نحو الانتقال الطاقي والانتقال الإيكولوجي، وهل ستلغي الأزمة الاقتصادية الناجمة عن وباء كورونا الجهود المبذولة للحد من آثار تغير المناخ؟
و هل سيكون من الخطأ الرهان على تغيير سلوكيات الانسان لوحده إذا أردنا حماية المناخ، و الحرص على نهج السلوكيات المسؤولة والإيجابية اتجاه كوكب الأرض، أم سنكون قادرين على إتباع مبدأ البساطة إذا مددنا يد المساعدة في إنقاذ المناخ، خصوصا و أن العديد من الأشخاص سيعانون وبشكل مباشر من حجم التغييرات التي سيتعين عليهم إجراؤها حتى يكون لهم تأثير و لو ضئيل على المناخ، وسيقرر الكثيرون منهم أنهم ليسوا مستعدين لتقديم مثل هذه التضحيات، إنها إستراتيجية مكافحة تغير المناخ التي تعتمد فقط على تطور السلوك الفردي و التي تدور عدة تساؤلات حول مآلها نحو الفشل.
من نواح عديدة، تعد أزمة فيروس كورنا المستجد مرحلية وسيتجاوزها العالم بأقل الخسائر من تلك التي يخلفها الاحترار العالمي، ولحسن الحظ أنه اليوم يتم الإنصات لنداءات علماء المناخ أكثر فأكثر، بفضل مظاهرات الشباب من أجل المناخ، و مادام الشباب يقود قافلة التغيير فإنه يمكن الجزم بأنه لم يفت الأوان بعد على الإطلاق.

*محمد بنعبو: رئيس المكتب الوطني لجمعية مغرب أصدقاء البيئة

]]>
https://alouatan.net/?feed=rss2&p=549 0
كلنا خبراء : تنزيل أهداف التنمية المستدامة في زمن كورونا https://alouatan.net/?p=450 https://alouatan.net/?p=450#respond Thu, 16 Apr 2020 00:12:16 +0000 http://alouatan.net/?p=450

تنزيل أهداف التنمية المستدامة في زمن كورونا

( نص المقال كاملا )

بقلــم : محمـــد بنعبـــو

 

من أزمة صحية محلية بمدينة ووهان الصينية،إلى أزمة اقتصادية واجتماعية و بيئية عالمية،تجاوزت في زمن قياسي جميع الحدودالجغرافية، ذلك ما أنتجته وبشكل سريع الانتشار جائحة كورونا عبر ربوع الكوكب الأزرق، هذه الازمة التي أبانت عن قيمة العلاقة الوطيدة التي تربط بين الأعمدة الثلاث للتنمية المستدامة:الإقتصادي والاجتماعي والبيئي، و كذا الحاجة إلى إنتاج نموذج تنموي كوني جديد يهدف إلى تغيير أنماط عيش الأفراد و المجتمع خلال فترة ما بعد زمن كورونا، وللتحقق من مدى نجاعة تنزيل هذه الاستراتيجية الأممية الكونية،اعتمدت في عام 2015 هيئة الأمم المتحدة شبكة من أهداف التنمية المستدامة مكونة من سبعة عشر هدفا و سطرت لهذا الغرض 244 مؤشرا لتتبع تنزيل هذه الأهداف من خلال النتائج،حيث تبثت أهمية هذا التتبع خلال الأزمة الحالية التي يعيشها سكان كوكب الارض أزمة متعددة الجوانب في العمل من أجل مستقبل أكثر استدامة.

فلا يمكن أن يكون هناك اقتصاد مستدام بدون حماية اجتماعية وصحية للناس والبيئة، و هذا هو المبدأ الأساسي للتنمية المستدامة، و الذي تم تجسيده في أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي اعتمدتها الأمم المتحدة يجد اليوم ترجمته الملموسة في أزمة جائحة كورونا، لأن الفيروس الذي نشأ في سوق محلي في الصين، أصاب الآن جميع القارات، مما تسبب في أزمة صحية واقتصادية واجتماعية و بيئية مختلفة المعالم و الأثر من دولة إلى أخرى و من مدينة أو قرية أو جزيرة الى اخرى.

فإذا كانت التنمية المستدامة تعرف بالتنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها، وبوصفها المبدأ التوجيهي للتنمية العالمية على المدى الطويل، فهي تتكون من ثلاثة أعمدة، وتسعى إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية وحماية البيئة بطريقة متوازنة.
وخلال مؤتمر القمة الذي سُمي قمة الأرض في ريو،اجتمع المجتمع الدولي في العاصمة ريوديجانيرو البرازيلية لمناقشة سبل تفعيل التنمية المستدامة،حيث اعتمد قادة العالم جدول أعمال القرن الواحد والعشرين، مع وجود خطط عمل محددة لتحقيق التنمية المستدامة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية. وبعد عشر سنوات و بالضبط سنة 2002 تم عقد مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة، الذي اعتمد خطة جوهانسبرج للتنفيذ.

وبعد مرور عشرين عاما على مؤتمر قمة الأرض اجتمع قادة العالم مرة أخرى في ريوديجانيرو لتجديد الالتزام السياسي لتحقيق التنمية المستدامة و لتقييم التقدم المحرز في تنفيذ الثغرات في الاجتماع المتفق عليه بفعل التزامات، و للتصدي للتحديات الجديدة والناشئة. وركز مؤتمر الأمم المتحدة بشأن التنمية المستدامة، أو قمة الأرض في ريو+20، على الاقتصاد الأخضر في سياق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر والإطار المؤسسي للتنمية المستدامة.

و إذا كانت شبكة تحليل الأهداف الإنمائية السبعة عشر تسمح لنا بفهم السلسلة السببية لهذه الأزمة مع تداعياتها المتعددة، فإنها تمثل أيضًا علامة فارقة في التنمية لما بعد الأزمة، وخاصة بالنسبة للفاعلين الاقتصاديين و جميع الفرقاء و المتدخلين بصفة عامة.

و لتجنب الأزمات الاقتصادية التي من الممكن أن تسببها الأوبئة المستقبلية المحتملة، يجب ألا يغيب عن بال الشركات الكبرى الانتقال السريع إلى نموذج أكثر استدامة وإنصافًا، فأول ما يمكن أن تفعله هذه الشركات كمرحلة أولى هو مواءمة استراتيجياتها مع أهداف التنمية المستدامة، و هذه هي عقيدة منصة عمل كورونا التي أنشأها المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في منتصف شهر مارس الماضي، والتي تصر على الحاجة إلى العمل على مسار أهداف التنمية المستدامة.

فمنذ بداية الأزمة الحالية، أصبحنا نرى بالملموس لما لفيروس كورونا من تأثير كبير على أهداف التنمية المستدامة، سواء كان ذلك بشكل سلبي للغاية على الصحة،والشغل، واتساع التفاوتات الطبقية في التعليم و على المستوى الاجتماعي للأفراد، أو بشكل إيجابي على تغير المناخ عبر خفض تلوث الهواء والأنهار وخلق سلاسل التضامن والإنتاج المستدام، أو بشكل سلبي مباشر على المنظومات البيئية كما وقع بالولايات المتحدة الأمريكية في عز أزمة كورونا،حيث أذنت الوكالة الأمريكية المسؤولة عن البيئة للشركات و المصانع الكبرى مؤقتًا بعدم الامتثال لحدود إطلاق الملوثات في الهواء والماء، حيث توقفت وكالة حماية البيئة عن منح العقوبات على انتهاكات الامتثال للقوانين البيئية وأخذ العينات والتحاليل المختبرية والإبلاغ عن الالتزامات.

وكالة حماية البيئة الامريكية “تدرك أن التحديات الناتجة عن الجهود المبذولة لحماية العمال والمواطنين من فيروس كورونا يمكن أن يكون لها تأثير مباشر على قدرة المنشآت الخاضعة للرقابة على تلبية جميع المتطلبات التنظيمية الفيدرالية” يقول المسؤول أندرو ويلر.

ووفقًا لما ذكرته جينا مكارثي، المديرة السابقة لوكالة حماية البيئة فإن ذلك “ترخيص مفتوح للتلوث”،وتضيف: “هذا التوجيه الخطير ليس أقل من تنازل فادح عن مهمة وكالة حماية البيئة لحماية سلامتنا”. وبحسب ريتشارد بيرسهاوس، مسؤول الأزمات والبيئة في منظمة العفو الدولية: “تستغل حكومة دونالد ترامب هذه الأزمة لتحقيق الهدف الذي حددته قبل أزمة كورونا،بإزالة المعايير البيئية وأن تعليق ضمانات القانون البيئي إلى أجل غير مسمى قرار سيقتل ويهدد صحة أعداد كبيرة من الناس.”

تسلط الأزمة الحالية التي خلقها فيروس كورونا الضوء على الحاجة الملحة للعمل على أحد ركائز أهداف التنمية المستدامة، هذه الشراكة التي من المفروض أن تجمع بين جميع الفاعلين الاقتصاديين، والمنظمات المدنية والمواطنين، و جميع الفرقاء في كل أنحاء العالم، ومع ذلك، إذا كان قد تم تأسيس جبهة تضامن بين الجهات الفاعلة على المستوى المحلي والوطني في وقت معين و في مكان معين من العالم، فقد أظهر وباء كورونا العجز الصارخ على مستوى التضامن الدولي، حيث أن العواقب صارت محسوسة في مجموعة من الدول الغربية و في مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية و قبلها في إيطاليا و إسبانيا و بريطانيا …

و يمنح فيروس كورونا المستجد الفرصة للعالم لإظهار قيم التضامن و التآزر وتحويل هذه الأزمة إلى زخم عالمي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، هذا ما تبين عند تقديم الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس لخطة الاستجابة الإنسانية العالمية لمكافحة فيروس كورونا في البلدان النامية، مذكرا بأن هذه الأهداف الانمائية السبعة عشر ومحاربة الفيروس التاجي المستجد مرتبطان ارتباطًا وثيقًا، و أضاف الأمين العام للأمم المتحدة قائلا: “يجب أن نتأكد من أن الدروس المستفادة وأن هذه الأزمة تمثل نقطة تحول حاسمة في الاستعداد للطوارئ الصحية والاستثمار في الخدمات العامة الأساسية في القرن الحادي والعشرين”.

قال غوتيريس، وهو يرحب بتدابير الحماية الاجتماعية: “بمجرد ما أن يتم التغلب على هذه الأزمة يجب ألا يحدث الانتعاش على ظهر أشد الناس فقراً ولا يمكننا إنشاء فيلق من الفقراء الجدد عبر التبرعات النقدية التي اتخذتها بعض البلدان لمساعدة السكان المعرضين للخطر.”

و كان مجموعة من النشطاء عبر العالم يطلقون على أنفسهم لقب “المدافعون عن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة” قد عبروا، في بيان مشترك له مصدر في بداية شهر أبريل الجاري، عن قلقهم البالغ إزاء تفشي فيروس كورونا والآثار التي أحدثها في شتى أنحاء العالم، وتضامنهم الكامل مع المتضررين، و عن امتنانهم الشديد، لمن يقفون عند الخطوط الأمامية في مواجهة هذا الفيروس لينقذوا الأرواح، ويواصلون تقديم الخدمات الأساسية في البلدان المختلفة في ظل أجواء الحجرالصحي، مشددين على ضرورة أن تعكس السياسات العالمية والإقليمية والمحلية أعلى درجات الإنصاف من أجل التصدي لتفشي هذا الوباء في جميع المناطق لا سيما المعزولة رقميًا، والتي تتلقى مستوىً متدنياً من الدعم وتعاني نقصاً شديداً في الخدمات، وكذلك إيلاء اهتمام بالغ بالأشخاص ذوي الإعاقة ومجتمعات السكان الأصليين واللاجئين والمشردين.

وأكد النشطاء أن مواجهة هذا الوباء تتطلب تنسيق الاستجابات العالمية على المستوى الإنساني والاجتماعي والاقتصادي، وتعاونًا وشراكات على امتداد شتى أنحاء العالم، وعلى جميع المستويات، مثمنين تحرُّك الأمين العام للأمم المتحدة لإنشاء صندوق الاستجابة والإنعاش من أجل دعم البلدان الفقيرة والأشد تضرراً من هذا الوباء، حيث سيساعد وبشكل جوهري في الحفاظ على ما تحقق فعلا من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030.

و تجلى الأثر المباشر من إنشاء صندوق الاستجابة و الإنعاش في تنزيل مجموعة من الأهداف السبعة عشر على أرض الواقع وفي مقدمتها الهدف الإنمائي الثاني و المتعلق بالقضاء التام على الجوع، حيث و في ارتباط مباشر مع الأزمة الغذائية التي خلفتها جائحة كورونا لعب برنامج الأغذية العالمي دورا رياديا حيث احتل موقع الصدارة في تلبية الاحتياجات الغذائية لـحوالي 87 مليون فقير ومهمش وجائع عبر العالم، غالبيتهم من المحرومين من الحماية ضد وباء كورونا، ففي الوقت الذي تكثف فيه منظمة الأغذية و الزراعة الفاو برامجها للمعونة الغذائية، فإنها في نفس الوقت تعزز دعمها اللوجستيكي للمجتمع الإنساني بأكمله الذي يكافح ضد انتشار الفيروس، وقد قامت المنظمة بتسليم معدات الصحة والحماية إلى حوالي 67 دولة، كما يعمل برنامج الأغذية العالمي على إعادة تخزين مخزون الغذاء لتوفير ثلاثة أشهر على الأقل من المساعدات الغذائية للضعفاء في مختلف البلدان ذات الأولوية، ولضمان استمرار هذه العمليات الحيوية، تدعو شركاءها الحكوميين عبر العالم إلى تأكيد مساهماتهم في حدود 1.9 مليار دولار.

و لتحقيق الهدف الإنمائي الثالث و من أجل أن يتمتع سكان كوكب الأرض بصحة جيدة، كانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت الشهر الماضي من أن وباء كورونا”يتسارع” حيث وصفته بالجائحة، إذاستغرق الأمر 67 يومًا من أول حالة إصابة تم الإبلاغ عنها في مدينة ووهان الصينية للوصول إلى 100000 حالةإصابة، و 11 يومًا فقط للوصول إلى200.000 حالة إصابة، وثلاثة أيام فقط للوصول إلى 300.000 حالة إصابة، و يومين فقط للوصول إلى 400.000 حالة إصابة، و يوم واحد فقط للوصول الى 550.000 حالة إصابة، قبل أن يفوق العدد 1.500.000 حالة إصابة عبر العالم، في حين تمت دعوة أكثر من 3.5 مليار شخص للبقاء في منازلهم في أكثر من 120 دولة وإقليم، و في طليعة الإجراءات التي يتم اتخاذها للقضاء على الوباء وإحتوائه، أطلقت هيئة الأمم المتحدة حملة توعية عالمية حول إيماءات الحماية، بالتعاون مع الاتحاد الدولي لكرة القدم.

و أثناء العمل مع شركائها على حوالي عشرين لقاحًا محتملاً، أطلقت منظمة الصحة العالمية دراسة دولية كبيرة، وهي تجربة “التضامن”، والتي تهدف إلى مقارنة العلاجات المختلفة لتحديد فعاليتها وسلامتها في مواجهة فيروس كورونا، و يركز العمل بشكل خاص على أربعة علاجات تستخدم لظروف أخرى ولكنها تعتبر واعدة من بينها العلاج بدواء الكلوروكين.

و لم يعد بإمكان أكثر من مليار طفل وشاب عبر العالم الوصول إلى حجراتهم الدراسية جراء تفشي فيروس كورونا، حيث تم إغلاق المدارس والجامعات في 124 دولة، و لمعالجة هذه المشكلة و لضمان استمرارية العملية التعليمية و التعلمية التي يمثل حجمها وسرعتها تحديا غير مسبوق لقطاع التعليم، و من أجل تعليم جيد و في إطار تحقيق الهدف الانمائي الرابع من أهداف التنمية المستدامة، أنشأت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) مجموعة عمل كورونا فيروس المسؤولة عن تقديم المشورة والمساعدة التقنية للحكومات التي تسعى إلى توفير التعليم للطلاب الذين هم خارج المدرسة مؤقتًا، كما أطلقت اليونيسكو أيضًا التحالف العالمي للتعليم كوفيد 19 الذي يجمع الشركاء المتعددي الأطراف والقطاع الخاص لمساعدة الدول على نشر أنظمة التعلم عن بعد.

و للوباء عواقب اجتماعية وخيمة تؤثر في المقام الأول على النساء، فعلى الصعيد العالمي70٪ من العاملين في قطاع الخدمات الصحية والاجتماعية هم نساء، وبالتالي فإنهن معرضات بشكل خاص لخطر الإصابة بالفيروس التاجي، و لتحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة و المتعلق بالمساواة بين الجنسين، حذر المدير التنفيذي لهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين من عبء تحمل النساء للمسؤوليات الأسرية غير المتناسب و تمكينهم من تحسين ظروف العمل، بالإضافة إلى ذلك، تعمل غالبية النساء في الاقتصاد غير المهيكل، مما يعني أن دخلهن محفوف بالمخاطر وأنهن لا يستفدن من التأمين الصحي او الضمان الاجتماعي،الذي يكون عموماً غير ملائم أو غير موجود بتاتا”.

وفي حالة الطوارئ الحالية، تعمل هيئة الأمم المتحدة للمرأة بشكل وثيق مع منظمة الصحة العالمية ووكالات الأمم المتحدة الأخرى على تعزيز الاستجابة المنسقة للجنة كوفيد 19 كما تعتمد المنظمة في تواصلها المباشر على التنسيق مع شبكات المنظمات المدنية التي تقودها النساء عبر العالم.

و بينما يُطلب من العالم غسل أيديهم لمكافحة الوباء، أشارت الأمم المتحدة إلى أن حوالي مليارين شخص في العالم لا يحصلون على مياه للشرب، وأن أكثر من نصف سكان العالم محرومون من شبكة الصرف الصحي الآمن، و لتنزيل الهدف الانمائي السادس و المتعلق بالمياه النظيفة والصرف الصحي حذرت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية في تقريرها العالمي الجديد عن تنمية الموارد المائية موضوع المنشور الذي تم توزيعه في يوم المياه العالمي، من تدهور الظروف بسبب تغير المناخ، مما يؤثر على توافر ونوعية وكمية المياه اللازمة للاحتياجات الأساسية.

و يحذر التقرير من أن مثل هذه النكسة يمكن أن تعوق الهدف السادس من خطة التنمية المستدامة لعام 2030، والذي يهدف إلى ضمان الوصول إلى مياه الشرب والصرف الصحي للجميع في غضون عشر سنوات أعوام، كما يتذكر أن الصابون والماء ضروريان لاحتواء انتشار الفيروس، بالإضافة إلى الأمراض المعدية الأخرى.

و يؤكد الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة:”إذا اتخذنا الإجراء الصحيح، فإن الانتعاش يمكن أن يتخذ مسارًا أكثر استدامة وشمولاً، ولكن إذا كانت السياسات منسقة بشكل سيئ، فمن المرجح أن تستمر التفاوتات غير المستدامة بالفعل وتتفاقم أكثر “

و من الممكن أن تؤدي أزمة كورونا إلى ارتفاع معدل البطالة عبر العالم و إلى عطالة حوالي خمسة و عشرين مليون شخص عن العمل في جميع أنحاء العالم، حيث توقعت منظمة العمل الدولية انخفاض دخل العمال في هذه المرحلة العصيبة، و لتحقيق الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة و المتعلق بالعمل اللائق والنمو الاقتصادي حذر المدير العام لمنظمة العمل الدولية من الأرقام المذهلة التي تبرز مدى تأثير فيروس كورونا على انتشار البطالة و تشريد المزيد من اليد العاملة، مشيرا إلى أن “شخص واحد فقط من بين كل خمسة أشخاص” يمكنه الاستفادة اليوم من إعانات البطالة، ووفقا له، هناك فرصة لإنقاذ ملايين الوظائف إذا عملت الحكومات على “ضمان استمرارية العمليات التجارية، وتجنب تسريح العمال وحماية العمال الضعفاء”. وطالب المدير التنفيذي بدعم الدخل الفردي للعمال، وتعزيز الإعفاءات الضريبية للعاملين لحسابهم الخاص، والدعم المالي للشركات، ودعا إلى “إجراءات حاسمة على المستوى المتعدد الأطراف”، دعماً للتدابير المتخذة على المستوى الوطني.

و في اطار تحقيق الهدف الانمائي العاشر من أهداف التنمية المستدامة و المتعلق بالحد من التفاوتات، حذر الأمين العام لهيئة الامم المتحدة من عدم إتخاذ الإجراء الصحيح، خصوصا في هذه الفترة الحرجة، حتى يمكن للانتعاش الاقتصادي و الاجتماعي أن يتخذ مسارًا أكثر استدامة وشمولية، مؤكدا على أنه إذا كانت السياسات منسقة بشكل سيئ، فمن المرجح أن التفاوتات غير المستدامة قد تترسخ وتتفاقم في الوقت الراهن.
و تهدف خطة الاستجابة الإنسانية العالمية التي أطلقتها هيئة الأمم المتحدة إلى مساعدة “المتضررين للغاية” تحت إشراف مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، و تدعم هذه الخطة منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) والمنظمة الدولية الهجرة و المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

و أعرب فيليبوغراندي المفوض السامي لشؤون اللاجئين عن قلقه بشأن عواقب إغلاق الحدود على الفارين من النزاع خصوصا على الحدود التركية اليونانية و التركية السورية وأكد أن هذه التدابير يجب ألا يكون لها أثر إغلاق طرق الوصول إلى أنظمة اللجوء، ولا إجبار المدنيين على العودة إلى حالات الخطر.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة في حديثه عن تحقيق الهدف الانمائي الثالث عشر من أهداف التنمية المستدامة و المتعلق بمكافحة تغير المناخ، أنه للتغلب على الوباء والخروج أقوى من هذه الأزمة: “لدينا إطار عمل متمثل في خطة التنمية المستدامة لعام 2030 لهيئة الأمم المتحدة واتفاق باريس بشأن تغير المناخ”لذا “يجب أن نحافظ على وعودنا للناس وللكوكب”.

وفي مواجهة “العدو المشترك”كوفيد19، دعا جوتيريس المتحاربين حول العالم بـ “وقف فوري لإطلاق النار”، في نظره.

إن وقف الأعمال العدائية، “في كل مكان والآن”،لأمر أساسي لإنشاء العلاقات الإنسانية، وإعطاء الدبلوماسية الموازية فرصة، وجلب الأمل إلى بعض الأماكن الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس التاجي، وهذا الأمر أصبح أكثر إلحاحًا نظرًا لأنه تم الإبلاغ عن أول حالة إصابة في سوريا يوم 22 مارس 2020 مما أدى الى ارتفاع عدد الحالات الى 19 حالة اصابة و حالتي وفاة الى حدود كتابة هذا المقال، وهي دولة دمرتها الحرب لأكثر من تسع سنوات، وتم التعرف على حالات اصابة أخرى في أفغانستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وليبيا و كل هذه الجهود المبذولة تدخل في إطار تنزيل الهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة و المتعلق بالسلام و العدل و المؤسسات القوية مثل خطة التنمية المستدامة لعام 2030، تتطلب مكافحة فيروس كورونا المستجد شراكات فعالة بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية والمحلية وهو ما تسعى الى تحقيقه هيئة الامم المتحدة من خلال تفعيل الهدف الانمائي السابع عشر من أهداف التنمية المستدامة، و تجلى ذلك من استعداد الحكومة الصينية لتقلي المشورة و الخبرة الدولية باعتبارها أول دولة متضررة و بذلت جهودا مبهرة لمكافحة الوباء مبهرة، حيث نجحت إجراءات الكشف والفحص وكذلك القيود على الحركة في وقف انتشار الفيروس بنجاح. تنسيق و تعاون و شراكة دائمة مع منظمة الصحة العالمية ساعد على تقدم المعرفة بالفيروس وساعد جميع الدول المتضررة على حماية سكانها و على السيطرة على انتشار الفيروس، حيث مع تأكيد الحالات في أكثر من 180 دولة الآن، أصبح العمل الجماعي والتضامن أكثر أهمية من أي وقت مضى.

وبروح التضامن،التزم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالعمل مع البلدان والمجتمعات حول العالم لمكافحة الوباء، وفي الصين، قدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الدعم الكامل للسكان والحكومة ، بالعمل مع السلطات المختصة لتقديم الدعم في حالات الطوارئ ودعم شراء اللوازم الطبية الأساسية.

و استجابة لحالات الطوارئ قدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي المعدات الأساسية للحد من خطر الإصابة بالعدوى التي يواجهها العاملون في الخطوط الأمامية للمعركة، بما في ذلك مضخات التسريب وأنظمة مراقبة المرضى المرضى والدعاوى الواقية، كما أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حملة على وسائل التواصل الاجتماعي حتى يكون لدى الجميع المعرفة التي يحتاجونها لحماية أنفسهم بشكل صحيح. وبفضل أكثر من 27 مليون مشاهدة، حشدت الحملة مستخدمي الإنترنت لتبادل معلومات منظمة الصحة العالمية بأكثر من 40 لغة.

و لم يكن المغرب بمنأى عن التداعيات السلبية لفيروس “كورونا”، في ظل التنامي المستمر لتأثيرات انتشار الفيروس على اقتصادات دول العالم، حيث سارعت الحكومة المغربية وبنك المغرب لاتخاذ عدة تدابير وإجراءات احترازية لمحاربة الكسادو لاحتواء التداعيات السلبية للجائحة بطرق ناجعة و سريعة.

و كان المغرب قد أعلن يوم 19 مارس 2020 حالة الطوارئ الصحية وتقييد الحركة في البلاد، حتى أجل غير مسمى، في إطار الإجراءات المتخذة لمنع انتشار كورونا، بعد أن اتخذ في وقت سابق قرارا بتعليق جميع الرحلات الجوية من و الى مجموعة من الدول الاوروبية كانت ايطاليا و اسبانيا في البداية و تلتها تجميد الرحلات الجوية الى هولندا بلجيكا و المانيا و جميع دول أمريكا الشمالية.

ومنذ بداية تسجيل حالات الاصابة بفيروس كورونا في المغرب، سارع الاتحاد العام لمقاولات المغرب إلى اقتراح مجموعة من الإجراءات للتخفيف من التأثير السلبي لانتشار الفيروس على الاقتصاد المحلي عبر تعليق آجال تسوية الوضعية الضريبية للمقاولات الصغرى والمتوسطة، وطالب الاتحاد في رسالة وجهها إلى الحكومة المغربية،بـ”توقيف اقتطاع استحقاقات البنوك، بالنسبة للمقاولات والأفراد المتضررين، خاصة المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة”.

وطالب الاتحادبـ”وضع نظام للتعويض على فقدان العمل بالنسبة للعمال ذوي الأجور المتدنية”؛ ودعا إلى “إنشاء صندوق لدعم القطاعات المتضررة، وإعلان فيروس كورونا، كحالة قوة قاهرة، فيما يخص الصفقات العمومية”.

و كان قد صدر في الجريدة الرسمية قرار حكومي يوم 17 مارس 2020، تم بموجه إحداث صندوق مالي بمبلغ مليار دولار، لـ”التكفل بالنفقات المتعلقة بتأهيل الآليات والوسائل الصحية”.أطلق عليه “صندوق كورونا”، هذا الصندوق الذي سيدعم “الاقتصاد الوطني، من خلال مجموعة من التدابير التي ستقترحها الحكومة، لا سيما فيما يخص مواكبة القطاعات الأكثر تأثرا، بفعل انتشار فيروس كورونا كالسياحة، والتخفيف من التداعيات الاجتماعية لهذه الأزمة”.

وأعلنت الحكومة المغربية، إنشاء “لجنة اليقظة الاقتصادية” لمواجهة انعكاسات وباء فيروس “كورونا المستجد” على الاقتصاد، وتحديد الإجراءات المواكبة، بتنسيق من وزير المالية محمد بنشعبون، وممثلون من سبع وزارات وممثل عن البنك المركزي، واربع منظمات مهنية متعلقة بالبنوك والمقاولات والصناعة والتجارة.
وتشمل الإجراءات المتعلقة بالضريبة، والتي أقرتها السلطات المغربية، “استفادة الشركات التي تقل معاملاتها للسنة المالية الماضية،عن 20 مليون درهم من تأجيل وضع التصريحات الضريبية حتى نهاية شهر يونيو 2020”.،بالاضافة الى “تعليق المراقبة الضريبية، للشركات الصغرى والمتوسطة، حتى 30 يونيو 2020”.

و في إطار التدابير الاحترازية الرامية إلى الحد من انتشار فيروس كورونا كانت وزارة التربية الوطنية قد دعت إلى توقيف الدراسة بجميع الأقسام والفصول، انطلاقا من يوم الاثنين 16 مارس 2020.

ومع توقيف الدراسة في جميع المراحل، بات التلاميذ المغاربة ملزمين بالبقاء في منازلهم، ومتابعة دروسهم عن بعد عبر “القناة الرابعة” واستعمال منصات إلكترونية تابعة لوزارة التربية الوطنية لتحميل دروس مختلف المستويات الدراسية.

و تمت الاستعانة بالقناة الرابعة لإيصال الدروس إلى تلاميذ القرى الذين لا يتوفر لديهم الإنترنت والحواسيب لمتابعة دروسهم عن بعد، فيما تسابقت الأطقم التقنية الزمن لبناء المضامين التعليمية الرقمية، و إغناء المنصة الرقمية بالمئات من الدروس التي سيستفيد منها التلاميذ عن بعد، و تحت إشراف أطرهم التربوية و التعليمية، على أساس أنه “بعد استئناف الدراسة سيستفيد التلاميذ من برامج للدعم حتى يتمكنوا من اجتياز الامتحانات المبرمجة في تواريخها”.
و يعتبر المغرب نموذجا على الصعيد العربي والإفريقي و الدولي في تنزيل أهداف التنمية المستدامة في زمن كورونا وتجاوزالأزمة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي خلقها فيروس كورونا المستجد بالمغرب، فبالرغم من أن عدد الوفيات فاق 120 حالة وفاة و عدد المصابين تعدى عتبة 2000 لحدود كتابة هذا المقال فقد قام المغرب بخلق مجموعة من المبادرات ذات الوقع الاجتماعي عبر تخصيص الدعم المالي للأسر ضحايا ازمة كورونا و الذين يشتغلون في القطاع غير المهيكل، و الذين يتوفرون على بطاقة التغطية الصحية راميد،على المستوى الصحي تم نهج بروتوكول علاجي يعتمد على دواء الكلوروكولين رغم قلته على المستوى العالمي إلا أن المغرب كان إستباقيا في هذه النقطة و وفر مخزونا من هذا الدواء الذي أعطى نتائج ايجابية في معالجة داء كوفيد 19 و رفع من نسبة المتعافين التي فاقت 100 شخص متعافي، و يبقى أكبر رهان رفعه المغرب في هذه المرحلة التاريخية هو اعتماد التدريس عن بعد لضمان استمرار العملية التعليمية التعلمية في فترة الحجر الصحي.

*محمد بنعبو: رئيس المكتب الوطني لجمعية مغرب أصدقاء البيئة

كلنا خبراء

]]>
https://alouatan.net/?feed=rss2&p=450 0
كورونا و الاحتفال الذهبي بيوم الأرض العالمي (تتمة) https://alouatan.net/?p=425 https://alouatan.net/?p=425#respond Sat, 11 Apr 2020 23:22:48 +0000 http://alouatan.net/?p=425

كــورونــا و الاحتفــال الذهبــي بيــوم الأرض العـالمــي

(تتمة)

بقلــم : محمـــد بنعبـــو

ولد يوم الأرض العالمي، الذي يحتفل به اليوم مئات الملايين من الناس حول العالم،في الولايات المتحدة الامريكية في وقت كانت فيه الاحتجاجات الاجتماعية على قدم وساق و تعزز بها الوعي البيئي.
و في أوائل عام 1969، حدث انسكاب ما يعادل 100 ألف برميل من النفط المتسخ بالسواحل المقابلة لسانتاباربارا بكاليفورنيا، مما تسبب في أضرار بيئية خطيرة دمرت الحياة البحرية للمنطقة، حيث تمت تغطية هذا الحدث على نطاق واسع من طرف الإعلام العالمي، الشيء الذي خلف صدمة كبيرة لدى الأمريكيين.
في نهاية عام 1969، كان لدى السناتور نيلسون وطالب القانون في جامعة هارفارد ،دينيسهايز، فكرة تنظيم يوم للاحتفال بالطبيعة والأرض،و انضم اليهم الممثل الجمهوري التقدمي بيت ماكلوسكي.
“إنهم يريدون تشجيع الطلاب الأمريكيين أولاً وأولئك من جميع أنحاء العالم بعد ذلك على إقامة مشاريع توعية بيئية في مجتمعاتهم” يجيب نيلسون الذي استلهم مجموعة من الافكار منحركة المعارضة لحرب فيتنام بقيادة الشباب.
و تم الاحتفال في 22 أبريل 1970 بـ “يوم الأرضالعالمي” الأول في الولايات المتحدة، ووفقًا للمنظمين، شارك حوالي 20 مليون أمريكي في الحدث بطريقة أو بأخرى، سواء من خلال النزول إلى الشوارع أو تنظيم ورشات عمل أو حضور المؤتمرات و الملتقيات العلمية.
في نيويورك، على سبيل المثال، تظاهر الآلاف من الطلاب أمام حركة السيارات، حيث تجمع أنصار البيئة، في ساحة الاتحاد مع تصميم نحتت ضخم من المتلاشيات، و في فيلادلفيا و واشنطن و بوسطن تم تنظيم تجمعات طلابية كبيرة.
هذا الحدث كانت له تداعيات سياسية، حيث أنشأت إدارة نيكسون في نفس العام وكالة حماية البيئة الأمريكية، بعد العديد من الطلبات لتشكيل مثل هذه المنظمة، كما تبنى المسؤولون المنتخبون قوانين في السنوات الموالية لحماية الهواء والماء والأنواع المهددة بالانقراض،وقامت دول مثل كندا بتنفيذ تدابير مماثلة.
لمدة خمسين عامًا ، لا يزال يوم الأرض العالمي ظاهرة أمريكية كندية بشكل أساسي، حتى إذا كانت المشكلات البيئية مثل الأمطار الحمضية أو تدمير طبقة الأوزون أو كارثة تشيرنوبيل النووية قد تسببت خلال الثمانينيات صحوة جديدة للمسألة البيئية.
ففي عام 1990 أصبح يوم الأرض حدثًا عالميا بعد جهود التعبئة التي قام بها دينيسهايز،بعد حشد حوالي 200 مليون شخص في 141 دولة بما في ذلك كندا.
في أعقاب هذه الحركة عقدت قمة الأرض في عام 1992 في ريوديجانيرو بالبرازيل، مع تزايد إدراك فئات هامة من السكان لهشاشة الكوكب و لأهمية إعادة تدوير السلع الاستهلاكية وإعادة استخدامها.
في عام 1995 تم الاحتفال بيوم الأرض العالمي لأول مرة في العاصمة مونتريال كيبيك كندا،بتنظيم مجموعة من الأنشطة لزيادة الوعي بالقضايا البيئية.
سنة 2000 كانت سنة التحديات المرتبطة بالطاقات النظيفة والاحترار العالمي وأسلوب الحياة غير المستدام في المجتمعات الصناعية جذبت الانتباه خلال أيام الأرض، كما يسهل وصول الإنترنت نشر المعلومات والتعبئة.
سنة 2009 اعترفت الأمم المتحدة يوم 22 أبريل “بيوم الأرض العالمي”، و هكذا أصبح يوم الأرض أهم حدث بيئي تشاركي على وجه الأرض، حيث حشدت هذه السنة إصدارات يوم الأرض حوالي مليار شخص في 192 دولة، وفقًا للمنظمين الذين يعملون مع شبكة يوم الأرض، و التي تشرف على الأنشطة في جميع أنحاء العالم، بتعاون مع 50000 منظمة ومؤسسة شريكة لهذا الحدث.
في عام 2012، وفقا للمنظمين، شارك ما يقرب من 250000 شخص في المسيرة من أجل البيئة في وسط مدينة مونتريال الكندية، والتي تزامنت مع إضراب الطلاب، ومع ذلك، كما أشارت وسائل الإعلام، يعترض البعض على التداعيات الحقيقية للحدث العالمي، و كيفما كان الحال يرى البعض أن “يوم الأرض العالمي” يبقى يوما واحدًا فقط في السنة و يقلل من أهمية القضايا البيئية، بينما يحتوي التقويم على “أيام” عديدة مخصصة لسبب أو لآخر، أما بالنسبة للآخرين الذين يرون نتائج جانبية إيجابية، فيساعد هذا الحدث العالمي على زيادة الوعي الكوني بأهمية المحافظة على كوكب الارض بخطوات صغيرة في المنزل وفي المجتمع.
يشير دينيسهايز، الذي لا يزال يعمل في تنظيم يوم الأرض، إلى أنه منذ عام 2000 أثار السؤال البيئي الانقسام أكثر من أي وقت مضى، من خلال معارضة دعاة حماية البيئة الذين يدقون جرس الإنذار وقال أن الحكومات تحاول التقزيم من حجم المشاكل البيئية، في مقابل ذلك تقوم بتشويه سمعة البيانات العلمية وحماية مصالح الشركان و اللوبيات التي تستثمر في الوقود الأحفوري.
يعتقد هذا الأخير أنه من المرجح أن يشارك الأفراد ولا يتخذوا إجراءات إلا إذا أدركوا كيف يؤثر التلوث أو تغير المناخ بشكل مباشر عليهم وعلى أسرهم، وقال: “الناس يهتمون بمستقبل الكوكب، لكنه يظل مفهومًا مجردًا”.
في الشهر الماضي تظاهر الآلاف من الشباب من جميع أنحاء كيبيك أمام الجمعية الوطنية لدعوة المسؤولين الإقليميين والمنتخبين للاستثمار في البيئة ومكافحة تغير المناخ.
وقالت لورا بيرغامو، المتحدثة باسم المجموعة التي نظمت التجمع “نريد من صناع القرار لدينا اتخاذ إجراءات ملموسة وفوق كل شيء ، ليصبحوا على دراية بحالة الطوارئ المناخية”.
“دعونا نتوقف عن التجول في الدوائر المغلقة الآن”؛ هذا هو شعار الحدث، الذي أراد المنظمون الحفاظ عليه بروح “احتفالية وحيوية”، مع احترام الجميع، وتقول بيرغامو إنه حتى إذا تم استهداف الشباب بشكل مباشر، فإن جميع الفئات العمرية مرحب بها.
و يتكون التحالف من بضع عشرات من المنظمات البيئية في مقدمتها غرينبيس كيبيك و حركة شباب من اجل المناخ و شباب البيئة و كبييك للطبيعة والنقابات الوطنية، وتم تأسيس التحالف في مطلع عام 2019، استعدادًا ليوم الأرض العالمي.
“اعتقدنا أنه كان موعدا موحدا ورمزيًا للغاية لجمع المواطنين والمنظمات والشباب، لذا التقينا جميعًا قبل بضعة أشهر لتنسيق تعبئة كبيرة للبيئة” تضيف لورا بيرغامو، المتحدثة باسم اللجنة المنظمة للحدث.
تحدث خلال المظاهرة حوالي 13 شابًا ملتزمًا “من جميع أنحاء كيبيك” “لتوصيل رسالتهم وصياغة أولوياتهم ومطالبهم” إلى حكومة الائتلاف التذكاري في كيبيك، وقال المتحدث “الفكرة هي إعطاء كل هؤلاء الشباب من جميع أنحاء المحافظة الفرصة للتعبير عن أنفسهم”.
تم إنشاء نظام مكوكي من مدن ساغوناي ومونتريال وشيربروك وتروا ريفييروغاتينو للسماح للطلاب والمواطنين الشباب بحضور المظاهرة في العاصمة الوطنية مونتريال، وقالت “سيتم تعويض جميع الانبعاثات الناتجة عن الحافلات عن طريق زراعة الأشجار”.
في وثيقة تم نشرها للترويج لهذا الحدث، أصر أليكسرولمان،أحد المشاركين في المظاهرة، على أنه “إذا لم نعبئ الجميع بسرعة، فإننا سنكون جميعًا قد أخطأنا”.ويضيف: “علينا أن نحشد، هنا والآن، وإلا فإننا سنصمت إلى الأبد وأن نقبل بمعرفة كاملة بحقيقة أن الفوضى ستطلق العنان، مما يؤدي إلى تفاقم عدم المساواة مرارًا وتكرارًا”.
بالموازاة مع ذلك كانت قد دعت ما يقرب من 400 منظمة مجتمعية في كيبيك أعضاءها للتعبئة من أجل المناخ خلال المظاهرات التي جرت في مونتريال وشيربروك وفي جميع أنحاء المقاطعة يوم 27 ابريل 2019
في مونتريال، زرعت وزيرة الصحة دانييلماكان شجرة خارج مستشفى سانت ماري، مما شجع المواطنين على اتخاذ إجراءات لمكافحة تغير المناخ بشكل أفضل، مؤكدة على أن المساحات الخضراء كان لها أيضًا تأثير على صحة الناس،من خلال الحد من التوتر والقلق.
السنة الفارطة كان قد تم التخطيط لحوالي 350 نشاطًا فعليا و من جميع الأنواع عبر ربوع اقليم كيبيك، و هذه السنة سيقتصر الاحتفال على المجال الافتراضي بسبب دخول نصف ساكنة كوكب الارض في الحجر الصحي بسبب اجتياح فيروس كورونا اكثر من 180 دولة عبر العالم.

تمت

]]>
https://alouatan.net/?feed=rss2&p=425 0
كورونا و الاحتفال الذهبي بيوم الأرض العالمي (1) https://alouatan.net/?p=419 https://alouatan.net/?p=419#respond Sat, 11 Apr 2020 23:01:18 +0000 http://alouatan.net/?p=419

كــورونــا و الاحتفــال الذهبــي بيــوم الأرض العـالمــي

(1)

بقلــم : محمـــد بنعبـــو

 

كلما حل الأسبوع الاول من شهر أبريل و طيلة سنوات الدراسة بالعاصمة مونتريال بكندا، كنا نعيش أجواء احتفالية كسائر الآلاف من الطلاب الشباب من جميع أنحاء كيبيك تخليدا ليوم الأرض العالمي، تظاهرات شبابية مليونية تجوب بطرق احتفالية الشوارع والمنتزهات الطبيعية و الحدائق الكبرى بالعاصمة الاقتصادية، و على مدار أيام الأسبوع الأخضر مؤتمرات وندوات طلابية و ورشات عمل للأندية البيئية في كل المدارس العليا و الجامعات.
قبل من ثمان سنوات و بالضبط يوم الأحد 22 أبريل الذي كان يوما تاريخيا بكل المقاييس، واستجابة للدعوة إلى التطوع و المشاركة في يوم الأرض العالمي في نسخته الثانية والأربعين في مونتريال الكندية، لبيت النداء كعشرات المتطوعين و كمئات الالاف من المشاركين، مجموعة من القضايا البيئية الكبرى كبروتوكول كيوتو، غاز الشيست، الرمال النفطية، حماية النظم البيئية و حتى التعليم، كانت كافية تلك اللحظة التاريخية لتشجيع الشباب بصفة عامة والطلاب بصفة خاصة للمشاركة في تشكيل شجرة بشرية كبيرة بفضاء حديقة جان مانس.
في بداية فترة ما بعد الظهرمن نفس اليوم، كانت ساحة الفنون وساحة المهرجانات تفيضان بأمواج شبابية، وكان الجو أكثر احتفالية حيث ظلت المسيرة سلمية حتى النهاية، وعلى صوت أبراج الكنيسة في الساعة الثانية بعد الظهر تماما، قام المبدع فريدريك باك بزرع شجرة بلوط في الحديقة حيث سيتجمع مئات الالاف من الشباب لاحقًا، و في الوقت نفسه، هز موكب شبابي شارع ديبلوري وسط مونتريال في اتجاه المنتزه الطبيعي مونرويال.
و في حديقة جان مانس، كنت ضمن 800 شابة و شاب تطوعوا لتوجيه المشاركين في المسيرة لإعادة تشكيل يد بشرية كبيرة، التي ستتحول فيما بعد الى يد متحركة و الى شجرة بشرية ضخمة متحركة.
كنت من بين الشباب الذين وقعوا على إعلان 22 أبريل الذي كتب لهذه المناسبة، البيان الذي يدعو حكومة أوتاوا إلى المشاركة “الكاملة” في بروتوكول كيوتو وفي مكافحة تغير المناخ، و يدعو حكومة اقليم كيبيك إلى تبني استراتيجية حقيقية تهدف الى تطوير الموارد الطبيعية واعتماد موارد الطاقة النظيفة مع احترام البيئة والناس.
بعد ثماني سنوات و بشكل استثنائي، عطل انتشار الفيروس التاجي كورونا هذه السنة التخطيط للذكرى السنوية الخمسين في العاصمة مونتريال لإقليم كيبيك بكندا، والتي كان من المقرر إجراؤها في شهر أبريل الحالي،عبر عقد العديد من الأنشطة التوعوية والتحسيسية و المسيرات الطلابية و مسيرة الشباب من أجل المناخ، ولكن على الرغم من كل شيء، سيتعين على يوم الأرض العالمي أيضًا استكشاف طرق أخرى للاحتفال، دون تجاهل الدعوة للعمل البيئي، عبر تصور سيناريوهات أخرى.
“نحن نبحث عن صيغة لن تكون فقط عبر الإنترنت، من ناحية أخرى، من المؤكد أن تغيير العادات من المنزل، في الحجر الصحي، سيكون في قلب تدخلنا، “يوضح مدير عام اليوم العالمي للارض بيير لوسيرلميترو.
ويؤكد لوسيرلميترو أن مجموعته ترغب في المشاركة الكاملة في التفكير المحيط بـفيروس كورونا من المنظور البيئي: “نريد الخروج من هذه الأزمة بخلاف الطريقة التي دخلنا بها، و نأمل أن يكون ضوء 22 أبريل قليلاً في نهاية النفق، نريد أن نكون هذا الزخم للذهاب نحو النور.”
لجأ فريق لوسير إلى عامة الناس يوم الاثنين الماضي على مواقع التواصل الاجتماعي لتخزين “نصائح الاحتفال يوم الأرض العالمي في المنزل”،حيث سيكون الهدف هو “تحويل لحظة التباطؤ هذه” إلى فرصة “للاحتفال بكوكبنا بطريقة مختلفة” و “سيكون حدثا مختلفا عما شهدناه في الماضي، نحن لا ننظر فقط إلى خطة، لدينا عدة سيناريوهات.” يضيف بيير لوسير.
و سيتم عبر هذا الاحتفال الافتراضي تسليط الضوء على سلسلة من الإجراءات الملموسة التي يمكن للمواطنين المشاركة فيها في الجماعات و الادارات العمومية و المكاتب والشركات الخاصة على الانترنيت. و يضيف الشخص الذي دعا إلى حماية البيئة منذ أكثر من 30 عامًا:”نريد أن نشجع الناس على الالتزام بأفعال يمكنهم اتخاذها في نهاية المطاف، عندما تكون أزمة كورونا قد أصبحت وراءنا “.

وتضيف كاثلين روجرز رئيسة شبكة يوم الأرض بمونتريال التي دعيت للتفاعل:”التعبئة الرقمية العالمية ستكون كبيرة، سواء كان الفيروس التاجي أو أزمة المناخ العالمية لدينا، لا يمكننا التوقف، وبدلاً من ذلك، نحتاج إلى تحويل طاقاتنا وجهودنا إلى طرق جديدة لتعبئة العالم من أجل العمل.”
وتقول كاثلين روجرز رئيسة شبكة يوم الأرض إن “أكثر منصات الوسائط الرقمية ابتكارًا في العالم” ستُستخدم لتعبئة السكان. بالإضافة إلى حملات التواصل الإجتماعي الضخمة، باستخدام علامات التصنيف، تأمل مجموعته في تنظيم “أحداث افتراضية” وتنظيم تكوين تدريبي عن بعد حول القضايا البيئية الحالية.
وتختتم المنسقة حديثها قائلة: “معًا، يمكننا أن نبني يومًا للأرض لا مثيل له، يوم الأرض الذي يحددنا كمجتمع عالمي، متحدًا بتحدياته”.
و كان التحالف الطلابي من أجل التغيير البيئي والاجتماعي قد أعلن الاسبوع الماضي عن إلغاء مظاهرة من أجل المناخ، كان من المقرر عقدها في 3 أبريل في مونتريال، بعدما كان آلاف الأشخاص ومعظمهم من الطالبات، قد صوتوا بالفعل على أوامر الإضراب للمشاركة في المسيرة، بتنظيم مشترك بين منظمة غرينبيس و بلانيت.
و تبقى الصحة العامة على رأس أولويات الاحتفال بيوم الارض العالمي الافتراضي، وهي تبدأ ببيئة صحية،لهذا سوف ينقل التحالف أنشطته الاحتفالية عبر الأنترنت،و سيكون الإضراب المناخي عبر الإنترنت متاحًا للجميع، و سيكون تعاملنا مع الأزمة الصحية الحالية بنفس درجة خطورة أزمة المناخ، مع التركيز على أن الإستماع إلى العلم أمر ضروري في كلتا الحالتين.

يتبع ..

]]>
https://alouatan.net/?feed=rss2&p=419 0