آخـــر الأخبــــــار

المغرب : مائدة مكســورة الرِجــــل! .. بقلم سذي علي ماء العينين

بقلــم : ســـذي علــي مـــاء العينيــن 

المغـــرب : مائدة مكســورة الرِجــــل!

ايام قليلة قبل إنتهاء الفترة المحددة للحجر الصحي، والقابلة للتمديد حسب خريطة الإصابات، و أياما قليلة قبل حلول شهر رمضان المبارك، سيكون المغرب أمام مواجهة وضعية إقتصادية قد تعصف بكل مخططاته و تنبآته و رهاناته لتحقيق معدل نمو يخلق التوازن الإجتماعي والإقلاع الإقتصادي، وهو وضع يشترك فيه مع مختلف دول العالم التي وجدت نفسها في قلب حرب فيروس كورونا،
المغرب يراهن في تحقيق توازنه الإقتصادي على قطاعات حيوية يمكن تحديد أربعة منها تشكل عماد سياسته وهي الصيد البحري والفلاحة والتجارة والسياحة،
قطاعات ارتبطت بإتفاقيات دولية لحقها التعثر بسبب إغلاق الحدود بين الدول،
قطاع الصيد البحري الذي يمكن أن يكون أكبر المستفيدين بسبب الراحة البيولوجية الإجبارية بإكراهات أزمة كورونا.
القطاع الفلاحي الذي يعاني من قلة و ضعف التساقطات المطرية، أمام الطلب المتزايد من السوق الداخلية و من الإتحاد الأوروبي الذي يراهن على المنتجات الفلاحية المغربية.
لكن القطاع الذي أردت أن اخصص له حيزا في مقال اليوم هو القطاع السياحي، هذا القطاع الحيوي الذي يرتكز على السياحة الدولية والداخلية، و اللتان تعانيان من حصار بسبب توقف الملاحة الجوية وخطوط الطيران دوليا وداخليا، و الحجر الصحي الذي فرض إغلاق المدن و منع التنقل.
وضع لا يرتبط فقط بفترة الحجر الصحي، بل ينضاف له شهر رمضان الذي يعرف توقفا للنشاط السياحي.
و بالنظر إلى ما تعرفه دول العالم من صراع مع وباء كورونا وفي مراحله الأولى سيكون من الحلم توقع اي إنتعاشة للقطاع السياحي قبل منتصف السنة المقبلة على ابعد تقدير،
قطاع السياحة الذي شغل سنة 2018 بصفة مباشرة 000 548 عامل وعاملة و حققت عائداته من العملة الصعبة في نفس السنة ما يقارب 73,2 مليار درهما أي بنسبة إسهام في الناتج المحلي الخام تناهز 7 ٪؜ ، سيكون لأول مرة في تاريخ البلاد أمام إغلاق شامل وشلل كامل، مما يندر بأزمة أكبر بكثير من أزمة الخليج،
وضع ليس بالسهل ولا بالهين، ففي الوقت الذي قامت الدولة بعملية إستباقية لتغطية العجز المرتقب من العملة الصعبة عبر مسطرة الإقتراض ،
فإن نصف مليون من المشتغلين بالقطاع و منشآتهم الفندقية والمطعمية و القطاعات المرتبطة بها من نقل و صناعة تقليدية و شركات التموين، و شركات التنشيط و الحراسة و التنظيف و المهرجانات و الملتقيات و…
كلهم يعيشون من الآن عطالة مفتوحة ستسبب بكل تأكيد تسريحا لفئة من العمال غالبيتهم غير مسجلين بالضمان الإجتماعي، أو مرتبطين مع المشغل بعقد عمل سيفسخ بمبررات توقف النشاط السياحي،
كما أن أرباب المؤسسات السياحية سيجدون أنفسهم أمام عجز كلي عن تسديد الضرائب المتراكمة واقساط الديون المرتبطة بالأبناك، ناهيك عن إلغاء الحجوزات.
وضع سيمس نصف مليون عامل ومشغل، وسيمتد ليمس أسرهم، كما سيمتد ليمس قطاع السكن بين عجز عن واجب الكراء إلى تسديد أقساط الابناك لسلفات السكن،
قد تعود قطاعات كثيرة إلى العمل بعد الحجر الصحي، وبعد انتهاء الازمة وطنيا وحتى دوليا، لكن ما هو مؤكد ان القطاع السياحي ستطول ازمته.
و سيحتاج الكثير منا للوقت حتى يفكر في قضاء عطلة بمكان ما، والحال ان مجرد الخروج للتسوق بعد الحجر والجلوس بمقهى الحي في حد داته سياحة!!
لذلك فبنفس القدر الذي نحس بإعتزاز ان هذا القطاع ملتزم بقرارات الدولة ويعاني في صمت عكس قطاعات ابانت عن جشع و تسابق للإستفادة من صندوق كورونا، فإن من الواجب ان نفتح نقاشا هادئا حول آفاق هذا القطاع وسبل إحتواء ازمته الحالية و المستمرة لشهور قادمة،
إن بلدنا عبارة عن مائدة يشكل القطاع السياحي احد ارجلها، وإنكساره معناه ان المائدة ستفقد توازنها وقدرتها على حمل ماعليها.
الدولة مطالبة لفتح نقاش هادئ مع ممثلي هذا القطاع حتى نتمكن جميعا من التخفيف من حدة مخلفات هذه الأزمة و التفكير في إعادة هيكلة القطاع ووضع إستراتيجيات واقعية بعيدة عن الترقيع و جعل فترة التوقف هذه مناسبة لتمكين القطاع من آليات المنافسة والجودة و التنافسية.
فهل تعتبرون؟

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *